فن وثقافة
مهرجان جمعية الفيلم السنوي يحتفي بمئوية فؤاد المهندس
الجمعة 07/يونيو/2024 - 02:35 م
طباعة
sada-elarab.com/727901
محمد المهندس: ثورة يوليو والزعيم جمال عبد الناصر أوقدت شعلة الفن فابدع الاستاذ ومن حوله الفنانين
نظم مهرجان جمعية الفيلم السنوي، ضمن فعاليات يوبيله الذهبي، مساء امس الخميس 6 يونيو، ندوة للاحتفال بمئوية الفنان الكبير فؤاد المهندس، وشهدت توقيع كتاب مهندس البهجة للكاتب وليد الخشاب، بحضور نجله محمد فؤاد المهندس، وأدار اللقاء مصطفى الطيب.
رحب مصطفى الطيب بالحضور "في دورة يوبيله الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم المُقام ، تحت شعار تحيا المقاومة.. لتحيا فلسطين، نجتمع للاحتفال بمئوية العبقري فؤاد المهندس وتوقيع كتاب (مهندس البهجة) للكاتب وليد الخشاب الصادر عن دار نشر المرايا، ورحب بـ محمد فؤاد المهندس، نجل النجم الراحل".
وأوضح الطيب أن الكتاب مقسم لخمسة فصول، قائلا لوليد "تتناول في الكتاب السياق السياسي والمجتمعي في مصر، وكيف مهدت الظروف في تلك الفترة أن يصبح فؤاد بهذه النجومية، وساأله عن سبب اختياره للعنوان".
وعلق وليد "سعيد بوجودي معكم وبوجود دينا قابيل من دار النشر. حبي لفؤاد المهندس عمره حوالي ٥٥ سنة، وعندما قررت أكتب الكتاب فكرت في أكثر من سبب يدفعني لذلك، ويمكن لم أصل للأسباب إلا بعد ظهور الكتاب للنور، وواحد من الأسباب أن وعمري ٣ أو ٤ سنين أنه كان نجم الكوميديا المفضل بالنسبة لي، وفهمت عندما كبرت أنني أتوحد مع فؤاد المهندس بصورة كبيرة، ومع فكرة المربي الذي يرفع من حوله ولا يخشى من نجاحهم".
وتابع "عندما أطلقت على الكتاب اسم (مهندس البهجة) كان بعد نقاش مع المسؤولين عن دار المرايا، وكان في ذهني فكرة الهندسة، فما يميز فؤاد المهندس كممثل ومخرج وشخصية في المجال العام أن كل شيء مرتب بداية من حركة جسمه حتى تفاصيل ظهوره إعلاميا وإخراجيا في السينما والمسرح، وكما أقول في مقدمة الكتاب فكرة الهندسة المجتمعية، فؤاد ظهر مع ثورة ١٩٥٢ الثورة بالتوازي مع ظهور جمال عبدالناصر الذي أصبح نجم في العالم العربي والعالمي حيث ساعد الدول في التحرر من رتق الاستدملر وأصبح رمز التحرر الوطني في العالم العربي، والعالمي وفؤاد أصبح رمز إنتاج الكوميديا في الدول المتحررة حديثا هذه المكانة مرتبطة بمشروع لهندسة المجتمع بصورة حديثة".
وعاد مصطفى الطيب للحديث، موجها سؤاله لنجل فؤاد المهندس: "هو معروف ككوميديان، ومحبوب وكان صديق لكل نجوم جيله ولكن لا نعرف حياته الشخصية، وهو يمثل جزء من نشأتنا وأسرتنا أكثر منه ممثل يؤدي أدوارا، فما هو أول رد فعل يقوم به الناس معك عندما يعرفون انك ابن فؤاد المهندس؟"
وأجاب محمد "أشكرك جدا أستاذ مصطفى وأشكركم أجمعين وأشكر جمعية الفيلم وأستاذ وليد. أول صدى عندما يعرف الناس أنني ابن الأستاذ، وأقول عنه الأستاذ لأنني لا أعرف أن أقول بابا، الناس كانت لا تصدق في البداية، وكنت أقول لهم (أيوة يا جماعة أبويا)، فكانوا يطلبون مني أن أحكي لهم عن فؤاد المهندس الأب والفنان، السنة الماضية أوقف سيارتي شخصا في الساحل الشمالي، وقال لي والدك سوبر ستار، وأفرح أن الناس مازالت تشعر بالفرح عند مشاهدته، وبعد ١٨ عاما على وفاته يتذكرونه، وأشعر بفرح وحب ومشاعر حلوة بداخلي، وكنت أقول له دائما أنا يشرفني يكون أبويا فؤاد المهندس، وكان صاحبي وأخويا وابني، كنا مرتبطين جدا ببعض هو يتعب أنا أتعب، يشعر بالسعادة أشعر أنا أيضا بالسعادة، وكنت أعرف كيف إذا شعر بالحزن أجعله يخرج من هذه الحالة، كلما مر الوقت يزداد شعوري بفقدانه ويوحشني، وكل يوم أقرأ له الفاتحة، كان أب جميل".
