طباعة
sada-elarab.com/84094
في جلسته الأسبوع الماضي وافق مجلس الوزراء الموقر بناءً على توصية اللجنة التنسيقية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظه الله ورعاه، على استحداث نظام لحماية الأجور يلزم أصحاب الأعمال بتحويل رواتب جميع العمال في الشركات الخاصة إلى البنوك والمصارف بدلاً من صرفها نقداً على أن يتم ذلك بشكل متدرج بحسب حجم المنشأة، وبالتشاور مع غرفة تجارة وصناعة البحرين باعتبارها الممثل لأصحاب الأعمال في القطاع الخاص.
وربما الكثير ينظر للقرار من منظوره المبدئي من حيث توفير الأداة المالية الأيسر للعمالة البسيطة والمتوسطة وإيجاد إطار مالي قانوني يحد من تباطؤ التوصل لحلول في النزاعات العمالية التي يكابد أصحابها مشكلة انقطاع دخلهم الثابت وتأخر الحصول على مستحقاتهم السابقة، فهناك بالفعل الكثير من القضايا العمالية العالقة في المحاكم يذكرها لي أحد الأصدقاء المحامين والتي تحتاج إلى الحديث عنها في مقال منفصل.
لكن القرار أيضا يحمل في طياته أموراً إيجابية أخرى - ليس للعمال فقط - ولكن للدولة وقضيتها الأساسية في محاربة العمالة السائبة والفري فيزا، فلا يخفى على أحد أن البعض مع الاسف الشديد يقومون ببيع تأشيرات لعمال وإطلاقهم في السوق ليمارسوا أي أعمال دون رقابة عليهم، ولكي يحمي صاحب التأشيرة نفسه من تبعات المساءلة عن رواتب هؤلاء، فإنه يقوم بإلزام العمالة بتوقيع استلام رواتبهم لعامين مقدمين، وذلك لضمان عدم رفع دعاوى عمالية ضده.
وأعتقد أن هذا الأمر سيضيق الخناق على سوق بيع التأشيرات، خاصة لو استطاعت الحكومة مراقبة عمليات دفع الرواتب ووضع آليات ملزمة لأصحاب العمل وكافة منشئي السجلات التجارية بتقديم ما يثبت تحويل الرواتب لموظفيهم، وهذا الأمر يحتاج لمزيد من البحث والتنسيق مع الجهات المعنية ووضع أطر وقواعد ملزمة في هذا الجانب.
ولا شك أن البحرين باتت مطالبة بالتعاون الدولي في مجال مكافحة غسل الأموال بكافة السبل، ومنها طبعاً التحويلات المالية وما يترتب عليها من أعمال إجرامية تتسع مظلتها لتصل إلى الشركات الوهمية المتواجدة في السوق دون أن يكون لديها نشاط فاعل ومقنع للأموال المتدفقة في حساباتها، والتي ربما يستغلها أصحاب النفوس الضعيفة في صيغة تحويلات رواتب العاملين.
وأود في هذا المجال أن أتوجه بالشكر إلى كلٍ من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، حفظه الله ورعاه، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس الوزراء رئيس اللجنة التنسيقية التي أوصت بالمشروع وتبناه مجلس الوزراء، وأرى في هذا القرار تطبيقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه «اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».
ولقد اشتمل القرار الوزاري على صفة الاستعجال في بدء تطبيقه من شهر مايو 2018، وكذلك التدرج في تعميمه ليشمل كافة القطاعات، بحيث يتم الانتهاء من تغطية جميع الشركات وأصحاب العمل للعمالة المنزلية بحلول مايو 2019، وهو تدرج محمود من صانع القرار يعطي المجال الواسع لتنفيذه، كما أنه أوصى أيضا بتكليف مصرف البحرين المركزي بزيادة عدد مقدمي الخدمات المرخصين ورفع عدد أجهزة الصراف الآلي، للتيسير على المستخدمين.
القرار يحمل الكثير من المؤشرات الإيجابية الجميلة ففيه رحمة بالعمال البسطاء، وتيسيراً لأمورهم بتوفير الأجهزة بكل مكان، وفيه أيضا رؤية ثاقبة للمشكلات المالية وكيفية التعامل مع الخطر الإلكتروني وإيجاد وسائل الحماية للسوق البحريني، وسيكون له مردود واسع في المنطقة بأن تكون البحرين من دول الريادة في هذا الشأن.