كتبت في العام الماضي عن الفورمولا 1 مقالا تطرقت فيه إلى نجاح الحدث ومردوده على البحرين ماديا ومعنويا، وفي هذا العام ربما تتضح معالم الصورة أكثر وأكثر بشأن القيمة المضافة لرياضة المحركات والتي استطاعت أن تحرك الركود الاقتصادي في العام الفائت وتحمل المؤشرات هذا العام المزيد من التفاؤل.
وكنت كمثلي من المواطنين نراقب بتوجس الفورمولا
منذ أن انطلقت، ولا نرى العائد المتوقع منها على البلاد سواء المادي أو المعنوي، ولم
نكن نمتلك الرؤية الاستشرافية لمستقبل الحلبة، بل إنها واجهت الكثير من الصعاب في مسيرتها
خاصة بعد أحداث عام 2011، لكن يمكن القول بأن الفورمولا 1 تجاوزت المطبات وحققت النجاح
بشقيه، وثبت بالبرهان أن نظرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي
العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الثاقبة كانت في محلها ووصلت لمبتغاها.
فاليوم أكاد أجزم بأن البحرين تجني ثمرة
متكاملة الفوائد، لم نكن نقدر قيمتها، فالسباق العالمي يحمل اسم البحرين ليلقي به على
أسماع ما يقارب نصف مليار مشاهد في 187 دولة حول العالم، وتتجول بهم كاميرات الفضائيات
في شوارع البحرين وضواحيها، ويكفي بهذا الترويج مكسبا للمملكة حتى لو لم نربح دينارا
واحدا من الفورمولا.
بل يكفي البحرين شرفا أن تنافس دول كبرى
على تنظيم سباق الفورمولا الأول الذي أقيم في أذربيجان، حين انتزعت بجدارة التنظيم
وسط منافسة شرسة مع كل من بريطانيا وأستراليا ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة
إلى جانب كل من روسيا والهند والمجر، فهذا الحدث الأخير أثبت أمرا آخر كنا على يقين
منه وآمنا به، وهو أن الكوادر الوطنية المخلصة قادرة على أن ترتفع بالبحرين في سماوات
كل دول العالم، وأن تحظى بثقة عالمية جعلتهم الأجدر لتنظيم الفورمولا في بلد جديد.
ومازالت الحلبة تنمو وتكبر، فبعد أن بلغت
عامها الثاني عشر، سجلت أصول شركة حلبة البحرين الدولية 104.332 مليون دينار في
2014 بارتفاع مقداره 7 ملايين دينار عن العام الذي سبقه الذي ارتفع بأكثر من 3 ملايين
عن سابقه، وهي أرقام تعبر عن نمو طبيعي لمشروع ناجح، وجميع الاقتصاديين يعلمون أن المشروعات
الناجحة لا تؤتي ثمارها بين يوم وليلة، ولابد للمؤشرات أن ترتفع بنسبة لا تتجاوز الخمسين
في المائة، وإلا كانت الأرباح غير معبرة عن الواقع.
هذه الحسابات للحدث الرياضي الأكثر متابعة
في العالم بعد الساحرة المستديرة، لا تعبر عن حجم المردود غير المباشر للفورمولا خاصة
على قطاعات متصلة بالسياحة والمواصلات والاتصالات زادت حجوزات غرف الفنادق هذا العام
بأكثر من 22% مقارنة بالعام الماضي 2016 بحسب إحصائيات وزارة المواصلات والاتصالات.
بقي أن نقيس مدى التغطية الإعلامية للحدث
من الواقع المحلي، فهي مازالت تحتاج لمزيد من الدعم والخبرة والتطور ولكي تصبح وكيلا
حصريا يعتد بتغطياته الإخبارية للحدث على المستوى العالمي، ويكون مقبولا لدى الإحترافيين
في هذا المجال، ولا أجحد ما يبذله الإعلام الوطني في محاولة ملاحقة الحدث بسرعاته العالية،
لكن الأمر يحتاج المزيد من الإمكانيات في أدوات التصوير والمصورين ومعدي التقارير الرياضية،
خاصة وأن لدينا قناة فضائية ناطقة باللغة الإنجليزية يقع على كاهل كوادرها عبء كبير
لكي تكون بحجم السباق.
وفي الختام لا أقول إننا وصلنا إلى منتهى
النجاح، ولكنها بداية الطريق فأمامنا الكثير لنفعله، وبجهود المخلصين من أبناء الوطن
سنرتفع أكثر، ولنضع سمو ولي العهد ونظرته الاستشرافية مثلا أعلى للارتقاء بالبحرين
وتحقيق الاستخدام الأمثل لمواردنا واستهداف النجاح في قطاعات أخرى.