رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
 بقلم : الباحث السياسى محمد على حسن

بقلم : الباحث السياسى محمد على حسن

ترامب وصعود الصين

السبت 19/نوفمبر/2016 - 08:36 م
طباعة
من خلال تحليل خطاب ترامب المتمثل فى تصريحاته ووعوده الانتخابية بشأن السياسة الخارجية نجد أنه من انصار مدرسة العزلة والتى تنادى بأن الدولة يجب عليها تضييق ارتباطها بالقضايا والمشاكل الدولية في أضيق الحدود وهو مايعتبر فرصة لتعزيز الصعود الصينى والمتمثل فى رغبة الرئيس الحالى (شى جين بينغ ) بأن تتواجد الصين فى كافة مناطق العالم وهو ماجعلة يتبنى مبادرة الطريق والحزام وأيضا دعى الى عمل البنك الآسيوي للاستثمار فى البنية التحتية ليكون بديلا للمؤسسات التى قامت على أنقاض الحرب العالمية الثانية وتخدم المؤسسات الغربية (صندوق النقد الدولى والبنك الدولى) وهو ماسيجعل الدول الغربية تنضم الى هذه المؤسسات خاصة بعد تخلى الولايات المتحدة الأمريكية عنها واتجاهها الى الإنكفاء على نفسها وهي فرصة للتنين الصين ان يستمر فى النهوض الاقتصادى الذى يتخذه الحزب الشيوعى كشرعية للوجود فى الحكم . 
وهنا نود أن نناقش ملامح عامة للسياسة الخارجية الأمريكية فى عهد ترامب ثم ننتقل الى كيفية ترجمة هذه الملامح والأفكار الى سياسات ثم انعكاس ذلك على الصين ، واذا أردنا أن نضع ملامح عامة للسياسة الخارجية لترامب نجد أبرزها فى الآتى :
 مبدأ “أمريكا أولا”وهو مايعنى أن أمريكا ليس عليها أن تتحمل عبء حماية أو دفاع عن دول أخرى دون مقابل ، ايضا مبدأ العزلة في السياسة الخارجية وهو مايعنى أن الولايات المتحدة ليس عليها أن تتدخل في تنظيم شئون العالم من حولها وحل مشاكله وذلك من أجل ما يسمى بناء الأمة، ومبدأ الحمائية التجارية للسوق الأمريكي وهو ماسيعنى رفع الرسوم الجمركية على السلع التى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية . 
بينما ترجمة هذه الأفكار فى شكل سياسات مؤثرة على الصين ستتمثل في معارضته لإتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ  التي وقعت بين أستراليا، وبروناي، وكندا، وتشيلي، واليابان، وماليزيا، والمكسيك، ونيوزيلندا، والبيرو، وسنغافورة، والولايات المتحدة، وفيتنام وتهدف إلى كسر الحواجز أمام التجارة والاستثمار بين هذه الدول وكان لابد من موافقة البرلمان لل 12 دولة بما فيها الكونجرس الأمريكى الا انه بعد قدوم ترامب للسلطة وسيطرة الجمهوريين على الكونجرس ووصفه لها بأنها كارثة واغتصاب للبلاد لانها ستؤدي إلى إرسال عدد أكبر من الوظائف للخارج كما أنه يريد وقف تدفق السلع المستوردة وهذا سيكون له تأثير ايجابى على الصين لان فلسفة توقيع هذه الاتفاقية هي محاولة تحقيق توازن اقتصادى للدول المجاورة للصين حتى لاتبتلعها الصين ومن ثم فإلغاء مثل هذه الاتفاقية قد يجعل من الدول الآسيوية تستسلم للصعود الصينى وتقع تحت نفوذ الصين .
