الأسبوع الماضي احتفل العالم بيوم المرأة العالمي الموافق الثامن من شهر مارس، وقد اختير هذا اليوم بمناسبة مؤتمر الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945، بحسب المتوفر لدي من معلومات عنه، كما يرجع بعض الباحثين الاحتفال باليوم العالمي للمرأة إلى حادثة الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة، عام 1856 حين خرجت احتجاجات لآلاف النساء في نيويورك على ظروف العمل اللاإنسانية، والتي تلتها تظاهرات يوم 8 مارس 1908 لآلاف من عاملات النسيج للمطالبة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع، ولكن ليس القصد من المقال البحث عن تاريخ الاحتفالية بقدر ما هو مقارنة لحقوق المرأة في العالم مع ما وصلت إليه المرأة البحرينية وبالتزامن مع دول المنطقة.
وعند البحث في تاريخ بعض الدول العربية
والإسلامية سنجد أن المرأة فيها كانت تتمتع بحريات مدنية واسعة مع مطلع القرن التاسع
عشر وحتى السبعينات، ومن أمثلة ذلك الدول الغربية وهي جمهورية مصر العربية وتونس والجزائر
والمغرب، وعلى الجانب الشرقي إيران وأفغانستان، ولكن تراجعت تلك الحقوق والحريات في
دول الكتلة الشرقية «إيران وأفغانستان» بسبب الأوضاع السياسية والدينية التي منعت المرأة
أن تكون شريكا في بناء الدولة أو التعبير عن تطلعاتها، بينما بقيت دول الكتلة الغربية
محافظة على مكتسباتها في شأن المرأة وإن كانت تعرضت في فترات منها لنضال من أجل المزيد
من المكتسبات أو الحفاظ على ما تم الوصول إليه.. مثال «المغرب والجزائر».
وفي منطقة الخليج العربي كان للمرأة وضعية
خاصة يمكن تعريفها بالوسطية أو الموزانة بين الحريات والحقوق، والحفاظ على التراث والعرف
والتقاليد مع التزام بالشريعة الإسلامية السمحاء، والتي أعطت للمرأة حقوقًا سبقت بها
دولاً غربية تحاول الآن تشويه سمعة الإسلام بسبب بعض المتشددين في دول الكتلة الشرقية
وبعض الدول الأخرى.
وبالعودة لتاريخ مملكة البحرين في شأن المرأة
نجدها متقدمة نوعًا ما على كثير من دول المنطقة في منح الحريات، وحدث ذلك منذ ثلاثينات
القرن الماضي، ولم يحدث لتلك الحريات أي انتكاسة خلال العقود المتعاقبة، ويرجع ذلك
إلى استقرار الدولة ونهج الحاكم الذي - وإن لم يبدل سياسته - إلا أنه سمح بالمزيد من
الحقوق والحريات للمرأة البحرينية، إلى أن وصلت لما هي عليه الآن.
ولقد أفرد المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة
الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى لحقوق المرأة جانبًا كبيرًا، أراد من
خلاله الوصول بالمرأة البحرينية للعالمية من جوانب عدة وعلى مستويات متنوعة سواء الاجتماعية
أو الاقتصادية أو السياسية، فالبحرين لديها نماذج مشرفة وكوادر نسائية بارزة على المستوى
العالمي، والإقليمي، فأصبحت وزيرة وقاضية وسفيرة وعالمة وسيدة أعمال وتكرر اختيار بحرينيات
ضمن أقوى 100 شخصية على مستوى العالم، ولدينا عالمات وفنانات ومثقفات وشاعرات، أتقابل
معهم في مؤتمرات وفعاليات عالمية وألحظ الإعجاب الممزوج بالاندهاش من الأجانب، لما
وصلت إليه المرأة «العربية» في نظرتهم التي تخزن ذاكرة سيئة عن المرأة بصفة عامة في
منطقة الشرق الأوسط.
نستطيع أن نفخر في يوم المرأة العالمي بأن
البحرين ونساءها، كن الرائدات في المحافل الدولية خلال السنوات العشر الماضية، ولم
يكن ليحدث ذلك، إلا عبر محورين أساسيين، الأول هو تاريخ المرأة البحرينية ومكتسباتها
عبر الزمن، والثاني هو تطوير هذه المكتسبات من خلال المشروع الإصلاحي لجلالة الملك
حفظه الله ورعاه، وما انبثق عنه من تأسيس المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو
الملكي الأميرة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، وهذا المجلس
يتضمن كوادر نسائية تعمل على مدار الساعة لتحقيق إنجازات محلية ودولية للمرأة البحرينية.
وإن كنت أهنئ المرأة بيومها الدولي، فإنني
أهنئ البحرينية بقيادتها الحكيمة.. فكل عام وأنتن بخير، في بلد المحبة والخير.