اختلفت التعاريف والتصنيفات لمصطلح المعارضة في كتب السياسة بشتى أنواعها، فمن بين تعريفاتها أنها "أي رأي أو توجه مخالف لسياسات وتوجهات السلطة القائمة لمجموعة تمثل أقلية في منظومة السلطة التشريعية سواء كانت أحزابا أو أفرادا".
وتنوعت التعريفات من حيث التصنيف، فمن حيث التعريف السياسي للمعارضة،
ذكرت كتب أنها الجماعة التي تحمل نموذجا بديلا عن الذي يجري تنفيذه على أرض الواقع
في أي دولة من قبل السلطة الحاكمة، وتحاول المعارضة أن تصل به إلى قناعات
المواطنين لتضغط في اتجاه يصب في نهاية المطاف لمصلحتها بأن تتولى السلطة
التنفيذية لإدارة شؤون البلاد بالطريقة التي تراها مناسبة.
ومن حيث تصنيفها التشريعي أو البرلماني فهي تعرف بأنها مجموعة الكتل
السياسية أو الأفراد أو الأحزاب الممثلة في المجالس النيابية والتشريعية، وتكون
تلك التكتلات ممثلة بدرجة أقل من صاحبة القرار التنفيذي بالدولة، وتحاول أيضا
إعاقة مشروعات السلطة التنفيذية التي تعارض وجهة نظرها.
لكن التعريفات والتصنيفات كلها تتفق على مبدأين أساسيين في واجبات
المعارضة، الأول: الوطنية، والثاني: احترام الدستور والقانون، فأما من حيث الوطنية
فهي غريزة يفترض أن تكون نابعة من داخل كل مواطني الدولة سواء كان في المعارضة أو
الموالاة، ولا يخرج عن هذه الغريزة إلا مختل أو شاذ عن الغريزة، وأما من حيث
احترام الدستور والقانون، فهذا مبدأ وعقد اتفاق أولي بين كافة أطراف المعادلة
السياسية يلتزم به الأطراف وتقوم السلطة القضائية بالفصل بين الأطراف ومن مبدأ فصل
السلطات.
ولا شك أن الصراع بين السلطة والمعارضة هو صراع لا ينتهي، ويستمر مع
ديناميكية العملية الديمقراطية في الدولة، ولذلك تحرص الدول على وجود أقطاب
متنافرة في المعادلة السياسية، لكن في إطار المصلحة المشتركة وهي مصلحة الوطن، وهو
الهدف الأسمى سواء للسلطة أو المعارضة.
وفي بعض الحالات تتعقد الصورة المعروفة للمعارضة، وتظهر فيها شوائب
تبعدها عن الغريزة الطبيعية، وقد ظهر ذلك في أكثر من مشهد ومازالت الأحداث تضاعف
شوائب صورة المعارضة التي نتمناها في أي دولة حديثة سمحت بالتعددية الحزبية وأوسعت
لها مجالا في العمل السياسي، كان على وشك النضج الكامل، ولكن الشوائب تغلبت على
صفاء الصورة ولطخت معالمها.
الحالة التي تعيشها بعض الدول منذ عام 2011 او بعد ما يسمى بالربيع
العربي، وما تخلف عن نتائجها من عمليات إرهابية مستمرة راح ضحيتها عشرات ونالت من
مفاصل الدول بالتخريب والدمار والتفجير والحرق، لا يعتبرها أي عاقل أنشطة سياسية
معارضة، فلقد كانت البرلمانات - ومازالت - مفتوحة أمام من يريد التأثير في سياسات
الدولة بأسلوب ديمقراطي متعارف عليه، لكن هناك من اختاروا عدم احترام القانون
مسارا ظانين أنه السبيل للوصول إلى أهدافهم، ولكنهم لا يدركون أنها معادلة غير
قابلة للحل طالما استمرت في هذا السياق.
المعارضة تمثل في الدول المتحضرة الجماعة التي تقوم بتعديل وتقويم
مسار النظام في حال أخطأ أو انحرف عن المسار التنموي، وتعرف المعارضة بأنها صاحبة
الحلول البديلة والقادرة على تقديم معالجات للمشكلات الاقتصادية والسياسية
والاجتماعية، والمتنفس للناس الذي يخالفون الحكومة الرأي.
لماذا لا يحترم البعض الدستور والقانون الذي تم الاتفاق والتعاقد
عليه؟ لماذا لا يعودوا للعمل من الأماكن المخصصة للعمل السياسي؟، سواء كنا مختلفين
في الرأي أو متفقين – علينا أن نرتقي بالدولة الحديثة ونعود للمسارات الراقية في
الحوار، فهاهي المنطقة حولنا، دمرتها الصراعات المسلحة، ولم يصل أي طرف لهدفه
المنشود، والآن يبحثون عن طاولة حوار، للخروج من متاهات الحروب، لكن مازالت أطرافا
خارجية تحاول قلب الطاولة على المتحاورين.. فلنعِ ما يحدث حولنا ونستفيد من تجارب
حية ونعود للوطن لننهض به قبل فوات الأوان.