ايضا فرض تعريفة جمركية تصل إلى 45% على جميع واردات السلع الصينية وهو ماسيجعل الصين مضطرة للتعامل بالمثل مع الولايات المتحدة وتقوم بفرض تعريفة جمركية مماثلة على الواردات الأمريكية وهو ماسيكون له أثر سلبى على كلا منهما فأمريكا لديها استثمارات هائلة فى الصين تقدر ب65.22 مليار دولار أمريكي، ووضع ضغوط على هذه الشركات سيؤثر سلبا على النخبة الاقتصادية فى أمريكا والمستفيدة من هذه الأرباح وهو ماقد يجعل أمريكا تشهد عدد من الاضطرابات لرفضهم لمثل هذه السياسات كما أنه سيؤثر سلبا على أمريكا فى تقليل الواردات الصينية لأمريكا وهى تشكل حوالي 75% من المنتجات التي تباع في السوق الأمريكية، ومعظم هذه السلع ذات طبيعة استهلاكية غير معمرة، مثل الملابس والأحذية والألعاب والوسائد الهوائية والأجهزة الإلكترونية، والسلع الاستهلاكية الأخرى واعتاد المواطن الأمريكى عليها لانها ذات جودة عالية وبأسعار رخيصة . اما بالنسبة للصين فانها ستتأثر سلبا لأن مثل هذه السياسة سيقلل من أرباح الصادرات الصينية للولايات المتحدة الأمريكية وذلك لأنها السلع الصينية ستفقد واحدة من أهم مزاياها وهى انها رخيصة الثمن كما ان مثل هذه السياسات سيحرم السوق الصينى من منتجات آبل وآيفون الأمريكية أيضا مثل هذه السياسات سيصاحبها تقليل عدد الطلبة الصينيين الذين يدرسون فى أمريكا وهو ماسيكون له تأثير سلبى على الصين فى معرفة التكنولوجيا الغربية ،إلا ان الصين من الممكن ان تواجه هذه الخسائر بالاتجاه الى أسواق الدول الغربية وتملأ الفراغ الذى ستتركه لها الولايات المتحدة الأمريكية.
ايضا استخدام القوة الأمريكية لمواجهة الاسلام الراديكالى والقضاء على الجماعات الإرهابية مثل داعش وهو مايعتبر فرصة هامة تستفيد منها الصين وخاصة ان الصين لديها نزاع مع جماعات الويغور ذات التوجهات الدينية الاسلامية  فى شمال غرب الصين فى إقليم شينجيانج والقضاء على الجماعات الارهابية فى الشرق الأوسط يخمد ثورة هؤلاء الجماعات الارهابية فى الصين وخاصة ان إنفصال اى جزء من الصين سيؤثر على الأمن القومى الصينى لان القيادة الصينية تؤمن بنظرية (domino effect) اى ان إنفصال إقليم عن الصين سيؤدى بالضرورة الى إنفصال باقى الاقاليم واحد تلو الآخر وهو ماسيؤدى فى النهاية الى محو دولة الصين .
 عدم اتباع سياسة توازن القوى لتحقيق الاستقرار والتى كان يتبعها أوباما فى آسيا وكان بناءا على هذه السياسة يقوم بتقديم دعم للدول المجاورة للصين مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية وأيضا الدول التى لديها مشاكل مع الصين فى بحر الصين الجنوبي إلا ان اتباع ترامب سياسة العزلة وإعادة النظر فى التحالفات التقليدية وهو ماصرح به فى ووعوده الانتخابية أنه يجب على هذه الدول ان تقدم المزيد من الدعم لأمريكا والا ستمتنع عن دعمها وهنا نجد ان ترك امريكا آسيا للصين سيجعل الصين تسيطر بسهولة كبيرة على آسيا وعلى بحر الصين الجنوبي وهو ماسيجعلها تظهر فى العالم على انها قوة عظمى على قمة النظام الدولى وذلك وفقا لما أشار له جون ميرشيمر وحديثه عن نظرية الواقعية الهجومية (offensive realism ) لوصف الصعود الصينى.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر