السفير العكلوك : إسرائيل اسرفت في قتل الأبرياء، وأفسدت في الأرض
الأربعاء 19/مارس/2025 - 05:54 م
عقد اليوم بمقر الجامعة العربية دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية، على مستوى المندوبين الدائمين، وذلك بناء على طلب فلسطين على إثر إستئناف إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لجرائم العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، والتي أوقعت أكثر من 400 شهيد ومئات الجرحى في قطاع غزة منذ فجر اليوم وذلك تزامناً مع قطع إسرائيل للكهرباء عن القطاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية إليه.
وقال السفير مهند العكلوك- المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، أن إسرائيل اسرفت في قتل الأبرياء، وأفسدت في الأرض فساداً عظيماً، وعلت واستكبرت وطغت طغياناً كبيراً.
وأضاف خلال كلمته امام الاجتماع ، أن أي جيش وأي حكومة تلك التي تقتل 18 ألف طفل فلسطيني بريئ بغير ذنب، وتقطع أطراف أكثر من 20 ألف طفل آخر، على مدار 17 شهراً متواصلة، وبذلك فإن إسرائيل، في كل شهر تقتل أو تقطع أطراف 2250 طفل فلسطيني. ومن بعد ذلك تدعي انتماءها للقيم والأخلاق الإنسانية. أي جيش أو حكومة مريضة جداً، تلك التي تشتهي سفك الدماء إلى هذه الدرجة.
و تابع، نحن في شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة، وهنا نسمع صراخ الأبرياء في غزة، الذين تشبثوا بإنسانيتهم رغم الإبادة الجماعية، والسادية، والتطهير العرقي، وقالوا هنا على أرضنا باقون، نشم رائحة الليمون والزيتون المختلط بالدماء المتبخرة في أتون 90 ألف طن من المتفجرات التي ألقتها إسرائيل على رؤوس المواطنين في غزة، وقالوا الحمد لله. يفطرون في رمضان خبيزة ويتسحرون ماءً، ويفترشون الأرض، ويلتحفون السماء، وقالوا الحمد لله. 400 إنسان فلسطيني قتلتهم إسرائيل بالأمس فقط عند السحور، على أذان الفجر: الله أكبر، الله أكبر. أليس هذا يشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية والشرائع السماوية، وإهانة عميقة لشعور العالمين العربي والاسلامي.
و قال،أيها العالم بتنا نخشى عليكم من الفجيعة، وأنتم تشاهدون مذابح الأطفال في غزة، في فلسطين، أقفلوا التلفاز واستريحوا قليلاً، ربما أتعبتكم المشاهدة، فما بال الذين قطع عنهم الماء والكهرباء والدواء والغذاء، ولم تبقى لهم مستشفى أو مدرسة أو بيت أو مسجد.
وأضاف،نحن نسأل العالم، هل إسرائيل دولة محبة للسلام! قبل أيام قدمت القمة العربية رسالة سلام، وقالت في بيانها أن الدول العربية متمسكة بالسلام، وأنها على استعداد للانخراط مع الإدارة الأمريكية في مسعى السلام، وأن الأمن لجميع شعوب ودول المنطقة، بما فيها إسرائيل،مشيرا لما قدمته القمة العربية من خطة للإغاثة والتعافي وإعادة الإعمار والتنمية والسلام. فماذا كان ردّ إسرائيل؟ ما كان منها إلا أنها استأنفت جرائم العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، دون أي اكتراث للإنسانية والمبادئ والقانون الدولي والشرعية الدولية وكل مبادرات ووساطات وقف إطلاق النار والأمن والسلام.
وأوضح، أن في الضفة الغربية المحتلة، تمعن إسرائيل على مدار الساعة، بتدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتهجير عشرات الآلاف قسراً من بيوتهم، وتوسع الاستيطان الاستعماري غير القانوني، وتحمي إرهاب المستوطنين، وتعزز الفصل العنصري وهدم المنازل ومصادرة الاراضي وتدمير البنى التحتية، والاقتحامات العسكرية للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.
و قال، تواصل إسرائيل ممارساتها اللاإنسانية الممنهجة ضد الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك تنفيذ الإعدامات الميدانية بحق عدد منهم، وممارسة أقسى أنواع التعذيب والتجويع والتنكيل والاعتداءات الجنسية بحقهم، والإهمال الطبي الشديد الذي أدى لاستشهاد أعداد متزايدة منهم.
وأضاف، أن إسرائيل لا تفهم الرسالة من وراء قرارات وبيانات ومبادرات جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي أو الأمم المتحدة، إلا إذا قُرنت الأقول بالأفعال؟ نحن منذ عام 2002، وعلى مدار 23 سنة من مبادرة السلام العربية، نقدم الجزرة، دون العصا، أي أننا نقول وإن جنحوا للسلم فاجنح لها، ولكن ماذا وأنهم لم يجنحوا للسلم منذ 34 سنة، منذ مؤتمر مدريد للسلام.
