تحقيقات
مع تزايد عدد السكان وتغير المناخ البحث العلمي هو المفتاح لتأمين الغذاء للأجيال القادمة
ـ البحث العلمي ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي العالمي للشعوب ومواجهة التحديات البيئية
ـ يساعد البحث العلمي في تطوير ممارسات زراعية مستدامة تحافظ على الموارد الطبيعية وتقلل من التلوث
"يواجه العالم تحديات كبيرة في مجال الزراعة والغذاء، مثل تغير المناخ وزيادة الطلب على الغذاء. لذلك يعد البحث العلمي ضرورة ملحة لمواجهة التحديات العالمية،فمن خلال البحث العلمي يمكننا مواجهة هذه التحديات من خلال تطوير حلول مبتكرة تعمل على زيادة الإنتاجية مثل أصناف مقاومة للجفاف، وأساليب ري فعالة، وممارسات زراعية صديقة للبيئة".
كما يشكل البحث العلمي ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي العالمي ومواجهة التحديات البيئية،من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والتعاون الدولي.
هذا بدوره يساهم في ضمان حصول الجميع على غذاء كافٍ وآمن،في ظل التزايد السكاني وتغير المناخ،كما يمكننا أيضا تطوير أصناف نباتية أفضل، مكافحة الأمراض، وتقليل الآثار السلبية للزراعة على البيئة.
أكد المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة،على حرص الوزارة استثمار العقول المبدعة، والتكنولوجيا الحديثة في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع الزراعة والأمن الغذائي، ليس فقط في مصر بل على مستوى العالم.
فالعالم اليوم يواجه ضغوطاً متزايدة لتلبية احتياجات سكانه المتزايدة في ظل تغيرات مُناخية قاسية، وشُح في الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة.
قائلاً إن الابتكار الزراعي هو اليوم مفتاح الحل لهذه التحديات، وبراءات الاختراع وأنواع الملكية الفكرية عموماً ليست فقط أفكاراً نظرية، بل هي أدوات عملية تساهم في إعادة تشكيل الطريقة التي ننتج بها غذاءنا ونواجه بها التحديات التي تواجهنا في القطاع الزراعي،فمن خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة، نستطيع تحسين الإنتاجية، وحماية الموارد الطبيعية، وتعزيز أمننا الغذائي، مما يضمن الاستدامة للأجيال القادمة.
وقال نائب الوزير أنه في هذا السياق، يأتي دور وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والمراكز البحثية التابعة لها كداعم رئيسي ومؤثر في تحقيق التحول نحو زراعة حديثة تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا،
ولقد أدركت وزارة الزراعة مبكراً أن مستقبل الزراعة لن يقوم فقط على الأساليب التقليدية، بل على الزراعة الرقمية الذكية، واستخدام التقنيات المتقدمة لتحقيق إنتاجية أعلى، واستدامة بيئية وهو ما يتطلع اليه العالم أجمع.
وفي إطار ذلك حرصت الوزارة على تبني العديد من المحاور التي تدعم الابتكار الزراعي وتشمل: -
تشجيع البحث العلمي والابتكار
حيث تُولي الوزارة اهتماماً بالغاً بالبحث العلمي في مجال الزراعة من خلال المراكز البحثية المتخصصة التي تعمل تحت مظلتها
ففي مجال الإنتاج النباتي تقوم هذه المراكز بتطوير أصناف جديدة عالية الإنتاجية من المحاصيل المقاومة للأمراض والجفاف، وتحسين نظم الإنتاج الزراعي وأساليب الري الحديث لتكون أكثر كفاءة واستدامة بيئية.
وفي مجال الإنتاج الحيواني تقوم المراكز البحثية بالتحسين الوراثي للسلالات المحلية من خلال الخلط والتهجين بينها وبين السلالات المستوردة عالية الإنتاجية لإنتاج سلالات عالية الإنتاجية متأقلمة مع الظروف المناخية البيئة المصرية.
بالإضافة للتطور الكبير في مجال الأمصال واللقاحات البيطرية والذي من خلاله تصدت مصر لهجوم العديد من الأمراض الوبائية مثل الحمي القلاعية والجلد العقدي، كما ان مصر قد سُجِلت على الموقع الرسمى للمنظمة العالمية للصحة الحيوانية ضمن البلدان الخالية من مرض انفلونزا الطيور فى عدد (٣٧) منشأةوعدد (14) مزرعة من مرضى البروسيلا والسل، بالاضافة لاعلان مصر خالية من أربع امراض للفصيلة الخيلية "طاعون الخيل الافريقي - انيميا الخيل–الجلاندر - الرعام"،
كما تعمل الوزارة على دعم التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية التابعة لها والمزارعين لضمان تطبيق نتائج الأبحاث العلمية على أرض الواقع، هذا التعاون يساهم بقدر كبير في تحويل الأفكار البحثية إلى أعمال تطبيقية قابلة للتنفيذ، تُحسِن من الإنتاجية وتدعم المزارعين.
وكذلك مشروعات التحول الرقمي والزراعة الذكية
وفي إطار استراتيجية التنمية المستدامة 2030، قامت وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي بتبني العديد من مشروعات الزراعة الذكية، والتي تعتمد على نظم الري الحديثة مثل الري بالتنقيط والري بالرش، فضلاً عن استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد لتحليل التربة ومراقبة المحاصيل، والتطبيقات الذكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لمكافحة الأمراض والآفات التي تعمل من خلال الهواتف المحمولة، كل هذه التقنيات تساعد المزارعين على اتخاذ قرارات مدروسة فيما يتعلق بمواعيد الزراعة والحصاد، مما يزيد من كفاءة استخدام وحدتي الأرض والمياه، ويقلل الهدر المحصولي، كما تبنت الوزارة العديد من التحولات الرقمية والتي تضمن الدعم الكامل للمزارع المصري ووصول الدعم الي مستحقيه وعلي رأسها كارت الفلاح.
