طباعة
sada-elarab.com/161173
استكمالاً لما ذكرته في مقالي السابق بشأن معارض التوظيف التي تنظمها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية - مشكورة -، فقد اكتشفت أن الفتاة التي تحدثت عنها تمثل حالة من بين عشرات الحالات التي كان لها ردود أفعال حول ما نشر للأسف، ولم أكن أتوقع أن تتطور الحالة الفردية إلى ظاهرة مجتمعية تحتاج لدراسة.
فقد رد أحد القراء قائلاً، إن التوظيف في بعض الوظائف أصبح بالوراثة، وفي القطاع الخاص فعادة ما يكون الشخص المسيطر على إدارة التوظيف، في حالة كان «غير بحريني» يسعى بشتى الطرق في إدماج ذويه أو بني جلدته في المؤسسة حتى تكتمل السيطرة التامة على مفاصلها، وأعتقد أن جميعنا يدرك هذا الأمر أو عايشه واقعا أمام أعينه، فحينما يتقدم بحريني للوظيفة ويختبره آسيوي على سبيل المثال، لا يكون الرد سوى الاعتذار عن قبوله.
ويؤكد قارئ ثانٍ أن وزارة العمل مع الأسف الشديد لا تتابع ما يجري بعد المعارض من «توظيف فعلي»، وإحقاقاً للحق فقد قررت الاطلاع على آخر تقرير أصدرته الوزارة في موقعها الإلكتروني بشأن التوظيف والخريجين، حيث ذكرت أن في عام 2018، كان عدد الحاصلين على درجة البكالوريوس والدرجة الأعلى يبلغ 4798 خريجاً بنسبة 57.13%، بينما الحاصلين على الثانوي فعددهم 913 بنسبة مئوية 10.87%، وهو ما يطرح سؤالاً بشأن عدد الوظائف الكبير المعروض لحاملي الشهادة الثانوية في مقابل وظائف الجامعيين في تلك المعارض، والتي تحدثت عنها الفتاة بالمقال السابق.
وهل نكتفي بحصول أبنائنا على الشهادة الثانوية فقط لكي يجدوا لهم وظيفة سريعة؟ وما فائدة الجامعات الخاصة وجامعة البحرين، إذا لم يكن هناك وظائف لخريجيها؟ ولماذا لا تراقب الوزارة نوعية الوظائف المطروحة في معارض التوظيف، وتسأل الشركات الخاصة عن سر بحثها الدؤوب عن خريجي الثانوي وعزوفها عن الجامعيين، وهل للراتب علاقة بذلك الأمر؟..
وأظهرت جداول الوزارة أيضا الموجودة على موقعها الإلكتروني أنها أقامت 7 معارض توظيف خلال عام 2018، وأن إجمالي الذين تم توظيفهم قد بلغ 2652 خريجاً لم يتم تصنيف مؤهلاتهم العلمية بحسب الجدول، أي أن إجمالي الخريجين من الجامعات والثانوي العام والبالغ عددهم 5711 قد تم توظيف 2652 منهم، بدون توضيح التصنيف للشهادات العلمية.
وهذا الرقم يؤكد أن نصف الباحثين عن وظائف في عام واحد مازالوا ماكثين في منازلهم بانتظار معارض جديدة، هذا إذا ما تغاضينا عن الوظائف الوهمية في المعارض والتي أشرت إليها في المقال السابق.
ويتحسر مواطن آخر في رسالة جاءتني على ما صرفه على ابنه الذي درس حتى حصل على شهادة الماجستير في جامعة بانجلترا، ليعرض عليه وظيفة محاسب في عيادة براتب لا يتعدى الـ 400 دينار، بينما يسرد مواطن آخر قصة ابنة عمه الخريجة التي تتشابه قصتها مع فتاة معارض التوظيف السابقة، ويقول إنها تتلقى الاتصالات للمشاركة في المعارض لتكتشف بعد انتهاء المعرض أنه كان مسرحية هزلية شاركت فيها بدور كومبارس دون أن تحصل حتى على أجر التمثيل، ليبقى المخرج هو صاحب الإنجاز والتصفيق، من جمهور لا يدرك أنها مجرد عرض تمثيلي تنتهي مدته مع انتهاء معرض التوظيف.
أتمنى من الوزارة الموقرة أن تقوم ببحث ظاهرة «ثانوي لا جامعي» التي أصابت معارض التوظيف، وأتمنى منها أن تتابع مع المؤسسات وأيضا مع من خرجوا من المعارض يحملون أحلاما لم تتحقق خارج أبواب الوزارة، وتسألهم عما يحدث في كل معرض، لعلنا نعرف أسباب الفشل التوظيفي الذي يعيشه خريجونا.. وللحديث بقية..