طباعة
sada-elarab.com/516818
شكراً كورونا (كوفيد19) لا لذات الوباء بل لتبعاته في كشف معنى قيمة الحياة وما يتوجب فعله للحفاظ على حياتنا، فقبل كورونا كنا نبدي استغرابنا من الشخص الذي لا يشاركنا ملذات الحياة من سفرٍ وأكلٍ في المطاعم الفخمة والتسوق بكافة أشكاله ونعتبره شخصا فقيرا أو بخيلا لا يعرف للحياة معنىً .
بالفعل هناك البخيل وكذلك الفقير ولكنا لم نكن نعرف المتزن حق المعرفة وفي الغالب نصنفه بالبخل ونحن نرى أنفسنا كرماء مقبلين على الحياة نتمتع بملذاتها ولا نرى في ذلك إسرافا أو تبذيرا حتى اجتاح وباء كورونا (كوفيد19) الأرض وتغيرت معطيات الحياة فلزمنا البيوت راجين السلامة والعافية مكتفين باليسير من موارد العيش .
فما الذي تغير ؟
لم يكن سبب التغير معطيات الحياة فقط؛ بل قناعاتنا في هذه الحياة هي التي تغيرت، فأصبحنا نميز بين الأساسيات والكماليات، كثير من الأشياء التي كنا نفعلها أو نقتنيها ونراها مهمة نراها الآن غير ذلك .
الاساسيات أو الضروريات هي الأشياء التي لا يستغني عنها الإنسان ولا يمكنه العيش بدونها مثل الطعام والشراب والمسكن والدواء، أما الكماليات فهي الاشياء التي يستطيع الإنسان الاستغناء عنها ويمكنه العيش بدونها مثل النظارات و العطور و السيارات الفارهة و المطاعم الراقية والسينما والقائمة تطول .
ان الواقع يقول ان المسرف هو من يولي الكماليات كل اهتمامه والبخيل هو من لا يولي الأساسيات و الكماليات اهتماما، لكن المتزن هو من كان بين هذا وذاك.
لقد كان أغلبنا لا يعرف من الأساسيات وتفاصيلها وأنواعها إلا القليل ولا يعرف أنواع الطعام وتصنيفاته وكيفية حفظه أطول مدة ممكنة ولكننا كنا نعرف جيداً أنواع المطاعم الراقية وفروقات السيارات الفارهة وأكثر المدن الهادئة و الصاخبة .
كان أغلبنا يرى أن الراتب لا يكفي الحاجة وكنّـا نصف أنفسنا في الطبقة المتوسطة الأقرب إلى الفقر كل ذلك كان قبل وباء كورونا (كوفيد19) أما الآن فالاغلبية ترى انها في خير وفير ونعمة كبيرة بعد ان مضى شهر الحظر والراتب لايزال أكثره في حسابنا البنكي .
ان الذي تغير فينا هو أن هذا الوباء أجبرنا على معرفة الأساسيات والسعي للحصول عليها وكذلك حرمنا من بعض الكماليات كالسفر وأبعدنا عن البعض الأخر فالمطاعم تعمل الآن ولكن الجميع عزف عنها خوفاً من الإصابة بهذا الوباء، بل إن هذا الوباء بين لنا الصواب وعرفنا أن الراتب يكفي للادخار .
ويبقى ان الأهم ليس ما نتعلمه من هذا الوباء الآن بل ما سوف نطبقه بعد زواله إن شاء الله.
فهل سنعود إلى الإسراف أو ان نبقى متزنين؟
خالد بن شبعان الهاجري
(حقوقي كويتي )