عربي وعالمي
أبوالغيط : منظمة العمل العربية ركناً أساسياً ومحركاً مهماً في المنطقة
السبت 19/أبريل/2025 - 01:01 م

طباعة
sada-elarab.com/761181
اكد الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط أن منظمة العمل العربية لاتزال تمثل ركناً أساسياً ومحركاً مهماً في منظومة العمل العربي المشترك، موضحا انه ومنذ انطلاقها في عام 1965 قدمت نموذجاً مهماً في تمثل أطراف العملية الإنتاجية: العمال وأصحاب العمل والحكومات... وأيضاً نموذجاً رائداً في تبادل الخبرات عبر العالم العربي حول أفضل الممارسات التنظيمية، والمبادئ التشريعية التي تحكم علاقات العمل
جاء ذلك في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر العمل العربي في دورته العادية (51) التي عقدت اليوم بجمهورية مصر العربية برئاسة اليمن وحضور وزراء العمل العرب او من يمثلهم.
والى نص الكلمة
في البدء أود أن أُجدد التهنئة لمنظمة العمل العربية،مديراً عاماً ومساعدين بمناسبة مرور ستين عاماً على تأسيس المنظمة، حيث حلّت هذه الذكرى في 12 يناير الماضي... ولاتزال هذه المنظمة ركناً أساسياً ومحركاً مهماً في منظومة العمل العربي المشترك... ومنذ انطلاقها في عام 1965 قدمت نموذجاً مهماً في تمثل أطراف العملية الإنتاجية: العمال وأصحاب العمل والحكومات... وأيضاً نموذجاً رائداً في تبادل الخبرات عبر العالم العربي حول أفضل الممارسات التنظيمية، والمبادئ التشريعية التي تحكم علاقات العمل... فضلاً عن النظم والممارسات النقابية التي تضمن توازناً لا غنى عنه في العلاقة بين أصحاب العمل والعمال.
إنني أقدم هنا تحية واجبة للمنظمة على كل جهودها في تنسيق العمل العربي المشترك في هذا المجال المهم.. وأوجه شكراً لجمهورية مصر العربية التي تحتضن المنظمة وتوفر لها كل التسهيلات باعتبارها دولة المقر.
إن الأوضاع العالمية التي نتابعها جميعاً اليوم غير مسبوقة في سرعة تلاحقها وعمق تأثيرها وخروجها على المألوف والمعتاد... لقد صار انعدام اليقين سمة غالبة على الاقتصاد العالمي... وصار كسر القواعد هو القاعدة... والتغير السريع هو الصفة الغالبة.
ولا يخفى أن هذه التحولات، التي لا يمكن الإحاطة بآثارها وتبعاتها الممتدة وهي لازالت بعدُ قيد التشكيل... أقول لا يخفى أن التحولات ستلمس الأمم جميعاً، غنيها وفقيرها... كما أن آثارها ستمتد حتماً إلى قوة العمل في كافة الدول... وأحسب أن حماية الحق في العمل وتقليل نسب البطالة سيمثل أولوية قصوى لدى جميع الحكومات في المرحلة القادمة.
لقد شهدت طبيعة العمل نفسها تغيرات كبيرة في الفترة الأخيرة... اختفت وظائف أو تقلص اسهامها في مقابل بروز أكبر لوظائف أخرى، خاصة في قطاع الخدمات... ونعرف أن التحولات الكبرى في التكنولوجيا تجلب معها عادة تغيرات في طبيعة العمل واضطراب –قد يطول أو يقصر – في سوق العمل... هذه حقيقة تاريخية يمكن استخلاصها بسهولة من عملية التحول من المجتمعات الزراعية إلى الصناعية، والتي صحبتها آلام وتغيرات كابدتها الأغلبية العظمى من المجتمعات.
ولما كان العالم يخوض عملية تحول تكنولوجي مماثلة – إن لم تكن أبعد في مداها وأخطر في أثرها – فإن من المتوقع أن يصحب هذه العملية تحولات في طبيعة العمل والوظائف... إن البروز المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي يشكل من دون شك مخاطر على معدلات التوظيف يتعين على كل المهتمين بشئون العمل والعمال الانتباه لها... خاصة عندما تدخل هذه التقنيات الشاملة الاستخدام إلى شتى المجالات... وتعيد تشكيل عمليات الإنتاج في الصناعة والخدمات وفي الصحة والتعليم وغير ذلك من أوجه النشاط البشري.
إن الاستعداد لهذه الثورة، التي بدأت بالفعل، يعد فرض عين من أجل تقليل المخاطر، وجلب المكاسب الممكنة... وأحسب أن علينا أن نضع نصب أعيننا دائماً العنصر البشري... الذي هو أصل عملية الإنتاج وهدف أي سياسة تنموية... الدفاع عن حق العمل ضرورة ملحة... ولكن التخطيط بعيد المدى لابد أن يشمل عناصر مختلفة للتعامل مع موجة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الجديدة خاصة في مجال التحول الرقمي... ومن بينها المرونة في إعادة توجيه العمال نحو الوظائف الجديدة... بكل ما يقتضيه ذلك من برامج لإعادة التأهيل والتدريب... وإذا كانت طبيعة العصر هي التغير السريع، فالتكيف والمرونة تصبح مبادئ أساسية في وضع سياسات العمل.
ولا شك أن التشريعات والتنظيمات النقابية في البلدان العربية عليها أيضاً أن تتكيف مع هذه التغيرات المتسارعة بعقل مفتوح واستشراف متبصر للمستقبل، مع إصرار متواصل في الدفاع عن حق كل فرد في العمل، ومواجهة بطالة الشباب على نحو خاص باعتبارها من أخطر الآفات الاجتماعية والسياسية.
لا يفوتني في هذا المقام، وفي ظل حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والتي تستهدف نزعه من أرضه وسلخه من وطنه... أقول لا يفوتني أن أوجه التحية والتقدير لمنظمة العمل الدولية... وأيضاً نظيرتها العربية... لجهودهما المشتركة الصادقة التي أفضت إلى حصول فلسطين على صفة دولة مراقب في المنظمة الدولية في 4 نوفمبر الماضي... ونأمل أن تتواصل الجهود لاعتماد القرار بشأنها نهائي في مؤتمر العمل الدولي المقرر عقده خلال شهر يونيو المقبل... ولأول مرة سيمنح هذا القرار فلسطين حق المشاركة الكاملة في هياكل منظمة العمل الدولية كافة... وستشارك فلسطين خلال هذا العام بوفد رسمي ثلاثي مكون من ممثلين عن الحكومة والعمال وأصحاب العمل.
لقد اطلعنا باهتمام على الموضوعات والتقارير المعروضة على جدول أعمال مؤتمركم هذا، والفعاليات المصاحبة له... واسمحوا لي أن أشيد بما تضمنته من قضايا حيوية لها تأثير مباشر على أسواق العمل وقضايا العمال في الوطن العربي... ومن أبرزها ما جاء في تقرير المدير العام لمنظمة العمل العربية، المُعنون: "التنويع الاقتصادي كمسار للتنمية: الاقتصادات الواعدة في الدول العربية"، والذي يؤكد على ضرورة الإصلاح الهيكلي وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية، وتوسيع قاعدة الإنتاج من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار وريادة الأعمال، وتوضيح أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دعم التحولات الاقتصادية، ودور الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج لضمان انتقال عادل ومستدام نحو الاقتصادات الواعدة... كما اطلعنا على الأنشطة والبرامج التي نفذتها المنظمة خلال العام المنصرم، والتي نقدر مراعاتها للتوزيع الجغرافي والتنوع، من دورات تدريبية وندوات وملتقيات ومؤتمرات، ومشاركة المنظمات في العديد من الأنشطة والمؤتمرات العربية والإقليمية والدولية... بالإضافة إلى التقرير الخاص بمشروع الاستراتيجية العربية لريادة الأعمال، والموضوع المدرج على جدول الأعمال والخاص بتشكيل الهيئات الدستورية والنظامية بالمنظمة للفترة بين عامي 2025-2027... والتي تشمل مجلس إدارة المنظمة وهيئة الرقابة المالية والإدارية ولجنة الحريات النقابيّة بمكتب العمل العربي... ولجنة شؤون عمل المرأة العربية، ولجنة الخبراء القانونيين للفترة بين عامي 2025-2028... وما تضمنه الموضوع الخاص بالسياسات الاجتماعية الشاملة ودورها في الحد من الفقر وتعزيز الاندماج الاقتصادي، علاوة على الموضوع الفني المعنون ب: "العناقيد الاقتصادية مدخل إستراتيجي لتحقيق التنمية المستدامة".
وفي الختام، أتمنى لمؤتمركم هذا النجاح في إنجاز جدول أعماله والخروج بالنتائج المرجوة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،