ووجه مصطفى الطيب سؤالا لـ وليد الخشاب، بشأن ربطه بين اللاوعي في السينما وصورة فؤاد المهندس، كما أشار إلى أن عادة بعد انفصال أي ثنائي فني يحدث تراجع لهما، لكن هذا لم يحدث في علاقة فؤاد المهندس والفنانة شويكار، فرغم نجاحهما الكبير معا، بعد الانفصال حقق كل منهما نجاحات منفردة، وتوهجا كل على حدا، وكان الراحل متميزا في المسرح والسينما والتليفزيون وظل نجما، وسأله من خلال بحثه لكتابة (مهندس البهجة) على مدار ١٠ أعوام، ما الذي اكتشفه في حياة فؤاد المهندس جعله يصبح هذا النجم الكبير.
وأجاب وليد "لم أعمل في الكتاب على حياته الشخصية، قدر عملي على أفلامه ومسرحياته وشغله في التليفزيون والإذاعة، في رأيي هو عبقري لكن بالنسبة لي كانحياز فكري، عبقريته لا تأتي فقط من كونه يمتلك موهبة ربانية وانتهى الأمر، طبعا هو موهوب ولكن هناك بجانب الموهبة شغل وتخطيط، كمية شغل كبير، الفرق الكبير بينه وبين نجوم آخرين من نفس جيله يتمثل في كمية الشغل والصناعة حتى عندما يظهر أنه (يهزر) ويؤدي حركات بجسمه، كلها أمور مدروسة وكأنه رقص باليه، مثلا عندما كان يغني (يا حبيبي تعالى) أنظروا لحركة فمه، فلم يكن الفرق بينه وبين غيره في خفة الدم ولكن في الصنعة، وقدرته على أن يعمل كأنه صائغ يصمم سوار من الماس، كلها أمور كانت مرتبطة بقدرته على التجدد".
وأشار وليد أنه تحدث عن الأمور السابقة بشكل نقدي في الكتاب، ولفت إلى أن فؤاد كان يمثل الطبقة الوسطى المصرية عبر تاريخها "الناس من هذه الطبقة تتوحد معه لأنه يصاحب تاريخها، كان يتحدث عن مصريته وعلاقته بمصر، لكن ما نعرفه من استقبال الناس له في العالم العربي، أن ليس هناك محب للكوميديا إلا وفي الغالب يعشق فؤاد المهندس، فعشاقه من المحيط للخليج وبين عرب المهجر في الغرب. لكن ما علاقة هذا باللاوعي، في رأيي أفلام فؤاد تبدو هزار وفرفشة وبها براءة، وكل هذا موجود بالفعل ولكنها تعبر عن أفكار في لا وعي المجتمع كله، بشكل لا واعي كان يتكلم عن حضور الأجهزة الأمنية في المجتمع في الفترة التي كان يقدم فيها أفلامه، واتخاذه هذه النوعية في الأفلام كان أمر طبيعي".
وتحدث وليد الخشاب عن علاقته الفنية بالنجمة شويكار، ووصفهما بالثنائي الفني العظيم إلى جانب علاقتهما الإنسانية، مضيفا "كلنا قرأنا عن علاقاتهما بتعقيداتها، وكان فيها فوق وتحت ولها علاقة بالتوافق في الفن والحياة، والعلاقة بينهما ممثلة في مسرحية (بجماليون) التي تم تقديمها في مسرحية (سيدتي الجميلة)، والتي تدور حول شخص يأخذ بنت بثقافة معينة ويشتغل معها بطريقة معينة، حتى تصبح فتاة تخلب ألباب الآخرين، أعتقد أن هذا ما حدث في الحياة، المفروض التلميذة تكون ممتنة ولكن في نفس الوقت تريد الانطلاق بعيدا عن الأستاذ وأعتقد كان هذا سبب المأساة بمعنى ما".
وعن التزامه والخطوط الحمراء في حياته الشخصية، قال محمد فؤاد المهندس: "مواعيده كانت صعبة جدا، يعني إذا كان ميعادنا في السابعة لابد أن أنتظره أسفل المنزل في السابعة إلا ربع، وكان حريص على الذهاب إلى موقع التصوير قبلها بساعتين أو ثلاثة، ويتضايق من تأخير أي فنان، وكان يتشاجر وصوته يرتفع بسبب ذلك، والأستاذ كان لا يحب الكذب وليس لديه لون رمادي، الأمور عنده إما أبيض أو أسود، ويغضب لو كان الأكل في البيت لا يعجبه، (ضاحكا) ممكن يضربنا كلنا، كذلك الترابيزة التي أمامه يجب أن تظل منظمة وفقا للطريقة التي وضع عليها أشيائه، وإذا أخذنا شيء من عليها يجب أن نعيده كما كان موضوعا، هو منظم جدا ولا يحب أن يتدخل أحد في أموره الشخصية".
