رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
د. قيس العزاوي

د. قيس العزاوي

ترامب يهدد بتدمير الاقتصاد التركي بكامله

الأحد 13/أكتوبر/2019 - 04:57 م
طباعة


بتفهم روسي ومباركة امريكية قامت القوات التركية بالتوغل العسكري في شمال شرقي سوريا لمهاجمة قوات الحزب الديمقراطي الكردي (وحدات حماية الشعب) التي وعدها الامريكيون بتدريب ما يقرب من 30 الف مقاتل منها وتسليحهم لمواجهة قوات داعش الارهابية وحماية تجربتهم.. بيد ان تركيا اردوخان وجدت ان هذا الاتفاق مهدد خطير لامنها القومي فرفضته، وتمردت على الحليف الامريكي وقامت قبل اشهر بمهاجمة عفرين التي يديرها الاكراد والسيطرة عليها. وهي اليوم بصدد السيطرة الكاملة على منطقة "تل ابيض" دون ان يحرك الامريكيون ساكناً بل على العكس "بلعوها" وبدأوا بسحب بعض قواتهم، مما أثار ليس قادة الاكراد فحسب بل قادة الحزب الجمهوري الامريكي انفسهم .


ليست هذه هي المرة الاولى التي يتخلى الامريكيون عن حلفائهم ، فقد سبقتها مرات ومرات مما يجعل مقولة الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك " من يتغطى باللحاف الامريكي فهو عريان" مقولة صحيحة تماماً. فلن يرتعد ترامب من صرخات الاكراد والجمهوريين التي تتهمه بـ "الخيانة" فقد اتخذ قرار اعطاء الضوء الاخضر لاردوخان على اثر اتصال هاتفي بينهما وعلى ما يبدو فقد ندم، بعد ثارت على قراراته الفردية اصوات الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، لذلك قام بتهديد الاقتصاد التركي ..

والاقتصاد التركي المتنامي والصاعد والذي نقل تركيا الى مصافي الدول العملاقة في العالم بات يقلق الغرب عامة والامريكيين خاصة.. الامر الذي جعل تركيا تتباهى بعظمتها وتثير غيرة الاوروبيين بعد ان رفضوا ضمها الى اتحادهم الاوروبي . لذلك بدأت الضغوط السياسية على توجهات تركيا السياسية الخاصة بتوطيد العلاقة مع العمق الاسلامي وتحولت الى ضغوط اقتصادية وتهديدات .

وقصة الخلاف السياسي بين تركيا والحلفاء الغربيين تعود الى ما بعد الانقلاب العسكري الفاشل في تموز عام 2016 ومنذاك بدأ الاقتصاد التركي يفقد كل يوم بفعل الضغوطات الغربية بعضاً من حيويته وكثيراً من سبل نموه . لقد أدى الانخفاض في احتياطيات النقد الأجنبي والانخفاض الآخر في مستوى الاستثمارات الاجنبية في تركيا الى تقلص الاقتصاد التركي الذي عاش طيلة السنوات الاربع السابقة في دوامة التقلبات المالية التي افرزت بدورها عدم اليقين السياسي.. ومما زاد الطين بله تزايد معدلات البطالة الى 15 في المائة وارتفاع معدل التضخم الى 17 في المائة. ونتيجة لتدهور علاقة تركيا مع الادارة الامريكية واستخدام الاخيرة الضغوط الاقتصادية فقدت الليرة حوالي 30% من قيمتها أمام الدولار العام الماضي .

لقد ساهمت حدة الخلافات التركية الامريكية في تسريع عجلة الضغوطات الاقتصادية والسياسية الامريكية على سلطة الرئيس التركي طيب رجب اردوخان.. وقد أدت هذه الضغوطات في السنتين الاخيرتين الى انتكاسته السياسية، والتي تمثلت في خسارته لبلدية اسطنبول من ناحية، وحدوث عدد من الانشقاقات التي عرفها حزب العدالة والتنمية من ناحية ثانية، والى تراخي قبضة اردوخان على الحزب وخروج بعض قادة حزبه وانضمامهم لمعارضته والتشهير بقراراته من ناحية ثالثة.. لقد ترافق ذلك مع تدهور مقلق في قيمة الليرة التركية. والسؤال المطروح هو: ما الذي حدث وكيف السبيل لفهمه وهل بامكان ترامب تدمير اقتصاد تركي قوامه قرابة تريليون دولار؟ ذلك ما نحاول الاجابة عليه :

