طباعة
sada-elarab.com/170328
تناولت في مقال سابق العقوبات البديلة في مملكة البحرين، ووجدت العديد من الزملاء كتبوا أيضا في هذا الأمر، وكذلك عقدت العديد من المؤتمرات الخاصة بالتعريف بالعقوبات البديلة وكيفية التعامل معها في المجتمع سواء من الأفراد أو القطاعين الحكومي والخاص، وهنا أود الإشادة بدور النيابة العامة ممثلة في الدكتور علي بن فضل البوعينين، ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ممثلة في معالي الوزير الشيخ خالد بن علي آل خليفة اللذين قاما بتنظيم ملتقى لتعريف شركات القطاع الخاص بالعقوبات البديلة، وكيفية تعاونهم في استيعاب هؤلاء المحكومين في أعمال تفيد المجتمع بشكل مغاير.
ولا أريد التطرق لهذا الدور المشكور للنائب العام ووزير العدل، وما يسعيان إلى تطبيقه في شأن العقوبات البديلة، ولكن الذي كان له تأثير مباشر وفعال في شرح هذا الأمر وتوصيل المعلومة للجمهور، هو شخص آخر اسمه «عمر فاروق»، وهو شاب قام بتسجيل مجموعة حلقات على قناته في يوتيوب عن تجربة دخول السجن والحياة داخله، وتأثير ذلك على المحكوم في قضايا ربما لا تعتبر ذات قصد عمدي في حدوث الجريمة، وتطرق في الفيديو المسجل إلى حال أكثر من سجين وكيف يعيشون داخل السجن، وشعورهم حيال الجرائم التي دخلوا بسببها السجن.
ويخرج عمر في مقطع آخر ليشرح للمشاهد تفاصيل استبدال عقوبته كمحكوم في جريمة، ويعرض على المشاهد مقارنات من واقع التجربة بين حياة السجن والعقوبة البديلة، وكل ذلك بأسلوب شيق وجذاب تعاطف معه أكثر من مليون و800 ألف مشاهد لفيلمه الذي حوى 4 أجزاء، وكان له تأثير واسع على الناس في الشارع البحريني والخليجي على حد سواء.
وفي الجزء الأخير من فيلمه خرج عمر فاروق بفكرة بيع منتجات المسجونين من الأعمال الفنية، وكيف أن الفكرة لاقت تشجيعًا وترحيبًا من مؤسسات حكومية مثل وزارة الداخلية ووزارة العدل وهيئة الثقافة، ومؤسسات مجتمع مدني، وكيف أن الجمهور اكتسح المعرض الذي أقيم لمنتجات المسجونين وأعمالهم من الحرف اليدوية.
وطرح عمر فاروق مبادرة في المعرض، تتمثل في كتابة رسائل من زوار المعرض للمسجونين أصحاب الأعمال المعروضة، وهي فكرة لا أستطيع أن أجد لها وصفا يعطيها حقها من الإشادة، وقد نجحت الفكرة وعادت بأثر نفسي عظيم على المسجونين.
كما كان لعمر فكرة إبداعية أخرى نفذها عند خروجه من السجن، وهي إرسال هدايا وعيديات لأهالي المسجونين، ليشعرهم بأنهم معهم حتى ولو كانوا بعيدين، وهذه الفكرة أيضا كانت بمثابة مبادرة إنسانية تحمل طابعًا عالميًا، ربما سيكون لها بعد آخر وتؤخذ كتجربة بحرينية تطبق في دول العالم.
ولئن كنت قد أوجزت في شرح الفيلم الذي يبلغ زمن أجزائه الأربعة قرابة الخمسين دقيقة، إلا أن في مشاهدته تفاصيل لن يستوعبها هذا المقال، ولربما أقيمت العديد من الندوات والفعاليات للتعريف بالعقوبات البديلة، لكن هذا الفيديو كان له أثر يتجاوز مئات.. بل آلاف الندوات، وهذا هو بيت القصيد، حين يغني عمل فني مصور عن كل الكلام.
وأثناء مشاهدتي لهذه الباقة الجميلة من أفلام عمر فاروق، تذكرت القاضي المشهور فرانك كابريو وطريقة تعامله الإنساني مع الناس في محكمته، وأتساءل هنا.. كيف للأعمال الإنسانية أن تؤثر في تغيير عقيدة المجتمع ومساره ومستقبله، وأنا على ثقة بأن ما يفعله القاضي كابريو قد أثر على قضاة كثر حول العالم، كما سيكون لفيلم عمر فاروق أثر كبير في مستقبل الشباب في البحرين وربما كل الدول الناطقة باللغة العربية.. فشكرًا لعمر فاروق على هذا العمل الإنساني الملهم.
رئيس تحرير جريدة الديلي تربيون الإنجليزية