طباعة
sada-elarab.com/83082
يبدأ الباب الرابع من دستور مملكة البحرين بالتعريف عن السلطات، حيث توضح الفقرة (أ) من المادة (32) من الدستور أن نظام الحكم يقوم على أساس فصل السلطـات التـشريعية والتنفيذية والقضائية مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي من السلطات الثلاث التنازل لغيرها عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في هذا الدستور، وإنما يجوز التفويض التشريعي المحدد بفترة معينة وبموضوع أو موضوعات بالذات، ويمارس وفقا لقانون التـفويض وشروطه.
ويبدو أن بعض أصحاب السعادة النواب الكرام لم يقرأ الدستور، أو يحاول «بعضهم» وضع مبادئ جديدة على تلك الواردة فيه، بالمخالفة لما ينص عليه الدستور، حيث يروج بعض هؤلاء في أحاديث جانبية ما أسموها «مطالبات ونداءات» من الحكومة الموقرة لهم بضرورة إعادة الترشح للمجلس التشريعي القادم، ورغبة «ملحة» لدى الحكومة في ذلك لأنها تحتاج إليهم في تمرير التشريعات والقوانين المقترحة منها والتوقيع بالموافقة دون نقاش أو جدال.
فقد تداول بعض أفراد المجتمع مقولات لبعض أصحاب السعادة النواب بأنهم لا يرغبون في إعادة الترشح مرة أخرى لمجلس النواب، لكن يشيعون بأن الحكومة الموقرة «تضغط» عليهم لإعادة الترشح نظرا لما قدموه لها من خدمات جليلة خلال الفترة القليلة الماضية حين وافقوا على مقترحات القوانين ولم يبدوا أي اعتراض على أي من بنودها، ولا أعلم ماذا يريد هؤلاء النواب الترويج له عبر تلك التصريحات الضمنية التي ربما ستدفع كل مواطن أعطاهم صوته بأن يحجب عن التصويت لهم مرة أخرى، فهم بهذه التصريحات الغريبة المريبة يؤكدون أنهم قد دخلوا المجلس على أكتاف المواطنين ثم طعنوهم في ظهورهم.
والأمر الأكثر غرابة فيما يروجه هؤلاء، هو ما يدعونه على الحكومة، فأي طفل تجاوز سن الرشد لن يصدقه، بل وسيمثل مادة سخرية طازجة يمكن استخدامها في كافة وسائل التواصل الاجتماعي، لأن أبسط قواعد الدستور وأساسياته باتت ضمن المناهج الدراسية بمدارس المملكة، ولا يخفى على طالب مدرسي أن ما يقال «يخالف الدستور».
وربما أحاول تجميد خلايا التفكير في عقلي وأتساءل.. ما الهدف من تلك التصريحات؟ هل لتطفيش او إحباط المرشحين الآخرين او المقصود زيادة هم المواطنين؟ وهل بالفعل تطلب الحكومة من بعض النواب الترشح مرة أخرى؟ وإذا ما كانت تريدهم كأحزاب موالية كما يسمون أنفسهم ضد الأحزاب المعارضة كما يسمونها، فهل الحكومة فعلاً تقترح قوانين وتشريعات مخالفة للمبادئ العامة أو تضر بالبلاد والعباد؟.
أنا أثق ثقة عمياء - وعن تجربة ثرية وغنية سابقة - بأن كل هذه الترهات التي ذكرتها في أسئلة «العقل المتجمد» لا تحدث، ولم تحدث، ولن تحدث، فلا الحكومة الموقرة تتدخل في الانتخابات ولا تحتاج لنواب موالين ضد آخرين معارضين، ولم يصدر عن الحكومة قرار إلا إذا كان الهدف منه المصلحة العامة وحتى لو كانت قرارات صعبة وتمس حياة المواطن مباشرة.
يا أصحاب السعادة ارحمونا يرحمكم الله، فإن ما تروجونه لا يضيف إليكم فضلاً أو قيمة، سواء لدى الحكومة أو المواطن، بل على العكس تماماً هو إساءة صريحة لمشروع جلالة الملك الاصلاحي الذي يقوم على العدل والمساواة، فأرجوكم أن تفكروا جيداً قبل إطلاق قذائف الأفكار القاتلة، والتي لن تقتل سوى العملية النيابة بأكملها وثقة المواطن فيكم وفي هذا المجلس.
كلما نقترب من مرحلة الانتخابات البرلمانية نجد مزيداً من اللغط والهلوسة وبالونات اختبار الكلام الفارغ الذي لا يعبر إلا عن أشخاص يجهلون أبسط قواعد التشريع، ويؤكد أن المجلس به نواب مع الأسف الشديد لا علاقة لهم بالتشريع، وأكاد أرى الحسرة في عيون المواطنين يوماً بعد آخر تزداد مما يحدث داخل البرلمان وخارجه، من صراعات شخصية بين بعض أصحاب السعادة النواب، ففي كلا الحالتين تزداد الأمور سوءًا وتتسع مساحة السخرية والهلوسة الفكرية والخاسر الأكبر هو المواطن والوطن.