طباعة
sada-elarab.com/314613
ما إنْ تم نشر مقالي عن الطب في كوريا الجنوبية وتصنيفها كأحد أفضل الدول على مستوى العالم في مجال الطب، لأن قوانينها تلزم جميع المؤسسات الطبية بأن تكون «غير ربحية»، حتى وردتني العديد من الرسائل التي تمثل شكاوى صارخة بسبب ما يحدث من «تجارة في الطب» بمملكتنا الغالية.
واختصارًا للوقت فإن من أغرب القصص التي وردتني، كانت لمواطن أصيبت زوجته بآلام شديدة في الظهر ممتدة الى الساق والقدم، فتوجه بها أولاً إلى المركز الصحي، حيث تم الكشف عليها من طبيب عام «غير متخصص»، والذي تفضل مشكورًا بتحويلها إلى مستشفى حكومي به مختص بأمراض العظام، والذي لم يقصر معها وأجرى لها جلسات علاج طبيعي سريعة للحد من الآلام التي كانت تعاني منها وأعطاها موعدًا لترى طبيبًا آخر اكثر تخصصًا في مثل هذه الحالات، وذلك لإعطائها إبرة علاجية خاصة، لكن الآلام استمرت الى موعد لقاء هذا الطبيب المختص بعد شهر ونصف. فتحاملت السيدة على نفسها تلك المدة إلى أن جاء موعد اللقاء مع صاحب الإبرة السحرية، لكن هذا الطبيب قال لها إنه سيقوم بالكشف عليها أولاً، ثم يحدد موعدًا آخر لتلك الإبرة، وقد كان له ما أراد، إلا أنه أخبرها بأن أقرب موعد سيكون بعد ثلاثة أشهر تقريبًا، وتساءلت المواطنة بتأوهات مسموعة للطبيب: كيف سأتحمل هذا الألم لثلاثة أشهر؟ وهل هناك أي حلول أخرى لديك؟
وهنا كشف الطبيب عن الهدف الحقيقي لتأخير الموعد، وهو أنها تعالج حاليًا على نظام «الطب العام»، وفي حال رغبت التخلص من الألم بسرعة، فعليها الدخول من بوابة «الطب الخاص» ودفع مبلغ يناهز 400 دينار لتلك الإبرة!.. وعلى الرغم من رفض السيدة للصفقة، إلا أن زوجها قام بدفع المبلغ، ليتحول الموعد بقدرة قادر من ثلاثة أشهر إلى 24 ساعة فقط.
ويقول زوج السيدة إنه تقابل مع صديق له على بوابة المستشفى وسرد له ما حدث ليكتشف أن تلك الواقعة ليست فردية، وإنما تحدث مع مرضى آخرين كثر، وأخبره صديقه أن بإمكانه التحايل على الصفقة بالموافقة على الموعد البعيد، ثم العودة بعد عدة أيام، وطلب تقديم الموعد دون دفع أية تكاليف، وسيكون الموعد قريبًا نسبيًا لكنه لن يكون خلال ساعات، كما هو الحال في «الطب الخاص».
تلك النصيحة لم تنفع صديقنا المواطن لأنه كان قد دفع المبلغ بالفعل، لكنه تساءل قائلاً: أنا إنسان لدي القدرة على دفع المبلغ والحمد لله، لكن ماذا عن غيري من غير القادرين، ولماذا يحاول بعض الأطباء التلاعب بالأنظمة طالما أن هناك مواعيد متاحة للمرضى، ولمن تمنح تلك المواعيد المتاحة، وهل هي للمجاملات والحبايب، وكيف لمواطن يتألم لا يستطيع أن يوقف ألمه إلا بالطرق الملتوية، على الرغم من توفير الدولة لكافة الأدوية والأطباء، بل والعلاج بالداخل والخارج بالمجان؟
أسئلة كثيرة تحتاج لإجابات سواء من الأطباء أو من وزارة الصحة، لأن مثل تلك الأفعال تضع البحرين على بوابة تجارة الطب التي أعتبرها وكثيرين مثلي، أسوأ تجارة يمكن أن يتكسب منها إنسان، فعندما يرى الطبيب مريضًا يتألم ويساومه على ألمه فتلك مصيبة، واذا كان ذلك بعلم الإدارة والوزارة فالمصيبة أعظم.