أعتقد أن جميعنا لديه ثقة تامة في القيادة الحكيمة والحكومة الرشيدة بشأن تسيير أمور البلاد والعمل على تحقيق تطلعات المواطنين، ومواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تواجه العالم كله بما فيه مملكتنا الغالية، ولا يمكن لأحد أن يختلف معي في هذا الرأي.
وعلى الرغم مما يحدث حاليًا من إشكاليات اقتصادية
أثرت على الدخل العام للمملكة وبدأ أثرها يظهر على جميع مناحي حياة المواطن، إلا أننا
نبقى دائمًا على يقين بأن ما تقوم به الحكومة من سياسات وإجراءات للتصدي للأزمة الاقتصادية
والعبور بسفينة الوطن إلى بر الأمان، هو القرار الأصوب حتى لو كان الدواء مرًا ومؤلمًا
علينا كمواطنين.. ولكن.
يعرف المواطن بأنه شريك في بناء المجتمع الذي يعيش
فيه وكل ما يفعله في حياته ومستقبله يكون له أثر على هذا المجتمع سواء كان بالسلب أو
الإيجاب، ولذلك كان من الواجب اطلاع هذا المواطن على كافة الإجراءات والقوانين واللوائح
التنفيذية والقرارات التي تتخذها الدولة «قبل اتخاذها»، وكثير من الأمثلة لذلك الأمر
حدثت بالفعل في البحرين، حيث تم اطلاع المواطنين على تفاصيل القوانين والقرارات ومناقشتها
مجتمعيًا حتى يكون الجميع على اطلاع وقناعة تامة بما يؤثر في حياته ومستقبله ومستقبل
أسرته.
كما أن آليات كثيرة مطبقة في الدولة من أمثلتها
مجلس النواب بصفته ممثلًا عن المواطن في تحديد السياسات ذات المصلحة العامة ومصلحة
المواطن والموازنة بينهما لتحقيق الأفضل للجيل الحالي وما بعده من أجيال قادمة.
وللصحافة والإعلام دور محوري في تعريف المواطن وتنويره
بما يتخذ من قرارات وأثرها المباشر وغير المباشر على حياته وهو دور لا يمكن تجاهله
في المجتمع المعاصر، خاصة ومع دخول وسائل إعلام أخرى غير رسمية ويمكن وصفها بالعشوائية
وتنافس بقوة الصحافة والإعلام المؤسسي، وهذه الوسيلة الأخيرة تحمل من الخطورة الكثير،
ويمكن اعتبارها سلاحًا ذا حدين ويمكن استغلاله في الصالح العام وتحييد سلبياته بطرق
لن نتطرق إليها الآن.
وما نريد التركيز عليه هو قضية النقاش المجتمعي
لأي قرار يتخذ من الحكومة وله الأثر المباشر على المواطن، فالمتابع لمجموعة من القرارات
التي اتخذت في الآونة الأخيرة يجدها قرارات مفاجئة بعيدة حتى عن دائرة التوقعات، ولم
يتم استشارة الناس فيها ووصفت بالصادمة للمجتمع كافة.
فماذا لو تمت مناقشة هذه القرارات مع الناس سواء
في الصحافة أو الإعلام أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال تنظيم ندوات شعبية
في أماكن عامة، يدعى إليها أهل الخبرة والاختصاص، في مواجهة آخرين معارضين لها، ويدير
الحوار إعلاميون ذوو قدرة على إقامة نقاش مجتمعي مثمر وواعٍ.
لا شك أن النقاش المجتمعي هو وسيلة ناجعة في توعية
وتثقيف المواطن وتعريفه بما يجري، ولماذا يتم اتخاذ القرارات الصعبة والمؤثرة، ووضعه
في منطقة «مسؤول الظل» وإشعاره بأنه مثله كمثل أي شخص معني وضع سياسات الدولة.
وحين يشعر المواطن بأنه شريك في اتخاذ القرار وله
الحق في مناقشته والاستماع إلى رأي الخبراء والأسباب التي اضطرت الدولة لاتخاذ قرارات
تؤثر على حياته، فلن يكون لديه الاعتراض أو حتى «الامتعاض» من سياسات كان يعتبرها مجحفة
لحقوقه.
شراكة المواطن في اتخاذ القرار ستعود إيجابًا على
كافة السياسات الحكومية، فحين يقتنع مواطن فسيقنع من حوله ولن تواجه الدولة صعوبة في
تطبيق سياساتها المحورية وذات الأثر على المواطنين.
نتمنى أن يسبق أي قرار يحمل شبهة اعتراض من المواطن،
نقاش مجتمعي يشمل كافة الآليات المتاحة سواء المجلس النيابي أو الصحافة والإعلام، أو
وسائل التواصل الاجتماعي.