طباعة
sada-elarab.com/181249
احتفل العالم الأسبوع الماضي باليوم العالمي للطفل والذي تحتفل به منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» في تاريخ 20 نوفمبر من كل عام، وجاء هذا العام تحت عنوان «ثلاثون سنة من حقوق الطفل»، لتزامنه مع الذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل.
وأنوه هنا بالحقوق الأساسية للطفل، وهي حق الحياة والتعليم، والعيش الكريم، وحقوق الصحة والغذاء والهوية والحرية، ذلك بالإضافة لحقوق متفرعة أخرى، لكن سأقف عند حق الطفل في «الحرية» والتي أجدها كلمة فضفاضة لا تصلح لأن تنسب للأطفال بسهولة كبيرة مثلما ذكرت في اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1959.
ويتوسع حق الحرية للطفل في الاتفاقية ليشمل كافة أنواع الحريات الممنوحة للبالغين، من حرية التفكير والتعبير عن أفكاره وما يدور في عقله من أسئلة بشتى الطرق، والحق في معرفة ما يجري حوله وإبقائه على اطلاع، وحرية تكوين التجمعات، والاشتراك في النقاشات الجماعية، والمشاركة في مجتمعات ذات أهداف محددة، وحرية تبني الأفكار والقناعات التي يفضلها الطفل، وحرية الوعي والمبادئ المرتبطة بوجود الطفل وفلسفته في الحياة، وحرية الدين واختيار الديانة التي يريدها الطفل.
والغريب أن هذه الحقوق تتصادم مع حق الحماية للطفل والذي يضمن له حماية حقوقه، وحمايته نفسيًا وعقليًا، وتوفير السبل التي تحمي عقليته، وحمايته اجتماعيًا عن طريق حفظ حقه في الازدهار بوصفه جزءًا مهمًا في المجتمع.
فلو نظرنا لحريته في تبني الأفكار والقناعات والدين والمشاركة في مجتمعات ذات أهداف محددة وتكوين التجمعات، لوجدناها فرصة لمن يريد استغلال الأطفال في جرائم، دون محاسبة، وبعيدًا عن رقابة الأهل أصحاب الوصاية والولاية على الطفل، ولعلنا شاهدنا في بعض الدول العديد من الأطفال الذين تم الزج بهم في جرائم جنائية دون إدراكهم لمدى خطورتها، ولم تعلم الأسرة هذه المصيبة إلا بعد فوات الأوان ليجد البعض أطفالهم في السجون.
ولا أدري كيف يمكن أن نعطي أطفالنا الحرية الكاملة في تبني القناعات التي يرغبها، وهو الجاهل الذي لا يعلم تبعات ما يمكن أن يستغل فيه، وكيف للأمم المتحدة أن تضع مثل هذه الحريات للأطفال وتطالب بتطبيقها في المجتمعات، فلم تخلُ المجتمعات الغربية والأمريكية من جرائم لأطفال استخدموا الأسلحة النارية وقتلوا زملاءهم في الدراسة أو أصدقاءهم لمجرد خلافات صبيانية، فهل ستنفعنا تلك الحريات لحماية أبنائنا من أخطار كثيرة تحيط بهم؟.
نحن لا نختلف مع الحقوق الطبيعية للطفل في الحياة والتعليم والغذاء والصحة وحقه في الهوية.. وكذلك حقه في الحماية من مخاطر حقه في الحرية، لأن الحرية تبقى محصورة ضمن إطار المسؤولية، ويجب ألا تخرج إلى نطاق الانعتاق من القيم المجتمعية والالتزامات الأخلاقية والإنسانية، وهو ما لا يتحقق في عقلية الطفل التي يعتبرها القانون قاصرة عن إدراك المسؤولية بمفهومها الواسع.
لقد أصدرت مملكة البحرين قانون الطفل رقم (37) لسنة 2012، وعددت فيه حقوق الطفل ومن أبرزها الصحة والتعليم والغذاء ورعاية الطفل المعاق وتعليمه وتأهيله، وكذلك حمايته من سوء المعاملة، وحظرت في المادتين 59 و60 استغلال الطفل في مختلف أشكال الإجرام المنظم وغير المنظم بما في ذلك زرع أفكار التعصب والكراهية فيه، وتحريضه على القيام بأعمال العنف والترويع. واستغلال الأطفال في التجمعات والمسيرات والمظاهرات التي يكون الغرض منها سياسيًا.
أما مفهوم الحرية الذي ذكر في اتفاقية الأمم المتحدة، فيجب مراجعته لأنه يفتح أبواب واسعة للجدل بشأن تفسيره وتأطيره.. وللحديث بقية عن حقوق الطفل على أسرته.
رئيس تحرير جريدة الديلي تربيون الإنجليزية