طباعة
sada-elarab.com/556885
صدر عن مركز ابعاد للدراسات المستقبلية في اسبانيا اول مرجع موسوعي توثيقي تحليلي معرفي مكون من 800 صفحة يوثق ويحلل مسيرة ونتاجات احد عشرة مركزا للدراسات والابحاث في المنطقة العربية، وذلك للاهمية الكبرى التي تلعبها مراكز الدراسات او كما يسميها الكتاب مراكز التفكير وصناعة العقول في مأسسة السياسات وعقلنة الاختيارات والمساعدة في اتخاذ القرارات الصائبة.
وقد عمل فريق عمل بحثي من عدة دول عربية وزود بحرية منهجية لتقديم قراءة تحليلية لنتاجات هذه المراكز والانتشار والتشبيك داخلياً وخارجياً، والقدرة على استثمار ذلك في احداث تأثيرات اجتماعية وسياسية وثقافية، وهذه المراكز هي : المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات بالدوحة، مركز درسات الوحدة العربية ببيروت، مؤمنون بلا حدود بالمغرب، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، "المنازل الامريكية" الجديدة: مركز بروكنجز بالدوحة إنموذجاً، منتدى الفكر العربي بالاردن، مركز دراسات الخليج بالسعودية ، مركز الدراسات والابحاث في العلوم الاجتماعية بالمغرب، مركز عصام فارس للسياسات العامة والعلاقات الدولية، مركز كارنيغي للشرق الاوسط ببيروت، مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية للسياسات العامة والعلاقات الدولية للسياسات العامة والعلاقات الدولية .
يكتب الاستاذ عبد الحق الزموري مدير مركز ابعاد للدراسات المستقبلية في تقديمه لهذه الموسوعة المعرفية مشيرا الى دور مراكز الدراسات في استيعاب التحولات الكبرى ورسم خطوط سير الجماعات والدول، ومدى تأثير هذه المراكز الكونية في صناعة العقول والاذواق وتشكيل البناءات النفسية الفردية والاجتماعية وانتاج القيمة. لقد ركز تقديم الزموري لهذا الكتاب على نقاط محددة هي:
- ان البلاد العربية من بين اكثر المناطق فقراً في التعويل على مخرجات البحث العلمي واعتماد تلك الوسائل في بناء الانسان وادارة شؤونه.
- لم تعرف دولنا اهتماما واضحا بمراكز الدراسات ومحاضن التفكير الا في العقدين الاخيرين لجهة تكوين كوادر الدولة او التخطيط الاقتصادي والاجتماعي.
- تشير الاحصائيات الى ان عدد مراكز التفكير والبحث العلمي في المنطقة العربية تناهز 300 مركزاً أغلبها حيدث النشأة.
- نشأت مراكز الدراسات العربية التي ظهرت بحدود عام 2000 بأغلبها في حضن الدولة وتحت سيطرتها، للبحث في السياسات العامة ورصد التحولات الاقتصادية والاجتماعية... يعرفها برنامج الامم المتحدة الانمائي بكونها "هيئات وسيطة" بين المعرفة والسلطة أو بين السياسيين والاكاديميين.
- واخيرا فإن الكتاب يحاول البحث عن ابداعية المقاربات والحلول التي تقدمها مراكز البحث الجديدة ومدى استقلاليتها في بناء اجندتها البحثية.
ان الدراسات التي قدمها بجدارة عدد من الباحثين الشباب من شتى الاقطار العربية وهي بحوث اكاديمية منهجية الملتزمة استعانت واستفادت من الدراسات والتقارير الدولية مثل التقرير السنوي الذي تصدره جامعة ماك كاين بنسلفانيا منذ عام 2008 .. ففي عام 2018 درس هذا التقرير حوالى 250 مركزا عربيا لم تدخل في التصنيف سوى 59 مركزا من بينها.
ويرى الكتاب إن مؤشر جامعة بنسلفانيا كان رافعة ذات تأثير حاسم في توجهات البحث العلمي في المنطقة العربية وفي مستواه الاكاديمي وقابلية منتجاته للتطبيق.. وقد ساهم في تأسيس فروع لمراكز تفكير عالمية في المنطقة العربية على غرار بروكينغ الدوحة وكارنيغي بيروت، حتى اصبح الاهتداء ببوصلة مؤشر بنسلفانيا وعياً ثقافياً وسياسياً متزايد في الدول العربية.
وقد تطرق الزموري الى واقع التعليم العالي والبحث العلمي العربي واشار الى ثلاثة عوائق هي :
اولاً : ضعف حجم الانفاق الحكومي عليه قياساً بالناتج المحلي الاجمالي، فهو يقل عن 8و0 بالمائة في المغرب وتونس وعن 5و0 بالمائة في مصر والاردن وعن 2و0 بالمائة في السعودية والعراق والجزائر والكويت. ويتبين ضعف الانفاق العربي بمقارنته بنسبة 6و2 بالمائة في اسرائيل .
ثانياً: غياب الحرية في التفكير والتعبير والتطوير في المدخلات والمخرجات.
ثالثاً: ارتباط ذلك الانفاق بميزانية الدولة وضعف علاقاته بالقطاع الخاص وذلك بسبب صعوبة التفكير من خارج الصندوق وهو ما يعني القبول الضمني بمحدودية الحرية الاكاديمية من خلال الرقابة الذاتية او السياسية او الدينية او الاجتماعية.
ويلاحظ الكتاب الانزياح التدريجي في وظائف مراكز البحث المنضوية في ظل الدول من محاضن التفكير وانتاج المعنى وصناعة العقول الى تبني مقاربات وقيم بحثية جاهزة والتسويق لها. وقد استوقفني طرح الزموري لسؤال كبير قال: هل تصنع المعرفة في الفضاء العربي انطلاقا من حاجيات محلية ام بفعل تأثيرات خارجية؟ سؤال نجد اجبته في قراءة هذا الكتاب الموسوعي، فتحية لمركز ابعاد للدراسات المستقبلية ولراعيه المفكر التونسي عبد الحق الزموري.