طباعة
sada-elarab.com/160278
تقيم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية - مشكورة - معارض للتوظيف بين فترة وأخرى، ويتم الإعلان عن أعداد الوظائف المتاحة والتي تعد بالمئات تعرضها شركات في القطاع الخاص، ويبدأ المعرض بتسويق جيد قبله وبعده، وصور واحتفاء بالمناسبة وتصريحات مفرحة ومتفائلة تؤكد أن مشكلة العاطلين عن العمل قد بات قريبا حلها ومن يبحث عن عمل فليأتِنا.
هذا هو الحديث المعلن الذي نقرأه في الصحافة كل فترة، لكن ماذا عن الواقع على الأرض؟.. فقد قالت لي إحدى الخريجات إنها ومنذ تخرجها قبل 4 سنوات وهي تبحث عن وظيفة، دون جدوى، وكانت من الأوائل في طابور معارض التوظيف التي تقيمها وزارة العمل الموقرة، ولكن ما يحدث في المعارض التي حضرتها – وهي أربعة معارض توظيف – يتكرر كسيناريو معاد إنتاجه.
هنا تدخل الفتاة المعرض فتجد مجموعة من الشركات التي في مجملها تبحث عن مؤهل «ثانوية عامة»، أما خريجو الجامعات فنصيبهم الأقل في المعروض من الوظائف، ولكن الفتاة لا تيأس فتحاول عرض مؤهلاتها على الشركات المشاركة في المعرض، وبالفعل تتلقى كلمات ترحيبية إيجابية ومفرحة: «نعم إننا بحاجة لتخصصك فلتعطينا أوراقك»، ولا تتردد الفتاة في توزيع نسخ من شهاداتها العلمية والعملية والتدريبية على الشركات العارضة، على وعد منهم بأنهم سيتصلون بها بعد انتهاء المعرض.
وتعود للبيت تنتظر ذاك الاتصال.. لكن لم يتصل بها أحد، فتخرج للبحث بنفسها عن الشركات التي وعدتها، فيخبرونها أنهم سيتصلون بها يوما ما، فتعود للبيت وتنتظر، ثم يأتي موعد المعرض التالي، وتتصل بها المسؤولة في وزارة العمل لتدعوها للاستجابة والحضور، فتأتي وتبحث ويتم التقاط الصور، وسماع الوعود بالاتصال بعد المعرض، لكن يتكرر ما حدث في المعرض السابق.
وحتى يومنا هذا، تقول الفتاة إنها وكثيرين مثلها يشاركون في معارض التوظيف بهمة ونشاط وحيوية، ويتلقون الوعود بصدر رحب على أمل أن يأتيهم التوظيف من أي مكان، فلا يجدون شيئًا مما وعدوا به، فهل العيب في الشركات؟ أم العيب في الباحثين عن عمل؟ أم العيب فينا في ادارة ملف التوظيف؟ أم أننا نعيش مسرحية هزلية تسمى معارض التوظيف؟
وهنا أيضا أود توضيح الدور الكبير الذي تقوم به تمكين في تدريب الكوادر الوطنية لتأهيلهم للوظائف المفترض أنها متاحة ومعروضة، فعلى لسان تلك الفتاة، تؤكد أنها تلقت دورات تدريبية عديدة استفادت منها وحصلت فيها على شهادات تؤهلها لأن تكون موظفة مطلوبة في سوق العمل، لكن ما يحدث هو أنه بالفعل هناك بعض الوظائف «المحجوزة مسبقا» لبعض الأقارب والمعارف والأصدقاء في تلك المؤسسات.
كما انني لا أجحد جهود وزارة العمل الموقرة في شأن إقامة المعارض والتواصل مع المؤسسات والضغط عليها للمشاركة وعرض بعض الوظائف، لكن هل هي وظائف شاغرة بالفعل؟.. وهل يتم متابعة توظيف المتقدمين في تلك الشركات بعد انتهاء المعارض؟ أم أن الأمر ينتهي بعد الانتهاء من المعرض ونشر الخبر في الصحف؟
في الحقيقة لا أجد تفسيرًا لما يحدث في حالات معارض التوظيف، سوى أنه ضغط على المؤسسات لتوظيف الخريجين، ينتج عنه فيلم ذو إخراج سيئ، يؤسس لحالة من الإحباط لدى الخريجين الذين يتضاعفون يوما بعد آخر، وتتراكم ملفات المؤهلات في أدراج وزارة العمل، فتحاول التخلص من هذا العبء بتنظيم معارض توظيف، لكن المؤكد هو أن الأدراج في الوزارة تتضخم بملفات يومًا بعد آخر ولا تقل.
ويبقى مصطلح «أنا من طرف فلان» هو صاحب السيطرة على أرض الوظائف رغم أنف معارض التوظيف، ومنظميها والمشاركين فيها عرضًا وطلبًا.. وللحديث بقية.