عصر التكنولوجيا الذي نعيشه الآن هو عالم
جديد علينا وحتى على الشباب، حيث يتسع يوما بعد آخر وتظهر فيه عشرات بل مئات البدائل
المتاحة للدفع الإلكتروني والشراء والبيع عبر الإنترنت، ولأنه عالم غير محدد المعالم
والنطاق فإنه يستلزم التعامل معه بحذر والبحث أكثر من مرة عن وسائل الأمان في التعامل
والتسوق والتجارة.
لا أنكر أنني لست بصاحب خبرة في هذا المجال،
ولكن تجربة مر بها احد الاصدقاء الذي حاول الشراء من أحد المواقع الأجنبية على الإنستغرام،
وقام بدفع المبلغ المطلوب ببطاقته الائتمانية، وانتظر السلعة فلم تأتِ ولم يجدْ من
يجيب على ندائه وتساؤلاته لاسترداد ما دفعه
من مبلغ، واكتشف فيما بعد أن الموقع على الانستغرام لا يجيب ولا يستجيب، فكان فخًا
وموقع احتيال، وضاع المبلغ ومعه السلعة التي اشتراها.
وعلى الرغم مما يتوفر حالياً من مواقع وحسابات
شخصية على الانستغرام لبيع السلع داخل البحرين، إلا أن قدرة وزارة التجارة على فرض
سيطرتها عليها يتضاءل مع التوسع الهائل والمستمر للبائعين رغم ما تم فرضه من قوانين
في الآونة الأخيرة، وهنا أتكلم عمن يتواجدون داخل البحرين ويمكن الوصول إليهم بالاستعانة
بإدارة الجرائم الإلكترونية والتي أثنيت على جهودها الجبارة في مقال سابق، ومازلت أؤكد
أن مسؤوليتهم أمام هذا العالم الافتراضي كبيرة، وربما تحتاج إلى وزارة داخلية «افتراضية»
تستطيع السيطرة على من في الداخل، لكن ماذا عن الاحتيال من خارج البحرين؟.
فلا يزال الأمر في الداخل يحتاج إلى ضمانات
للمشتري لأن عمليات التسويق الالكتروني، ومن بينها الشراء عن طريق «الإنستغرام» تعطي
نتائج غير مرضية في الغالب، إذ لا يمكن استبدال السلعة أو إرجاعها، لعدم وجود عقد يحمي
الحقوق، فالمتعارف عليه من ضمن شروط البيع أن تتم معاينة السلعة وتفحصها، ثم تتم بعد
ذلك عملية الشراء، وبالتالي فإن عدم وجود هذا الشرط ينفي أن تكون هذه العملية عملية
بيع ويمكن وصفها بالصيد غير المضمون.
وهناك من يجازف عبر التعامل مع مواقع خارجية
على أساس أن الصفقات التجارية بسيطة ورخيصة وسريعة، وهو ما يخلق فوضى تجارية تتم في
تلك المواقع وتتسم بالفراغ التشريعي، على المستوى الدولي، الذي يجب أن يواكب الجريمة
الإلكترونية وفق تعاون دولي، يتصدى للجريمة الإلكترونية ويضيق الخناق على هؤلاء المحتالين
عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وليس الداخل ببعيد عن هذا التنظيم فعمليات التسويق الإلكتروني
في البحرين تحتاج لمزيد من الضوابط التشريعية بإدخالها ضمن النطاق القانوني.
وفي مقابل السلبيات التي تتضخم من الاحتيال
الإلكتروني، نجد وسائل تقنية حديثة أتاحت عمليات التحويل المالي الآمن بين الأفراد
والشركات، وهناك توجها نحو مفهوم «المجتمع اللانقدى»، الذي سيتيح للأفراد الخروج من
بيوتهم دون حمل نقود، والتعامل عبر هواتفهم، أو ما يسمى بالمحفظة الإلكترونية، وهو
ما سيخلق أماناً مالياً على أرض الواقع يقابله مخاطر داخل الواقع الافتراضي، فقد بدأت
بعض الدول إتاحة عمليات التحويل النقدي عبر رقم الهاتف بدلاً من البنوك وتلك الفكرة
طبقتها بعض شركات الاتصالات في بعض الدول وأثبتت نجاحاً كبيراً.
وما بين السلبيات والإيجابيات أكاد أشعر
أننا سننتقل قريباً للعيش في العالم الافتراضي بسبب هذا التسارع المخيف في السفر ما
بين العالمين، فهل نحن على استعداد، وهل الجهات المسؤولة تواكب قطار التكنولوجيا الذي
يتسارع ويبدو أنه لن يتوقف أويبطئ من سرعته، وهل هناك برامج توعية تصل لكافة الشرائح،
وأهمها الشباب والطلبة المستهدفين من مجرمي الإنترنت، أعاننا الله على مخاطر الحياة
الميسرة المرفهة التي نعيشها وجعلنا من العابرين الآمنين للحياة الافتراضية.