طباعة
sada-elarab.com/513989
على الرغم مما يقال حول الحرب البيولوجية بين القوى الاقتصادية الكبرى في العالم ، وهما الصين والولايات المتحدة الأمريكية اللتان تستحوذان معاً على ما يزيد على 40% من الاقتصاد العالمي، الا أن المتضرر الأكبر الآن هو جميع الدول، حيث أصابهم الهلع والفزع من سرعة انتشار فيروس كورونا، كما أصاب ملايين البشر بالخوف، وتُوفي منهم بسبب الفيروس حتى الآن ما يقرب من 40 ألف شخص. هذا الفيروس خلق أزمة اقتصادية عالمية أدت الى انهيار مؤشرات البورصات العالمية ، ولذلك يهدف هذا المقال للتعرف على الخاسرين بسبب الأزمة وأيضاً المستفيدين منها. فاذا نظرنا أولا الى الرابحين أو المستفيدين منها نجد أنهم :
1- مصانع وصيدليات ومتاجر بيع المطهرات، والكحول، والكمامات، والمستلزمات الطبية، وأدوات التعقيم والنظافة، والعطور الكحولية وذلك بعد تكالب المصريين في الأسابيع الأخيرة على شراء كميات كبيرة من هذه المنتجات للوقاية من الفيروس.
2- مصانع ومتاجر بيع المواد الغذائية بكافة أنواعها، وذلك بسبب الإقبال الكبير من المواطنين على شراء وتخزين كميات كبيرة من هذه السلع، حيث زادت مبيعات كبار متاجر السوبر ماركت حوالى 300%.
4- شركات تكنولوجيا الاتصالات بسبب اقبال الافراد على باقات الإنترنت المنزلي، وهذا مادعى وزارة الاتصالات للاتفاق مع شركات الاتصالات الأربع العاملة في مصر على زيادة سعات باقات الإنترنت المنزلي بنسبة 20% طيلة فترة الحظر، على أن تتحمل الحكومة تكلفة هذه الزيادة بقيمة 200 مليون جنيه.
5- التجارة الالكترونية والمتاجر والأسواق الالكترونيه تضاعفت مبيعاتها بسبب غلق المراكز التجارية والمتاجر المختلفة وحظر التجول وتخوف الأسر من مغادرة منازلهم مما ادى لانخفاض التسوق التقليدى. و تظهر البيانات الأولية الصادرة عن Quantum Metric أن عمليات التجارة الإلكترونية المرتبطة بقطاع التجزئة شهدت إيراداتها ارتفاعا بنسبة 52 % في معدل النمو الأسبوعي، وزيادة بنسبة 8.8 ٪ في عدد زوار الموقع الذين يقومون بعمليات الشراء مقارنة بالعام الماضي.
6- شركات تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها زاد الاقبال على خدماتها وإستشاراتها بسبب زيادة معدلات العمل عن بعد للموظفين من عدة قطاعات، وخاصة للحوسبة السحابية وبرامج العمل من المنزل. وكذلك تطبيق نظام التعليم عن بعد في معظم دول العالم ومدارسها وجامعاتها ، ووفقا لإحصائيات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة فإنه يوجد حوالى 422 مليون طالب حول العالم منقطعين عن الدراسة التقليدية بسبب اغلاق المدارس والجامعات فى 61 دولة في محاولة لإبطاء انتشار الفايروس. وفي ظل الحجر المنزلي في الوضع الراهن ارتفعت مبيعات التطبيقات الالكترونية في الهواتف الذكية بمعدل 690 مليون دولار أمريكي في هواتف Apple و360 مليون دولار أمريكي في الهواتف بنظام أندرويد.
