طباعة
sada-elarab.com/223594
عادة ما يسبق صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، الحدث بمبادرات خلاقة، فتأتي تلك المبادرات لتعيد الأمل لدى قطاع كبير من المواطنين، وأبرزها ما حدث مؤخرا بإطلاق صندوق السيولة بقيمة 100 مليون دينار، لدعم ومساعدة الشركات الوطنية المتعثرة.
والذي يميز تلك المبادرة هو مشاركة مجموعة من المؤسسات الوطنية في تقديم هذا المبلغ، يأتي على رأسها صندوق العمل «تمكين» والبنوك الوطنية، ليقدموا التمويل المطلوب وفقا لمعايير تختلف من مؤسسة لأخرى، إلا أنها تتلاقى عند معايير واشتراطات خاصة بصندوق السيولة، وبمعدل عائد ائتماني بسيط يبلغ 2.5%، وهو ما سيحفز القطاعين التجاري والمصرفي اللذين يشهدان حالة من الركود والجمود، فالأول يعاني من ركود تسبب له في خسائر خلال المرحلة الماضية، والثاني يعاني من جمود في نسبة الاقتراض التي انخفضت بسبب الحالة الاقتصادية العامة في المملكة.
وهنا أود التنويه إلى أن الحالة الاقتصادية العامة ليست مقتصرة على البحرين، وإنما هي حالة عالمية تتفاوت فداحتها ما بين دولة وأخرى بحسب ظروفها الاقتصادية، ولله الحمد فإن البحرين تعتبر من الدول المتجاوزة للتبعات الكبيرة للركود الاقتصادي العالمي، والإقليمي، وهذا يرجع إلى أمرين، الأول هو إدراك القيادة لأهمية تنويع مصادر الدخل والإنتاج الاقتصادي، بموازاة العوائد النفطية، والثاني هو حجم مملكة البحرين الاقتصادي مقارنة بدول كبيرة تضررت بحسب حجم اقتصادها.
كما يتصف الصندوق الجديد بالجدية في التعامل مع المؤسسات الاقتصادية المتعثرة، فلا يتم قبول أي مؤسسة إلا بناء على معايير توضح تاريخها في السوق وقدرتها على تحقيق أرباح، تستطيع من خلالها سداد التمويل خلال الفترة المحددة بثلاث سنوات كحد أقصى، وهو ما يمثل أيضا حسما في التعامل مع القضية الأصلية، وهي المغزى من إنشاء الصندوق، بحيث يحفز تلك المؤسسات على تجاوز عثرتها في زمن قياسي.
وعلى الرغم من أن الصندوق يقدم دعما للمؤسسات الاقتصادية الوطنية فقط، إلا أنه لفت أنظار المستثمرين الأجانب له، نظرا لكون المبادرة غير مسبوقة في المنطقة، وتعزز الثقة في الاقتصاد الوطني بشكل عام، حيث تؤكد المبادرة أن الدولة لن تترك الأمور لعوامل السوق الحر وتقف في مربع المتفرج، بل إنها تتفاعل مع الموجة وتحدث التوازن اللازم لاستقرار الأمور.
وإن كنت آمل في هذا الصندوق أن يكون مخصصا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة فقط، أو على الأقل يفرض «كوتا» لهم تستحوذ على النصيب الأكبر من ميزانية الصندوق، وأن يتم تخفيف المعايير الموضوعة أو تقسيمها لمجموعتين، إحداهما خاصة بالمؤسسات الكبيرة والأخرى للمتوسطة والصغيرة تراعي ظروفها.
فلا يخفى على أحد أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي الحلقة الأضعف في مواجهة تسونامي الركود الاقتصادي العالمي، بينما تستطيع الشركات الكبيرة تحمل الخسائر لأكثر من سنة استنادا لأرباحها المتحققة في سنوات وعقود ماضية، تستطيع الركون إليها عند الحاجة، وهو ما لا يتوافر للشركات الناشئة والصغيرة.
وعلى الرغم من اقتراب غلق باب التقديم للتسجيل والمعلن عنه في منتصف مارس القادم، إلا أن الفرصة لا تزال متاحة لتعديل الاشتراطات بما يخدم هذه الفئة، ولنا في رؤية سمو ولي العهد أمل كبير.