طباعة
sada-elarab.com/147474
انتظر الكثير من المواطنين خبر بدء التطبيق الفعلي لأحكام قانون رقم 18 لسنة 2017 بشأن العقوبات والتدابير البديلة الذي صادق عليه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، ودخل حيز التنفيذ خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وهذا القانون يمثل مرحلة انتقالية جديدة من تاريخ مملكة البحرين في العدالة الجنائية ومفهوم روح القانون والعقوبة التي تثمر عن إصلاح المجتمع وتأهيل المخالفين فيه، فلم تكن العقوبات الجنائية مجرد عقاب فقط في يوم من الأيام، وإنما إصلاح وتهذيب وإعادة تأهيل للإنسان الذي أجرم في حق نفسه أولا ثم في حق المجتمع الذي يعيش فيه.
وظهرت فكرة نظام العقوبة البديلة عن الحبس في أمريكا عام 1970، وطبقت انجلترا الفكرة عام 1979، وانتشرت بعد ذلك في بقية إنحاء دول أوروبا، ثم انتقلت إلى دول العالم، لما لها من مزايا عديدة تعود على الفرد والعائلة والمجتمع.
وتتكون العقوبات البديلة من 7 أنواع وهي: العمل في خدمة المجتمع، أو الإقامة الجبرية في مكان محدد، أو حظر ارتياد مكان أو أماكن محددة، أو التعهد بعدم التعرض أو الاتصال بأشخاص أو جهات معينة، أو الخضوع للمراقبة الإلكترونية، أو حضور برامج التأهيل والتدريب، وأخيرا إصلاح الضرر الناشئ عن الجريمة.
والأكثر شيوعا في الأحكام الصادرة منذ بدء تطبيق القانون، هي عقوبة العمل في خدمة المجتمع، بينما تتسم باقي العقوبات البديلة بمدى اتصالها بالشخص الذي وقعت عليه الجريمة، إلا عقوبتين وهما: حضور برامج التأهيل والتدريب، والخضوع للمراقبة الإلكترونية.
وسأتوقف عند الأخيرة والخاصة بالمراقبة الإلكترونية أو ما يعرف بالسوار الإلكتروني والتي لم يبدأ تطبيقها فعليا في البحرين، وربما السبب هو عدم توفر هذا النوع من السوار حتى الآن، إلا أنه يعتبر مطلبا أساسيا في منظومة تطبيق العدالة لأسباب عدة.
أولا: يعتبر السوار الإلكتروني من الوسائل التي يمكن أن تحقق نطاقا أوسع لمفهوم العقوبة البديلة في العديد من الجرائم بحيث تشمل متهمين في جنايات مثل المخدرات والسرقات البسيطة وقضايا الشيكات.
ثانيا: يمكن للسوار الإلكتروني أن يوفر لميزانية الدولة مبالغ طائلة متمثلة في كلفة أماكن الاحتجاز والرقابة الأمنية وتوفير اللوجستيات الخاصة باحتجاز المحكومين من ملبس ومأكل ورعاية طبية، ورقابة أمنية على مدار الساعة، فضلا عن تقليل خطورة تواجد مدانين في جرائم بسيطة مع آخرين من ذوي الأسبقيات ومحترفي الإجرام، وما يحدث من مشكلات كبيرة يعرفها العاملون في هذا القطاع.
ثالثا: يعتبر السوار الإلكتروني الأكثر حفاظا على آدمية المعاقب جنائيا، وبديل أفضل له من تواجده في عمل خدمي مجتمعي، ربما يسيء لكرامته وسط المجتمع الذي سيعلم بالتأكيد أن هذا الشخص هو مدان في جريمة وينفذ عقوبة، وهذا سيكون له انعكاسات سلبية على المعاقب نفسه وربما يحفزه على العودة للجريمة مرة أخرى.
رابعا: يحافظ السوار الإلكتروني على الوضع المجتمعي للمعاقب والذي سيجعله يتعامل مع الأفراد بطبيعته ودون خجل من وضعه الأمني الذي لن يظهر للناس في العلن، حيث يتميز السوار بكونه يوضع على الرجل ويختفي تحت الملابس.
الخطوة التي اتخذتها مملكة البحرين وتوجيهات جلالة الملك حفظه الله ورعاه بسرعة تنفيذ القانون، تعزز أيضا من مكانة البحرين على المستوى الحقوقي الدولي، وتؤكد أن جلالة الملك يريد الخير للمواطن، ويريد أن يحافظ على كرامته، ولكن المواطن ينتظر أن يدخل السوار الإلكتروني حيز التنفيذ بأسرع وقت ممكن..
رئيس تحرير جريدة الديلي تربيون الإنجليزية