طباعة
sada-elarab.com/77230
في مداخلته أمام مجلس الشورى كشف نائب الرئيس التنفيذي للتوزيعات وخدمات المشتركين بهيئة الكهرباء والماء في مملكة البحرين أن 80% من البحرينيين مخالفون في تمديدات الكهرباء، وطالب بضرورة تشديد العقوبة لردع المخالفين الذين يقومون بتمديدات خاطئة تؤدي في كثير من الأحيان الى حوادث مميتة.
وكانت المداخلة تدور حول مشروع تعديل أو إضافة مادة للمرسوم بقانون رقم (1) لسنة 1996 في شأن الكهرباء والماء (1/1996)، إذ طالب نائب الرئيس التنفيذي بهيئة الكهرباء بزيادة صلاحيات المفتشين وتشديد عمليات الرقابة، وكذلك تشديد العقوبات على مخالفات التمديدات الكهربائية الخاطئة وتحميل الكهرباء فوق الطاقة المسموح بها.
فقد وافق مجلس الشورى فورا على العقوبات المنصوص عليها بالمرسوم دون أي تحفظ او تعديل على كل من يقوم بتلك المخالفات، التي اشتملت على غرامات لا تجاوز ألف دينار لمن يقوم بتمديدات كهربائية خاطئة، والسجن 3 أشهر وغرامة ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين في حال العود، وأضاف إليها عقوبات أخرى بالنسبة إلى المساكن المشتركة في مخالفات التمديدات الخاطئة، بالحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز سنتين والغرامة التي لا تقل عن ألفي دينار ولا تجاوز أربعة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وأكاد أقر أن مشروع القانون يهدف إلى المحافظة على حياة المواطنين وسكان تلك المساكن والعقارات، وهو أمر محمود يجب تطبيقه على الجميع، ولا نعترض على القانون ونحترمه جميعا.. ولكن!
لم يتطرق نص مشروع القانون إلى أمر مهم جدًا، وهو مدى علم صاحب السكن بالمخالفات في التمديدات الكهربائية، ولم يناقش السادة أعضاء مجلس الشورى الكرام ظروف وحالات التمديدات الخاطئة، وكيفية حدوثها، وما الصلة بين العامل الذي يقوم بتلك التمديدات وصاحب السكن، وهل تأتي المخالفة بتحريض واتفاق ما بين الطرفين، أم أنها حدثت دون تحديد الفاعل الحقيقي في الجريمة.
كثير منا يقوم بإيلاء أمور البناء والتشييد إلى شركات مقاولات أو مقاولين أفرادا، وآخرين يحاولون تفادي المصروفات الفادحة للبناء بالاتفاق مع أشخاص «فريق عمل حر» يعرض أسعار بأقل كلفة وهو مرخص رسميا، وفي هذه الطريقة الكثير من وقائع التجاوزات لا أود التطرق إليها في هذا المقال، إذ سأركز على الكهرباء والقانون.
كان يجب على السادة أعضاء مجلس الشورى وضع مجموعة من الشروط والضوابط لإيضاح وإسقاط المسؤولية في المخالفة على من فعلها، فربما تحدث المخالفات دون علم صاحب البناء بسبب أخطاء المقاولين، ويقع المواطن في مشاكل أصلية بإعادة إصلاح ما أفسده هؤلاء عن جهل أو عمد أو أي أمر آخر، وفي النهاية سيتحمل التكلفة مرتين لإصلاح الخطأ.
لكن أن يتحمل إصلاح الخطأ والغرامة التي تصل إلى ألفين ولا تجاوز أربعة آلاف دينار، وربما تتطور الأمور إلى أن يجد نفسه محبوسا على ذمة قضية تمديدات كهربائية دون أن يكون له علم بها ولا ذنب فيها سوى أنه بحث عن أرخص وسيلة للبناء، فهذا إجحاف في حق المواطن، وعليه يجب ان يكون المقاول جزءًا من المشكلة وليس بعيدًا عنها.
أرجو من السادة أعضاء مجلس الشورى الكرام أن يكونوا أكثر رأفة ورحمة بالمواطن بصفتهم من أرباب العمل ومن ذوي الخبرة والكفاءة، قبل الدفع إلى تغريم المواطن وحبسه، فيكفيه ما سيتحمله من خسائر إعادة البناء وإصلاح الخلل، ويكفيه ما يعانيه من زيادة في الرسوم والضرائب، ولا تضعوا المواطن هدفا لمدافعكم، وإذا كان 80% من المواطنين مخالفون في التمديدات الكهربائية كما قال نائب الرئيس التنفيذي بهيئة الكهرباء، فهل سيقبع شعب البحرين داخل السجن أم سنحول جزيرتنا إلى سجن كبير ليستوعب المخالفين في التمديدات الكهربائية فقط؟ وما خفي من باقي الأمور كان أعظم.