لدينا في البحرين مجموعة من البرامج الشبابية الجميلة التي أراها تؤسس لنخبة من الشباب لكي يتولوا المهام السياسية ويكونوا معبرين عن وجهة نظر مملكة البحرين في العالم، وعلى رأسها برنامج نموذج جلسات الأمم المتحدة لطلاب الجامعات، والذي تنظمه وزارة شئون الشباب والرياضة تحت رعاية ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشئون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة.
وهناك برامج أخرى تقام للطلبة في المدارس
ولعل أهمها، برنامج رعاية الطلبة الموهوبين في المملكة والذي تتسع أنشطته لتشمل كافة
المعارف والعلوم، بدءا من القراءة وحتى علوم الفضاء مرورا بالفن والثقافة والرياضة
ووصولا لرعاية الموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب التوحد.
لا أريد من هذا السرد لما تقدمه البحرين
للطلبة والشباب أن أشيد به في سياق المقال، ولكن أود مناقشة المنتج النهائي من هذه
البرامج، وما الذي استفادت منه البحرين في تقديم كل تلك الخدمات للطلبة والشباب، لدعم
مواهبهم وتوسعة مداركهم في كافة الأنشطة.. نعم لقد استفاد مئات بل آلاف الشباب البحريني
من تلك البرامج، لكن هل استفادت البحرين بشكل مباشر من الموهوبين من أبنائها؟ وهل وصلنا
لمرحلة حصاد ما زرعناه؟
ربما يكون الحصاد والإفادة غير مباشرة حيث
يظهر ذلك على المجتمع في كوادر متخصصة بمواقع عمل مباشرة، لكن تظل الفائدة المباشرة
للدولة من الأبناء الموهوبين بعيدة المنال، فلم نسمع أن مسؤولا استعان بأحد الكوادر
الموهوبة لوضع حلول وأفكار لمعضلات تواجهها المملكة سواء على المستوى الاجتماعي أو
السياسي، أو الاقتصادي.
لدينا عشرات الآلاف من خريجي إدارة الأعمال
والاقتصاد، لكنهم لا يجدون من يستمع لطموحاتهم أو أفكارهم، فربما لديهم حلول لمشاكلنا
الاقتصادية المزمنة، والاحتمال الأكبر أن نجد لديهم أفكارا شابة ومبتكرة وغير تقليدية،
قد لا ترد في خواطر أصحاب الخبرة والمستشارين في الدولة.
ولو استطاعت الدولة إقامة مسابقة وطنية
يشارك فيها الشباب البحريني، لوضع حلول لقضايانا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية،
فمن المؤكد أننا سنحصل على إجابات واعدة، وكذلك سنكتشف كوادر جديدة تستطيع أن تكون
بذرة لمسؤولي المستقبل وقياديين في كافة الوزارات، وبهذه الطريقة نضع لبنة لخبراء،
لديهم الموهبة والقوة والطاقة الشبابية للعمل دون كلل، وكذلك سنحصل على منتج وطني نقي
يسعى بصدق لخدمة بلده وإبراز مواهبه وتفريغ طاقاته بعمل منتج يسهم في بناء البحرين
ومستقبلها.
ولتضع الدولة جائزة مالية كبيرة لتحفيز
الشباب على إيجاد حلول، ولنقل إن 10 آلاف دينار ستكون مناسبة للشباب أن يجد فيها مردودًا
مجزيا على عمله، كما أنه لن يكون بالمبلغ الكبير الذي يمكن أن يعجز ميزانية الدولة،
لكنه سيكون كبيرا في نظر الشباب وسيحفز المئات منهم للولوج في المسابقة، ولتعمل وزارة
الإعلام والصحف المحلية على تقديم الدعم الإعلامي للمسابقة، والتوعية بها.
العشرات من المثقفين والعلماء كتبوا عن
الطاقات الشبابية وما يمكن أن تقدمه من خدمات لوطنها، ولا أريد تكرار هذا الكلام في
مقالي، لأنني قرأت منه عشرات المقالات والتقارير، وكذلك القارئ العزيز، لكن لنجسد هذا
الكلام بأفكار عملية ولنجعل الفكرة مربحة، فيمكن أن تقام المسابقة على غرار مسابقات
المواهب الفنية التي تربح منها الفضائيات ملايين الدولارات، ولكل دولة الآن مسابقاتها
العلمية والفنية والثقافية، فلتكن مسابقتنا وطنية علمية اقتصادية، الهدف منها تشجيع
الشباب على استغلال مواهبه، والاستفادة من تلك المواهب بشكل فاعل.