كان لخبر صدور المرسوم الملكي بتعيين سمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة محافظًا للمحافظة الجنوبية، ردود أفعال وطنية إيجابية ومرحبة بتولي سموه هذه المهمة، خاصة لمن تلاقت مسيرة حياتهم في مرحلة ما مع هذا الرجل الخلوق، وعرفوا شخصيته وأثرت فيهم أنشطته التي كانت في مجملها تدور في محور مكارم الأخلاق والحث عليها.
كما أن الاهتمام الإنساني الذي حرص على أن يضعه في قالب مؤسسي أسهم بشكل واضح في دعم شريحة مهمة من المجتمع البحريني، وأوجد رابطًا بين الأجيال السابقة واللاحقة مما ساهم كثيرًا في نشر ثقافة التآخي والتراحم والتعاون والتكافل بين أفراد المجتمع، فكان الرئيس الفخري لجمعية البحرين لرعاية الوالدين، والحريص على دعم برامج هذه الجمعية دون أن يبقى في منطقة الرئاسة الفخرية، مما جعل نشاط تلك الجمعية هو الأبرز في مجالات العمل التطوعي، على المستويين المحلي والإقليمي لقرابة عشر سنوات، ثم أطلق جائزة سموه للعمل الخيري تحت عنوان (وفاء لأهل العطاء) لتوضح أن العمل الخيري لم يكن مرحلة وتنتهي، بل أكد من خلال هذه الجائزة على أن العرفان سيظل عيدًا لمن أخلصوا في حب الوطن وبدأوا في الدخول إلى منطقة الظل والنسيان.
وقد كان هذا العرفان متوقدًا في تفكيره منذ نشأته شابًا، ورغم ما يحيط تفكير كل الشباب في عمره آنذاك من انطلاقة حرة تريد تحقيق كل التطلعات الشخصية والبحث عن الملذات الفردية أو حتى الاهتمام بالأنشطة الشبابية، إلا أن سموه كان صاحب فكر مغاير عن جيله من الشباب وتنبه لزاوية ظل بعيدة عن مجال رؤية أي شاب ألا وهم كبار السن والوفاء لهم وإبراز عطاءاتهم.
ويجب أن نلحظ هنا المرحلة المبكرة التي بدأ سموه منها انطلاقته للريادة في العمل الخيري والتطوعي، والوعي المبكر لمفهوم المرحلة الأخيرة من عمر الإنسان وما تتطلبه من تعامل خاص مدرك لما يفكر فيه هؤلاء المسنون، وربما لا يستطيع الشباب استيعاب أفكار هؤلاء أو إيجاد نقاط تلاقي فكرية بين جيلين بعيدين كل البعد عن بعضهما البعض، لكن خليفة بن علي اختار طريقًا متفردًا بالنسبة لشاب في مقتبل العمر، ولفت أنظار الشباب من جيله إلى ضرورة العمل التطوعي، وهي حالة بحرينية ننفرد بها كمعدل مرتفع مقارنة مع الدول الأخرى، خاصة وأن أهل البحرين لطالما عرفوا بتعاونهم وتكافلهم وعدم ترددهم في تقديم المساعدة وهذا بالفعل ما يميز الإنسان البحريني الأصيل.
ولم لا وهو حفيد والد جميع أبناء البحرين، ولو أدركنا المعنى المجازي في هذا التعريف سنصل إلى نتيجة مفادها أن سموه هو شقيق لكل شاب بحريني وابن بار لكل أب بحريني وهي ذاتها النتيجة التي خلصنا إليها منذ زمن طويل في شخصية جده صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه، وأظن بل أكاد أجزم بأن التشابه في الاسم هو استنساخ للمنهج بين الجد والحفيد.
ومن الأنشطة البارزة في أجندة خليفة بن علي أيضا، دعمه للثقافة والتراث، فخصص جزءًا من وقته لهما، حيث حرص على أن يكون في مقدمة افتتاح المكتبة الخليفية التي تحمل التاريخ العريق للبحرين وتشكل إحدى لآلئ الثقافة البحرينية، ثم حرص سموه على زيارة مركز عيسى الثقافي ودعم أنشطته، بالإضافة إلى العديد من الأحداث الثقافية التي لا يمكن حصرها في مقال واحد.
هنيئًا لأهلنا في المحافظة الجنوبية بمثل هذا الرجل وهنيئًا للبحرين أن يكون شبابها بهذه الصفات الوراثية الحميدة وعلى قدر كبير من المسؤولية المبكرة، وتهانينا لسموه بهذا المنصب، متوقعين منه الأفكار الجديدة الخلاقة للمحافظة الجنوبية والبحرين.