طباعة
sada-elarab.com/191662
كلمات تبدو بسيطة تحدث بها الرئيس السيسي إلي أبنائه وبناته من شباب مصر بل وشباب العالم "عندما تتصارع الأفيال الكبيرة فلا تسأل عن العشب الأخضر أو الأشجار الصغيرة" جملة واحدة فيها من عمق الرؤية ووضوح المعني ماقد تعجز عنه خطب عنترية تستغرق ساعات طويلة ، وربما أراد الرئيس السيسي بهذه الكلمات المعدودة ، والتي تعبر عن مثل إفريقي شهير إرسال رسائل متنوعة إلي عدة أطراف وهو يجلس علي مقعده في منتدي شباب العالم بشرم الشيخ.
وأول هذه الأطراف بالطبع هو شعب مصر بكل فئاته سواء رجل أوسيدة فلاح كان أم متعلم حرفياً أو عامل ،أو من يمثل الثروة الأهم للوطن من بنات مصر وشبابها فهم أصحاب المنتدي وهم أول المعنيين به ، قد يكون الرئيس السيسي أراد أن يوضح للشعب المصري لماذا كانت معركة البناء والتنمية حتمية وضرورية ولا يمكن تأخيرها أكثر من ذلك ؟؟!!رغم الصعوبات السياسية والإقتصادية التي كانت تحيط بمصر منذ عدة سنوات سواء علي المستوي الإقليمي والدولي أو القاري ومايتعلق بالشأن المحلي الداخلي .
لعله أراد أن يجيب بكلماته البسيطة عن سر إعادة تسليح وترتيب المنظومة العسكرية والعمل علي إعادة النظر في التعليم ومخرجاته والصحة ومنظومتها الروتينية المتردية التي ظلت لسنوات دون تحديث أوتطوير وماتشهده مصر من إتساع الرقعة الصناعية والمناطق التي تنتشر علي ربوع الجمهورية حتي المبادرة التي أطلقها البنك المركزي قبل عدة إيام والتي تخطت مائة مليار جنية لدعم الصناعات الكبري والمتوسطة وقرابة الثلاثون مليار فوائد متراكمة علي بعض المؤسسات الصناعية المتعثرة تم التنازل عنها تسير كل هذه الإجرآت بالتأكيد في إتجاه دعم الصناعة والمنتج المحلي ، لعله أراد أن يقول بأن الوقت لم يعد يسمح بأن يعيش أكثر من مائة وسبعة ملايين من المصريين علي مالا يتعدي سبعة بالمائة من مساحة الوطن وهي مجموع مساحة الدلتا والوادي ، لذلك كان من الضروري أن تبدأ الدولة في التحرك الأفقي لإستصلاح وزراعة مليون ونصف من الأفدنة ومايقرب من مائة ألف فدان من الصوب الزراعية حتي نعمل علي تأمين حياة شباب مصر وفرص لعمله والأجيال القادمة وأن يبدأ هذا التحرك الأفقي مهنا كانت التحديات ، ميادين كثيرة من البناء تتحرك الدولة فيها بشكل متوازي مع مع الإيفاء بالإلتزامات اليومية والحياتية للناس قدر المستطاع ، إعادة الحياة لقطاع مهم من الإقتصاد القومي يتمثل في السياحة بدأت أرقامه ومدخلاته تتضاعف مع إعادة رؤية تصنيع السياحة المصرية والأمل في غداً أفضل لهذا القطاع الذي يعيش علية قرابة الخمس ملايين أسرة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر مع إعادة البنية السياحية وتطويرها بالشكل اللازم ومنها الإستعداد لإفتتاح تاريخي للمعرض المصري الكبير بالقرب من أهرام مصر التاريخية والذي يسع أكثر من مائة ألف قطعة آثرية علي مدار العصور الفرعونية والإغريقية والرومانية تبدأ بتمثال أشهر ملوك مصر رمسيس الثاني الذي سيزين مدخل المتحف حدث تاريخي ينتظره العالم قبل المصريين ، بناء الإنسان يمثل حجر الزاوية بالنسبة للرؤية المصرية لإعادة البناء والتنمية، ولم لا والرئيس يتحدث في وجود أكثر من سبعة آلاف شاب وفتاه في ضيافة أقرانهم المصريين يتحاورون معهم ويستمعون لهم ويتفاعلون في إهتمام واضح من الدولة بهذه الحلقة الأهم في صناعة المستقبل.
يمكن أن يكون مقصد كلمات السيسي هم قادة الدول الأفريقية وهو مايفسر إنفتاح مصر علي شقيقاتها الأفريقيات بشكل ملفت للانتباه ، بعد فترة من الركود والبرود الذي كان يمثل طبيعة العلاقة لأكثر من عشرون سنه رغم المصير الواحد الذي يجمعنا بالشعوب الأفريقية ، حتي أن مصر بعد فترة وجيزة أعتلت قمة الإتحاد الأفريقي وحملت علي عاتقها كل قضايا القارة متحدثة نيابة عنها في كل المحافل الدولية ، حتي أن الأفارقة أنفسهم يشهدون بإستثنائية هذه الدورة في أنشطة الأتحاد الأفريقي ، وهذا بالطبع سيمثل ضغط علي جنوب أفريقيا التي ستتسلم الراية من مصر ويجب عليها بذل الكثير من الجهد لمواصلة ماتم إنجازة وتحقيق نجاحات جديدة .
ولعل الرئيس السيسي كان يوجه رسالة إلي القوي العظمي المتصارعة في العالم أو من ينوب عنهم من دول ترعي الإرهاب أو عصابات داخلية علي مصادر الثروة والطاقة والموارد الطبيعية التي تنعم بها القارة السمراء، إنا لن نكون يوماً مكان العشب الأخضر مرة أخري بعدما تم إستنزاف موارد القارة لعشرات السنين من الأستعمار الذي قد يكون رحل عنها في صورته العسكرية، ولكنه مؤكد مازال يطمح في إستمرار وجوده بها بأشكال أخري سياسية أو إقتصادية ودعم للنزاعات المحلية التي يوفر لها هذا العالم الذي يفتقد إلي أبسط أنواع الرحمة والمشاعر الإنسانية السلاح اللازم لإستمرارها، ربما يكون الرئيس قد أراد أن يلفت الإنتباه بصفته رئيس الإتحاد الأفريقي و بكل الجهود التي تبذلها مصر في هذا الميدان ، أنه لا مجال بعد اليوم سوي للشراكات القائمة علي إحترام أهل أفريقيا وضمان مصالحهم خصوصاً أن مصر علي مدار التاريخ الحديث لديها علاقات متميزة مع كل دول القارة السمراء ، ولم ولن تحمل مصر لكافة الشعوب الأفريقية إلا كل الخير وحركات التحرر الأفريقية خير شاهد علي ذلك ، ولا زال الأفارقة يحتفظون بإسم الراحل جمال عبد الناصر علي ميادينهم الكبري وشوارعهم وجامعتهم الأكثر أهمية عندهم ، أعتقد أن الرئيس فعلاً كان يقصد إحدي هذه الرسائل أو كلها ، ولما لا وهو الذي قال بلهجتنا المصرية البسيطة قبل ذلك " العفي محدش يقدر ياكل لقمته" هذا هو الجانب الذي لا تحتاج إلي مجهود كبير لتكتشفه في شخصية الرئيس السيسي "الكرامة".