و أشار، إن إسرائيل ليست فقط تهدد الأمن القومي العربي، بل تعتدي عليه. إسرائيل تخطط لضم 60-80% من الضفة الغربية، وتوسع احتلالها في الأراضي السورية واللبنانية. وبالأمس كرر نتنياهو للمرة المئة أنه سيغير الشرق الأوسط، وأنه يخوض حرباً على 7 جبهات، 6 منها عربية. وهذه البغضاء قد بدت من أفواههم، وما تخفي صدورهم أعظم.
كما أشار، أن إسرائيل تسعى للاستيلاء على على المصادر الطبيعية العربية، وتهدد الأمن المائي والاقتصادي العربي، وتعمل على طمس الهوية العربية وسرقة التراث والثقافة والرواية العربية، وتغير الوضع التاريخ والقانوني القائم في مدينة القدس، ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، وتسعى لفرض السيادة الإسرائيلية عليها، كما قسمت وتحكمت بالحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة.
و أكد أن لا بد من الحديث بلغة أخرى، لغة العقوبات والمقاطعة الاقتصادية، والعزل السياسي، والملاحقة القانونية في آليات العدالة الدولية والوطنية، ومنع الطيران الإسرائيلي من التحليق في الأجواء العربية، وإدراج المنظمات الإرهابية الإسرائيلية على قوائم الإرهاب العربية، وتجميد عضوية إسرائيل في المنظمات الدولية، وقد قدم المندوبون الدائمون، منذ أكثر من عام، إجراءات اقتصادية وقانونية وسياسية، يمكن القيام بها للجم العدوان الإسرائيلي، لوقف جريمة الإبادة الجماعية، التي ترتكبها إسرائيل بسابق النية والإصرار، التي استهدفت على مدار 17 شهراً أكثر من 500 ألف مواطن فلسطيني، ما بين شهيد وجريح ومفقود ومن مات بسبب انهيار المنظومة الصحية والتجويع والبرد، ومن أجبرتهم إسرائيل على مغادرة أرض فلسطين إلى خارجها.
و شدد قائلا، نحن نقف على الجانب الصحيح من التاريخ، وعلينا أن نتحرك من الموقف إلى الفعل المؤثر، ومعنا القوى والفعاليات والمؤسسات والدول التي آمنت بعدالة القضية الفلسطينية، واعترفت بحقوق الشعب الفلسطيني، وشهدت بشاعة الجرائم الإسرائيلية.
كما أكد، نحن إلى جانب محكمة العدل الدولية التي أقرت أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني وأنه أسس نظام فصل عنصري، ويجب أن يتضافر العالم لإنها هذا الاحتلال العنصري بأسرع وقت ممكن. ونحن إلى جانب محكمة العدل الدولية التي تنظر في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وقد أصدرت المحكمة أوامرها الملزمة لمنع أعمال الإبادة الجماعية.
و قال، نحن إلى جانب المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرات اعتقال بحق مجرمي الحرب الاسرائيليين، ونطالب جميع الدول بتنفيذ مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة وعدم تسييس قرارات المحكمة الجنائية الدولية، ودعمها العاجل في إنصاف الضحايا وعدم إفلات المجرم من العقاب فالعدالة المتأخرة هي ظلم وعدم عدالة.
وطالب جميع دول العالم ان تفي بالتزاماتها القانونية، لحماية الشعب الفلسطيني، لضمان احترام إسرائيل للقانون الدولي، وحظر التعامل الاقتصادي والعسكري مع قوة الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني.
و أشار لدعم القمة العربية رؤية الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، حول أهمية تحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة الالتزام بمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبرنامجها السياسي، والتزاماتها الدولية، ومبدأ النظام الواحد والقانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد، وتمكين حكومة دولة فلسطين من تولي مسؤوليات الحكم في قطاع غزة، في إطار الوحدة السياسية والجغرافية للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، والتأكيد على أن الخيار الديمقراطي والاحتكام لصندوق الاقتراع هو الطريق الوحيد لاحترام إرادة الشعب لاختيار من يمثله من خلال انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، تجري خلال عام في كل الأرض الفلسطينية، في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، والدعوة لتوفير الظروف المناسبة لذلك.
وفي ختام كلمته توجه برسالة للولايات المتحدة الأمريكية، قائلا:"
لقد قدمنا لكم خطة للسلام، وخطة للبناء، فلماذا قدمتم لإسرائيل الأسلحة الفتاكة، وسمحتم لها أن تستأنف حرق الأطفال والنساء وكبار السن! إذا أردتم السلام، فالسلام وراءكم، السلام لا يُبنى على جماجم الأطفال والنساء الذين قتلتهم إسرائيل، ولا يبنى السلام على اضطهاد الشعوب وإنشاء نظام فصل عنصري، وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان الاستعماري، وتدمير المنظومة الدولية والقانون الدولي وانتهاك القيم الإنسانية. إنه منطق القوة الغاشمة، والقوة لا تدوم إلا لله، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.