وتحدث محمد أن علاقته بوالده مرت بأكثر من مرحلة، موضحا "الله يرحمه مشي معي أنا وأحمد ومنة مراحل عديدة، أول مرحلة كانت في ابتدائي كان يضربني (محدش شاف الضرب اللي شفته، وأيده كانت مرزبة)، كان يضربني ويبكي في غرفته، ثم يأتي ليصالحني، كان يعلمنا الغلط من الصح، ويطلب منا أن ننجح أيا كان المجموع، المهم أن ننجح، وفي المرحلة الإعدادية أصبحنا أصدقاء، وكل جمعة أجلس أنا وأحمد ومنة والأستاذ وطنط شوشو، نحكي مشاكل الأسبوع وبصراحة، حتى لو عاكست بنت أقوله، ومن المميزات، أنه جعلنا مع طنط شوشو لو في الصيف نتواجد معهم في التصوير ولو خارجين معهم، وعلمنا المسؤولية والحياة مبكرا، وكيف نواجه الحياة، كيف نصبح رجالا ونعتمد على أنفسنا".
وعن النجوم الذين كان يحبهم فؤاد المهندس، قال نجله إنه كان يحب الفنان عادل إمام والفنان الضيف أحمد، الفنانة شريهان والفنان المنتصر بالله، وحكى "في مسرحية أنا وهو وهي، اختار من بين ٣٩ شخص عادل إمام والضيف أحمد، وشعر بالحزن لرحيل الضيف سنة ١٩٧١، وكان فيه واقعة بعد وفاة الضيف وليس موجودة في الوسط الفني حاليا، الضيف أحمد كان يُخرج مسرحية (الراجل اللي اتجوز مراتي) بطولة سمير غانم وجورج سيدهم، والمسرحية وقفت وذهبا للأستاذ ووافق أن يخرجها بدون مقابل لكن على شرط أن يُكتب اسم الضيف في الإخراج لا اسمه".
وكشف نجل فؤاد المهندس أن والده مر بأزمة في القلب عام ١٩٧٧، بسبب قيام وزير الإعلام وقتها بوقف عرض تمثيلية رمضانية كان يقوم ببطولتها فؤاد المهندس مع شويكار، متابعا "الأستاذ وطنط شوشو اعتادا على تقديم المسلسل الأساسي في رمضان على البرنامج العام، وتم إيقافه بسبب أن طنط شوشو قالت إنها حامل لأنه مسك يدها، ووقتها الأستاذ شعر بالحزن جدا لأنه كان يحب عمله جدا، وأصيب بجلطة في القلب، وبعدها عمل مسرحية (إنها حقا عائلة محترمة) وكان معه جهاز تنظيم القلب".
وعن طلاق فؤاد المهندس شويكار، قال محمد "طبعا كان فيه خناقات بينه وبين طنط شوشو لكن كأبناء لم نتدخل، حتى مع الانفصال لم نتدخل لأن هما علمونا كل واحد حر يقوم بما يريد طالما أنه يرى أن قراره هو الصح".
وقال الكاتب وليد الخشاب إن من الأفضل أن على فؤاد المهندس أنه يمتلك موهبة الإدارة، هو عنده موهبة طبعا ليس فقط في خفة الدم وكونه صنايعي في كوميديا، ولكنه يعرف كيف يدير الامور، يعرف يختار المنتج الذي يتعاون معه ومن يكتب والممثلين، مضيفا "اختياره لشويكار غيّر شكل السينما الكوميدية والسينما بشكل عام، فيه رؤية يمتلكها ويعرف أن فلان سيرتفع معه، مثلا في فيلم (فيفا زلاطا) ظهر عدد كبير من الفنانين، كل واحد طلع مشهد أو اثنين، وبعد عامين أو ثلاثة أصبحوا نجوم كبار، مثل حسن عابدين ومحمد صبحي، ومثلا ترى في هذا الفيلم سمير غانم كما لم تراه من قبل ولا بعد، صحيح شويكار سيدة موهوبة جدا، وكانت ستحقق نجومية بوجودها مع فؤاد أو عدم وجودها معه، لكنها أصبحت بهذا التاريخ بفضل التعاون مع فؤاد المهندس".
وأشار وليد أن فؤاد المهندس أجاد في تقديم مشاهد فيها تهريج وتعتمد على الحركات البدنية والمبالغة، وفي نفس الوقت يقدم حركات مؤثرة جدا، وكان قادر يمثل أدوارا جادة وأدوارا حزينة، ويتحدث بجدية في برنامجه الإذاعي الشهير (كلمتين وبس) ونرى قدرته على مخاطبة الناس، مضيفا "قبل صدور الكتاب كنت في الجامعة الأمريكية وكنت أحاضر عن أفلام فؤاد المهندس منها (سفاح النساء)، وسألت الطلبة ووجدت أن كلهم يعرفون فؤاد ويحبونه ولا يعرفون نجوم آخرين من نفس جيله".