7- الشركات والأفراد من أصحاب القروض، والذين سيستفيدون من المبادرة التي أطلقها البنك المركزى ضمن إجراءات مواجهة تداعيات فيروس كورونا، حيث أنه بمجرد قيام المتعثرون - وعددهم حوالى 940 ألف شخص - بدفع نصف قيمة أصل الدين يتم إعفائهم من سداد النصف الآخر وكذلك الفوائد المهمشة، وأيضا التنازل عن كل القضايا الخاصة بها، وتمكينهم من التعامل مع البنوك مرة أخرى. وأيضا تأجيل كل استحقاقات أقساط القروض لمدة 6 أشهر بدون عوائد أو غرامات إضافية، إلى جانب استفادتهم أيضا من خفض البنك المركزي أسعار الفائدة 3%.
ومع تصاعد وتيرة الإصابات بفيروس كورونا المستجد في مختلف الدول واقترابها من نصف المليون مريض، يقبع الاقتصاد العالمي تحت ضغط هائل، أدى إلى فقدان الكثيرين لوظائفهم، ودفع الحكومات للعمل على توفير حزم اقتصادية لمساعدتهم. وتزيد الخسائر الاقتصادية بفعل فيروس كورونا يوما بعد يوم بسبب عمليات الإغلاق التي تم فرضها في معظم الدول. وقدرت الأمم المتحدة بأنه يمكن فقدان ما يصل إلى 25 مليون وظيفة بسبب الاضطرابات الاقتصادية، أي أكثر مما حدث خلال الانهيار المالي العالمي عام 2008.وأصبحت إيطاليا، ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو والمصدرالرئيسي للآلات والمنسوجات والسلع الأخرى، أول دولة غربية متطورة تعطل معظم صناعتها، مما أدى إلى توسيع نطاق الإغلاق للمشروعات الصغيرة. كما قامت الشركات فى دول أوروبا بتسريح العمال بأسرع وتيرة منذ عام 2009، وفقا لاستطلاعات مديري الأعمال. ويمكن الاشارة الى أهم الخاسرون من أزمة كوررونا فى الآتى:
1- أسواق المال العالمية حيث تعيش البورصات العالمية على وقع أزمة أقوى من أزمة عام 2008 التى نتجت عن نظام الرهن العقاري والتى أدت الى أن نحو 500 شخص من أغنياء العالم فقدوا أكثر من 444 مليار دولار خلال أسبوع، بينما قاربت الخسائر السوقية الإجمالية للبورصات العالمية نحو 5 مليارات دولار. كما قدرت وكالة بلومبرج حجم الخسائر الاقتصادية فى العالم التي قد يخلفها الفيروس بقيمة 2.7 تريليون دولار، وهو ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة.
2- تأثرت شركات الطيران بشكل خاص بانتشار فيروس الكورونا بسبب تطبيق قيود السفر في معظم الدول. كما تتوقع المنظمة الدولية للنقل الجوي (IATA ) خسارة قدرها 113 مليار دولار (19%) من إيرادات المسافرين في جميع أنحاء العالم في عام 2020 ، كما تعانى هذه الشركات من عدم وجود مساحات أرضية لايقاف طائراتها حيث بلغ سعر ايجار المتر المربع حوالى 280 دولار يوميا.
3- قطاع السياحة والسفر شهد تراجعا ملحوظا بسبب جائحة كورونا، وحقق خسائر تقدر ب 62 مليار دولار في عائداتها ، ومن المتوقع أن يشهد إقليم آسيا والمحيط الهادئ تضررا كبيرا جراء انخفاض السياحة الدولية لعدد وافدين يتراوح بين 9 ٪ و12٪ . كما تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 80 ٪ من قطاع السياحة، وقد تسببت فى ضرر ملايين الأفراد في العالم أجمع، بما في ذلك المجتمعات الضعيفة التي تعتمد على السياحة. وفي المملكة العربية السعودية أثرت الإجراءات الإحترازية المتخذة بتعليق الدخول إلى المملكة لأغراض الحج والعمرة في المملكة، في حال استمرار غلقها خلال الشهور المقبلة، خصوصا وأن الحجاج والمعتمرين من الدول الاسيوية غير العربية يشكلون ما نسبته 60 %من مجموع حجاج الخارج.
4- قطاع التعليم حيث أدت هذه الأزمة الى التأثير سلبياً على عملية التعليم ووضع المدارس والجامعات فى أزمة مفاجأه أربكت كل الخطط والنظم التى تسير عليها العملية التعليمية مما أدى الى تكثيف البحث عن طرق الكترونية وآليات مختلفة للتعليم عن بعد ، وصعوبة تقبل الطلاب لهذه الحلول البديلة وغير التقليدية خاصة فى الجامعات الحكومية والكليات ذات الأعداد الكبيرة. وعلى الجانب الآخر، خلقت هذه الأزمة فرصة جيدة لهذا القطاع حيث أدت الى اكتشاف المؤسسات التعليمية المختلفة لمزايا وأهمية استخدام أدوات وآليات التعليم الالكترونى وادماجها مستقبلا مع النظم التقليدية.
5- قطاع التصدير، حيث أضر فايروس كورونا الاقتصاد العالمي من خلال خفض صادرات الصناعات التحويلية بما مقداره 50 مليار دولار في جميع انحاء العالم خلال شهر فبراير الماضي فقط، و تشمل الصناعات الأكثر تضررا من هذا الانخفاض "صناعة الأدوات الدقيقة وصناعة الآلات ومعدات السيارات وصناعة أجهزة الاتصالات".
6- قطاع السيارات من ابرز القطاعات المتضررة على مستوى العالم بسبب استمرار انتشار فيروس كورونا، حيث توقع مسح حديث أعدته مؤسسة "Market" للأبحاث السوقية تراجع مبيعات السيارات في العالم بنحو 12 % خلال العام الجاري وكشف المسح كذلك أن مبيعات السيارات حول العالم قد تسجل نحو 8.78 مليون وحدة خلال 2020 بانخفاض نسبته 12 %على أساس سنوي، مقارنة مع هبوط بنسبة 8 % خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
7- القطاع العقارى تأثر بالسلب، خاصة أن الطلب حاليًا على شراء العقارات والإيجارات السكنية تراجع بسبب الأزمة ربما لفترة غير قصيرة ولكن السوق العقارية قادره على الانتعاش مرة أخرى في أقل وقت عن غيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى. حيث يرى بعض الخبراء العقاريين أن الدليل على تأثر السوق العقارية هو تأجيل المعارض والفعاليات العقارية التي كانت تعقد داخل وخارج مصر. بينما يرى البعض أن القطاع العقارى يسير فى طريقه وبنفس معدل النمو نتيجة لخفض الفائدة بمقدار 3 %، وهذا يصب فى صالح القطاع، فقاموا بعمل عروض كثيرة لجذب العملاء وخاصة الذين كانوا يلجأون للبنوك كملاذ آمن لاستثمار مدخراتهم ، فهناك بعض الشركات قررت تثبيت الأسعار وعدم رفعها، وشركات أخرى قررت أن تصل مدة سداد الأقساط على 10 سنوات، 12 سنه، فيما قررت شركات أخرى إلغاء مقدم الحجز.
8- قطاع الخدمات اللوجستية ويشتمل على عمليات التسليم الدولى لعمليات الشراء عبر الإنترنت، والشحن إلى الخارج حيث خفضت العديد من شركات الشحن عدد السفن الداخلة والخارجة من الصين ، مما أدى إلى خسائر كبيرة لهذه القطاع ، وكذلك الشحن الجوي الذى تراجع بمقدار 3.3 بالمئة في شهر يناير الماضي . وأخيراً، هناك العديد من القطاعات الأخرى تضررت بسبب الأزمة سوف يتم تناولها لاحقاً.
الدكتور علاء الغرباوى - أستاذ التسويق ووكيل كلية التجارة جامعة الاسكندرية