طباعة
sada-elarab.com/131394
تشير التقارير التكنولوجية الواردة إلى أن شركة غوغل مالكة نظام التشغيل «أندرويد» ستقوم بطرح تحديث جديد للنظام يمكن أن يسمح لشركات الاتصالات التي توفر خدمة الإنترنت للهواتف الذكية في أي بلد، إمكانيات تحكم كبيرة على هواتف المستخدمين، وفي حال شراء هاتف من خلال تلك الشركة فيحق لها أن تحجب عن المستخدم إمكانية استخدام شريحة الثانية لشركة اتصالات أخرى.
هذا الخبر يفتح المزيد من التساؤلات حول مستقبل التكنولوجيا المتاحة بين أيدينا حاليا، والتي توفر للمستخدم إمكانية تخزين كافة بياناته على سحابات إلكترونية متنوعة، حيث تقوم العديد من شركات التكنولوجيا بعرض مساحات كبيرة لتخزين البيانات، والأمر الممتع - والمخيف في ذات الوقت - أنها مجانية لمساحات معينة، ويمكن شراء مساحات أكبر.
ولا أعتقد أن تلك الشركات تعرض خدمات مجانية للناس أو حتى بأموال زهيدة دون أي عائد ولو محتمل في المستقبل، فكثيرون منا يجدونها فرصة عظيمة لتخزين كافة معلوماتهم في تلك السحابات، نظرا لما تقدمه من خيارات الحصول على ملفاتك من أي مكان في العالم، شريطة تواجد شبكة إنترنت.
لكن ماذا يخبئ لنا المستقبل وراء تلك العروض المذهلة، هل سيأتي اليوم الذي نطالب فيه بدفع أموال حتى نحصل على ذكرياتنا ومعلوماتنا التي تركناها بين أيدي تلك الشركات؟.. وكم سيكون المقابل لاسترداد ما فقدناه باختيارنا؟ وكيف سيكون التعامل القانوني مع هذه الشركات عابرة الحدود، وهل يستطيع إنسان يعيش في بلد أو قرية أن يرفع دعوى لاسترداد مستنداته التي أعطاها لشركة مثل غوغل أو غيرها؟.
هل لدينا الضمانات الكافية لاستعادة ملفاتنا المخزنة فوق السحاب، أم أنها تبقى سحبًا يمكن أن تتبدد في يوم إلكتروني عاصف، خاصة وأن تقارير منتصف عام 2017 أكدت أن عدد مستخدمي نظام أندرويد قد بلغوا 2 مليار مستخدم، ولا أعلم كم العدد اليوم ولكن من المؤكد أنه يقترب من 3 مليارات، مع توفر العديد من خيارات الهواتف الذكية الرخيصة للمستهلكين حول العالم.
ولا يمكن إبراء ذمة أي نظام من هذه النوايا، ولو أنه يقدم خدماته السحابية بمقابل مادي، لكن تبقى الضمانات الخاصة بالمعلومات وخصوصيتها والقدرة على استعادتها أيضا تحت رحمة صاحب القرار في الشركة العملاقة، ولا يمكن لشخص «فرد» أن يعترض في حال تم حجب بياناته، ولعلنا نتذكر قضية الأم التي فقدت ابنتها في ظروف بقيت غامضة وفشلها في الحصول على حكم يلزم (فيسبوك) بمنحها تصريح الولوج كوريثة.
وموضوع الميراث والمعلومات المخزنة في السحابات الإلكترونية، سيفتح المزيد من التساؤلات في المستقبل، خاصة وأن تقنية مثل (البلوكتشين) والتي تعتبر حاليا إحدى تقنيات تبادل الأموال واستثمارها، وشراء العملات، ستمثل تحديا لورثة أي متوفى لديه حسابات مصرفية لعملات رقمية على الويب، وفي حال لم يتم وضع تقنين لهذه العمليات وكيفية التصرف فيها بعد وفاة صاحبها، سيمثل ضياعا لأموال لا نعلم حجمها على الورثة.
لا نتمنى أن يحدث أي ابتزاز في المستقبل لما يمكن أن نخزنه من معلومات على السحابات الإلكترونية للشركات المزودة لتلك الخدمات، لكن يجب أن يكون لهذا الأمر حدود ملزمة للطرف الأقوى في المعادلة أن يلتزم بمعايير الأمانة وأن يتم وضع تشريعات بين دول العالم تحفظ لنا حقوقنا التي باتت في أيادٍ لا نعلم مدى أمانتها.. ولذلك يجب أن نقلق من المستقبل.
رئيس جريدة الديلي تربيون ورئيس منظمة الوحدة العربية الأفريقية لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب