طباعة
sada-elarab.com/80683
خيرًا فعل صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، بإصدار توجيهاته السامية بعدم فرض أي زيادة في الرسوم إلى حين انتهاء اللجنة المشتركة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من عملها، وكذلك قرار صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر الخاص باستبعاد أي مشروع ينطوي على زيادة الرسوم في تلك المرحلة؛ لأن الرسوم أصبحت ساحة للمنافسة بين المسؤولين المتنافسين في كل إدارة لابتكار المزيد منها.
ولعل من الأمثلة الحية لمثل تلك القرارات التي لا تستند إلى مبدأ قانوني أو دستوري، هو ما قامت به إحدى الهيئات الحكومية حيث اتخذت قرارا بتحصيل 5 دنانير على كل معاملة لديها، رغم أن مواردها ارتفعت أضعافًا مضاعفة خلال السنوات الماضية.
ولكن الأمر لم يقتصر على الجهات الحكومية فقط، بل إن عدوى فرض الرسوم انتقلت إلى القطاع الخاص وبدأت تظهر على بعض الأنشطة التعليمية وكذلك التجارية وبخاصة البنكية منها، فقد اشتكى أحد المستثمرين الأجانب من إجراءات بنكية مجحفة للذين يريدون استثمار أموالهم في البحرين، حيث يستوجب عقد تأسيس الشركات، إيداع مبالغ تقدرها القوانين المعمول بها في حسابات بنكية لإثبات مدى جدية المستثمر، لكنه تفاجأ بقرار من أحد البنوك يطلب منه إيداع ضعف المبلغ المحدد في عقد التأسيس واشترط البنك أن يبقى المبلغ قيد التجميد لمدة شهر.
ولجأ المستثمر إلى بنك آخر حيث وافق البنك على إيداع ما نص عليه عقد التأسيس، ولكن على أن يبقى جامدا لمدة 3 أشهر، فترك البنك الثاني وتوجه إلى ثالث والذي عرض عليه عدم تجميد المبلغ لفترة طويلة مقابل رسوم «إدارية» تبلغ 500 دينار، وألقت البنوك باللائمة على توجيهات المصرف المركزي بشأن مكافحة غسل الأموال والمشروعات الوهمية، فتعجب المستثمر من مثل تلك القرارات التي لا تصب في مصلحة جذب رؤوس الأموال الجادة للبحرين.
إن مجرد تجميد أي بنك لمبالغ مالية لشخص أو مؤسسة يعتبر تعديا على حقه في استخدام تلك الأموال لبدء أعماله، كما أن البنك الذي يفرض تلك القرارات لا يطبق مثلها على نفسه، فضلاً عن أن تضارب الرسوم المفروضة بين بنك وآخر، تؤكد أن تلك البنوك استغلت توجيهات المصرف المركزي لتحقيق مصالح مادية بعيدة تماما عن مكافحة غسل الأموال، فتلك الإجراءات لن تحد من الجرائم المالية بل إنها تسيء لسمعة مملكة البحرين المالية.
ومما لا شك فيه أن المرحلة القادمة ستكشف المزيد من الارتفاعات الحادة في رسوم سلعية وخدماتية يقدمها القطاع الخاص، ودون أي رقابة تحد من تلك الرسوم، فكيف للدولة أن تمنع فرض الرسوم من قبل القطاع الخاص وتبيحها لنفسها؟
والضحية الأولى في تسونامي الرسوم القادم إلينا بسرعة كبيرة سيكون المواطن ذو الدخل المحدود، ومهما بلغت قرارات اللجنة المشتركة بشأن تحديد معايير الاستحقاق للمستفيدين من الدعم الحكومي، وضوابطه وشروطه وآلياته، فلن تكون قادرة على صد هذه الموجة العارمة والتي بدأت تلوح في أفق جزيرتنا الصغيرة التي لن يحتمل سكانها هذا القدر الهائل من الارتفاعات في فترة وجيزة.