أولاً : تراكم ما يكفي من الاسباب لكي تضطرب علاقة تركيا اردوخان مع جبهة الغرب وبخاصة مع امريكا وربما يكون على رأس هذه الاسباب تدهور علاقة تركيا بحليفتها التاريخية اسرائيل بعد حادثة الاعتداء الاسرائيلي على اسطول السلام عام 2010 الذي نقل نشطاء السلام الى غزة من اجل كسر الحصار عليها واغلبهم من الاتراك ومقتل 9 منهم..

ثانياً : اضيف الى التخالف التركي الامريكي وقوع الانقلاب العسكري على اردوخان في تموز 2016 والذي تعاطفت معه امريكا وعموم الغرب في وقت كان الغرب فيه يقف على الدوام مع السلطات المنتخبة وضد الانقلابات العسكرية، الامر الذي دفع تركيا نحو تحالفات دولية جديدة .


ثالثاً: إن الخشية الامريكية من فقدان تركيا الحليف التاريخي للغرب دفعت الرئيس الامريكي دونالد ترمب للموافقة على التوغل العسكري التركي في شمال شرقي سوريا (تل ابيض) ، وترافق ذلك مع بدء انسحاب جزئي للقوات الأميركية من شرق الفرات، جرى ذلك بمباركة روسية اذ أعلن الكرملين بأنه يتفهم الإجراءات الهادفة لضمان أمن تركيا. ومن ناحيتهم ناشد بعض القادة الاكراد السوريين مجلس الامن الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه سكان المنطقة، مطلقين صرخاتهم عن «خيانة» أميركية.
    
رابعا : ولكل تنازل امريكي ثمنه ففي اطار ممارسة واشنطن سياسة الابتزاز الاقتصادي للقرارات الامنية والسياسية المستقلة عن استراتيجيتها في المنطقة، قامت واشنطن سابقاً بمعاقبة تركيا اقتصادياً في السنوات الماضية، ويلوح اليوم الرئيس الامريكي ترامب بتدمير الاقتصاد التركي برمته في تغريدة اخيرة على «تويتر» اذ يقول: «إذا فعلت تركيا أي شيء واعتبرته خارج الحدود، فسأقوم بتدمير اقتصادها بالكامل وطمسه ، ويضيف معترفاً : لقد فعلت ذلك من قبل!. وتلك هي المرة الاولى التي يعترف فيها رئيس امريكي بممارسة الابتزاز والتدمير الاقتصادي لتحقيق اهداف سياسية.

خامساً: لقد مرت الازمة الاقتصادية الاولى في تركيا باقل الاضرار عام 2018 لوقوف حليف اردوخان امير قطر الشيخ تميم أل ثاني معه مستثمراً 15 مليار دولار في تركيا، فضلاً عن تحويل البنك المركزي الصيني لمبلغ مليار دولار الى تركياً .

سادساً: التهديد الامريكي الجديد لتركيا جاد وفعال لكونه يلقى دعماً اوروبياً وذلك لان غالبية ديون الشركات التركية البالغة 220 مليار دولار هي لمؤسسات اوروبية، وان دول الاتحاد الاوروبي هي المستثمر الاكبر في تركيا، اذ مثلت حصتها من صافي التدفقات الداخلة للاستثمار الأجنبي المباشر نسبة 61 بالمائة. وبناء عليه لن يتمكن اردوخان من الافلات من القبضة الاقتصادية الغربية مع رغبته العارمة بالبقاء في نادي الحلف الاطلسي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. والاقتصاديون الاتراك يعترفون بإن أوروبا وامريكا و"صندوق النقد الدولي" هم طوق نجاة الاقتصاد التركي وهم القادرون على انتشال البلاد اذا ادركتها الازمة.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads
ads
ads