طباعة
sada-elarab.com/534128
قلما أكتب مقالا اجتماعيا أو أن أتبحر فى ظاهرة اجتماعية، لكن طالما جاءت الرياح بما تشتهى السفن فكان لابد من التطرق لهذه الموضوعات والظواهر الاجتماعية لأنها أصبحت فجأة وكادت أن تكون ظاهرة عادية أو كنوع من التسالى أو ضياع الوقت أو هروب من المشاكل الزوجية أو ضغوط الحياة، فأصبح التحرش اللفظى والفعلى ومشاهده المواقع الإباحية وارتكاب الفاحشة عبر مواقع التواصل الاجتماعى أمر عادى وطبيعى ومنتشر ليس فى مجتمعنا المصرى وحده بل انتشر ليقضى على الأخضر واليابس وما تبقى من أخلاق فى مجتمعنا العربى كله.
وحتى لا نكون سيافين بالباطل على التربية الأسرية والمجتمعية ولا على الإعلام المرئى من أفلام ومسلسلات مصرية أو عربية، فإننا مازال عندنا ما يحفظ ماء الوجه من تقاليد وعادات وأخلاق، ربما تكون اندثرت بعض أخلاقنا ولكن ليست جميعها، ربما تغيرت أحوالنا ولكن من الممكن أن نتمسح بمواكبة العصر التكنولوجى الذى يحاول أن يقضى على الأخلاق والتقاليد دون أن نشعر ولا نفكر، ولكن مازالت بعض أعمالنا الفنية تحمل رسائل هادفة وتغرس صفة جميلة وآخره (مسلسل الاختيار) الذى أثر تأثيرًا إيجابيا فى نفوس الشعب المصرى والعربى، خصوصًا الأطفال الذى نمى فى نفوسهم الوطنية والانتماء للوطن.
ولكن الطامة الكبرى التى حلت بالإعلام العربى والمصرى هى المسلسلات التركية التى أصبحت ناقوس خطر على الكبير قبل الصغير، فتلك المسلسلات لا تحمل فى طياتها أى صفة من صفات البراءة، فجميعها تتنافس فى الانحلال الذى يتقدم للمشاهد كجرعات فى عبوات من الزينة والبهرج ليبتلعها دون مقاومة وهو مسترخٍ فى فراشه والبطء والإملال وتعداد حلقات المسلسل والتى تتعدى مئة وخمسين حلقة يعملون كمخدر موضعى لينام ضمير المشاهد وهو يتجرع هذه الوجبة، والتكرار والإعادة يختمان على القلوب كلما أفاقت ويذكران العين كلما نسيت.
وليس فى المسلسل فن رفيع ولا قيمة عالية ولا معنى نبيل.. كيف ذلك والدولة المنتجة والمصدرة ترى فيها طوائف الشواذ تسير فى مظاهرات فى الشوارع تطالب بحق اللواط العلنى وبحق زواج الذكور من الذكور(المثليين) وبشرعية وثائق الزواج اللواطى. ولهذا فإن المسلسل كل ما يحمله شهوات ومثيرات تأخذ بالمشاهدين إلى الأسفل إلى بدروم الغرائز وإلى حضيض الحواس، فتجد المشاهد متعلقا بتلك المسلسلات تعلق المدمن بالكوكايين ثم تجرى فى دمائه وذهنه وتصرفاته مشاهد المسلسل فيخرج هذا المشاهد المسكين بمعنى ثابت هو أن هذه هى الحياة المُثلى وهذه هى الحياه الحقيقية، وان ما تعلمه وتعود عليه كلام عفى عليه الزمن وأن أخلاقه هى علامة من علامات التخلف والرجعية.
فالمسلسل من هذا طوال حلقاته شعاره لا أخلاق ولا حرج ولا مانع فى عمل أى شىء.. عانق وانكح مادامت تسمح.. فلا خيانة فيه، الشاب يحب زوجة عمه والزوج يرى زوجته فى فراش أخيه، والحلقات القادمة تكتشف بطلة المسلسل أنها حامل من أبيها.
فكاتب المسلسل يضع كومة من القاذورات الخلقية فى كرنفال من الزينة وبوتقة من عروض الأزياء الجذابة ومحفل من الجميلات.. وربات البيوت يتابعن فى بلاهة تلك العروض ويبتلعن ما فيها، وتجد البنت تتمنى أن يكون فارس أحلامها (مهند)، والشاب يتمنى أن تكون فتاة أحلامه (سارة) وهم أبطال أحد المسلسلات التركية والقصة الدرامية هى أن سارة زوجة عّم مهند ويحبها ويتقابلان ويتعانقان ويمارسان الفحشاء.
أى مهند.. وأى سارة.. يا مصريين!
ما هى إلا جرعات مُعدة بتفكير وتدبير ومجهزة لإغراق وإفساد وتفكيك بنائنا الاجتماعى وعاداتنا وتقاليدنا وبنائنا العائلى والأسرى والاجتماعى، ونحن ندخلها بيوتنا اختيارا ونتجمع كل ليله لنمضغ سمومها.
فكتاب تلك المسلسلات الموجهة من الدول المعادية للشرق الأوسط يهدمون أشرف ما ورثناه، ونحن نشاهد لنقتل الوقت ولكننا نقتل أنفسنا مع وقتنا مع كل حلقة من آلاف الحلقات التى نشاهدها.
فتركيا خلعت كل شىء حتى حيائها، فهى لا تحارب باتجاه واحد أو سياسة واحدة ولكنها تريد تدميرا للمنطقة العربية فى كل شىء فى السياسة والاقتصاد والجيش والفن والذوق، وهم لا يستطيعون غلبتنا فى أى شىء من هذا بفضل الله.. فاحذروا من هذا الفخ الأخير.