طباعة
sada-elarab.com/70185
ما شهده مجلس النواب خلال الفترة القصيرة الماضية، يضع أمام أعين الناس 3 علامات تعجب كبيرة وحزمة من علامات الاستفهام، ويوحي بأننا أمام أصحاب شركة اقتصادية يريدون تصفيتها وبيع أصولها، وهدم المكان على من يريد البقاء فيه، ولا أعلم هل السادة النواب أصحاب تلك القرارات سيعودون للترشح مرة أخرى أم أن هذه القرارات مؤشر قوي على عزوفهم القادم عن دخول المعترك الانتخابي، فلا يفعل ذلك إلا المنتحرون وعلى رأي المثل «يا رايح.. كثر من الفضايح».
فلا يصدق لدى أي إنسان عاقل أن يقوم بوضع قيود على معصمه أو أن يحبس نفسه داخل غرفة ممتنعا عن الكلام والتعبير حتى عن رأيه، وهو ما يخالف الطبيعة البشرية ويضعنا أمام لغز لا نعرف له حلاً، فما برز مؤخرًا من أخبار عن مقترح نيابي يلغي صلاحية أصحاب السعادة النواب في التعليق على الردود الحكومية على الاقتراحات برغبة النيابية خلال عرضها بالجلسة العامة، لا يرد إلا من شخص يريد للجالسين على المقاعد في هذا المجلس أن يكونوا امتدادا لتلك المقاعد، فلا يكون لهم الحق في إبداء الرأي والتعبير عن حقوقهم التي هي في الأصل حق المواطن الذي انتخبهم لنقل آرائه إلى الحكومة وأصحاب القرار السياسي في الدولة وتوصيل أصواتهم التي وضعوها في صناديق الانتخابات إلى غرف القرارات.
فقد اقترح النواب إلزام زملائهم الصمت وعدم الرد على رسائل الحكومة، فيما ينص القانون الحالي على حقهم في التعليق مرة واحدة بشرط ألا تتعدى مدة كلام العضو 5 دقائق، ولا تجاوز مدة التعليق كلها نصف ساعة، وللمجلس أن يتجاوز الحدود الزمنية المشار إليها، وهو قانون يحتاج إلى تعديل لتعزيز حرية الرد لا تقييدها كما يطلب السادة النواب.
وفي خبر غريب ومحير، سمعنا أن بعض النواب تقدموا بمقترح برغبة يقضي بإضافة شركة ألمنيوم البحرين «ألبا» ضمن المنشآت الحيوية التي يُحظر فيها الإضراب، وكان رد الحكومة عليه يوصم أصحابه بانعدام الإدراك لمسؤولياتهم ودورهم في هذا المجلس المعبر عن حقوق الناس في الشارع والشركات وكافة القطاعات، حيث رفضت الحكومة المقترح قائلة إن الإضراب وسيلة سلمية مشروعة للدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية للعمّال وقد حدّد قانون النقابات العمّالية ضوابطه وشروطه ومتطلباته، وهي بذلك تبلغ السادة النواب بأنهم ضد المواطن الذي أوصلهم لهذا المجلس.
وإذا كان المقترح غريبًا والرد عليه مخجلاً لأصحاب المقترح، فإن الأكثر غرابة وسخرية، هو تقديم النواب شكر للحكومة على رفض المقترح الذي كانوا يريدون تطبيقه! وهنا تشعر أنك تشاهد أحد أفلام الكوميديا اللاواقعية.
وفاجأنا النواب بقرار حاسم فرح به الجميع، وهو الإعلان عن تقديم طلب رسمي لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية (وهو حق دستوري) تنظر في مخالفات الأوقاف الجعفرية والسنية، وهنا استشعر المواطن أن النواب بدأوا بالتحرك السليم وأنهم جادون ولأول مرة في محاسبة المقصرين في أي قطاع، لكن لم تمضِ أربع وعشرون ساعة، حتى صدم الجميع بإعلان مجموعة من النواب انسحابهم من طلب تشكيل لجنة التحقيق، وأعلن أحدهم صراحة أنهم تعرضوا لضغوط! بينما أشار آخرون إلى أن القرار كان متسرعًا، فلماذا تسرعتم إذًا؟!.
أود أن أملأ بقية مساحة هذا المقال بعلامات التعجب، لكنها أيضا لن تعبر عن واقع المأساة التي يعيشها الناخب القادم، والذي من المتوقع أن يعزف عن دخول اللجان الانتخابية والاقتراع واختيار نواب للمجلس القادم، وسط هذه الخاتمة المؤسفة لآخر أدوار الانعقاد، لكن الأمل كبير في الله أن يصلح الحال، وأن يعود الرشد إلى أصحاب السعادة النواب والله على كل شيء قدير.