وقال "الصياد" ان الوزارة تحرص على تقديم الدعم اللوجستي والتقني للمبتكرين في تطوير ابتكاراتهم ومنتجاتهم وجعلها قابلة للتطبيق التجاري، سواء كانت تقنيات زراعية جديدة، أو منتجات محسنة تعتمد على التكنولوجيا الحيوية.
ونظراً لأن دعم الابتكار يتطلب تعاوناً دولياً من أجل تبادل المعرفة والخبرات، ولذلك قامت الوزارة بتوقيع اتفاقيات تعاون مع العديد من المنظمات الدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة، والبنك الدولي، بهدف استقدام أحدث الابتكارات الزراعية وتطبيقها في مصر.
وأن هذه الشراكات تفتح الأبواب أمام تبادل الخبرات وتساعد في توفير التقنيات التي تسهم في تطوير الزراعة المحلية.
وأكد الصياد أنه في ظل التغيرات المُناخية وزيادة التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي، فإن الابتكار والإبداع من الأهمية لتعزيز القدرة على مواجهة هذه التحديات، فالحلول المبتكرة في مجالات مثل التكنولوجيا الحيوية، والهندسة الوراثية، والزراعة الدقيقة تساهم في زيادة إنتاجية المحاصيل وتحسين جودتها، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية.
على سبيل المثال، تم تطوير محاصيل مقاومة للجفاف والأمراض، قليلة استخدام المياه قصيرة العمر قادرة على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، هذه الابتكارات تمثل حماية حقيقية لاقتصادنا الزراعي والذي يمثل نحو 15% من الدخل القومي ويحتوي 25% من القوى العاملة.
وأخيراً وإننا اليوم في مصر، نقف على أعتاب مستقبل زراعي مزدهر يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا، من خلال الدعم الذي توليه القيادة السياسية للزراعة والذي ظهر جلياً في السنوات العشر الأخيرة والتي نُفذ خلالها مشروعات زراعية عملاقه مثل الدلتا الجديدة ومشروع المليون ونصف المليون فدان ومشروع توشكي ومشروع الصوب الزراعية ومشروع استصلاح أراضي سيناء ومشروع غليون للاستزراع السمكي ومشروع الفيروز للاستزراع السمكي ومشروع المليون نخلة ومشروع تطوير الري الحديث.
وفي ذات السياق قال الدكتورسعد نصار أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة ورئيس مركز البحوث الزراعية الأسبق،إن العالم يتجه حالياً إلى تطوير نهج مشترك لأجندة البحث العلمي والابتكار والتكنولوجيا الحديثة في الزراعة، ويعمل على تهيئة بيئة عالمية تمكن أفراد المجتمع كافة من الحصول على الغذاء بشكل مستدام وأمن للمستقبل الغذائي، خاصة أن التنمية الزراعية تعتبر من أقوى الأدوات لإنهاء الفقر والقضاء على كافة أشكال الجوع،وذلك هوا الهدف الأممي للتنمية المستدامه 2030.
واضاف نصار، لقد حقق مركز البحوث الزراعية خلال السنوات الثلاثة الماضيه تقدما كبيرا حيث احتل المرتبة الأولى في مجال البحث العلمي الزراعي على مستوى المراكز البحثية في مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضا وهذا بفضل العمل الدؤوب والتناسق والتناغم بين الباحثين والاهتمام بالنشر العلمي الدولي والمشاركة في المشروعات البحثية القيمة والتطبيقية ذات التأثير المجتمعي.
وأشاد استاذ الاقتصاد الزراعي، بدور مركز البحوث الزراعية بجميع معاهده ومعامله وأقسامه وجميع الباحثين به بما يتم بذله في دعم قطاع الزراعة بالأبحاث التطبيقية المتطورة لاسيما الابتكارات الحديثة لتحقيق قفزة نوعية كبرى في الابتكار الزراعي والتصدي للتحديات المناخية،وما نواجه من تغير في الطقس بشكل عام، عن طريق تبادل الخبرات، ونقل التكنولوجيا والتعاون في الابتكار، وبناء القدرات المؤسسية، والتنسيق والإرشاد الرقمي والتوعية والتدريب لتحسين الإنتاجية المستدامة، وتعظيم كفاءة مدخلات الإنتاج،وتطوير أدوات الزراعة الرقمية.
ومن جهته يرى الدكتور أحمد جلال عميد معهد التعاون الزراعي وعميد كلية الزراعة جامعة عين شمس الأسبق،ان الزراعة من أهم القطاعات في الاقتصاد العالمي، خاصة من حيث تلبيت احتياجات البشرية من الغذاء وغيره من المواد الخام وتساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة ومع تواجه التحديات المتلاحقة مثل زيادة السكان وتغير المناخ والطقس وندرة الموارد الطبيعية، يصبح البحث العلمي في المجال الزراعي هوالأكثر أهمية من أي وقت مضى.
مضيفا،يعد أحد أهم أهداف البحث العلمي في المجال الزراعي هو تحقيق أمن غذائي، حيث يعاني العالم من نقص في الغذاء وآثاره السلبية على صحة الأفراد واستقرار كافة أطياف المجتمع ،ويساهم البحث العلمي في تطوير العديد من التقنيات الزراعية المبتكرة مما تزيد من إنتاجية المحاصيل وتعمل على تحسين جودتها ومقاومتها للأمراض والآفات،ذلك كله بفضل البحث العلمي،و يتم تطوير البذور المحسنة والأسمدة الزراعية الفاعلة وتقنيات الري المتقدمة، مما يعزز في زيادة إنتاجية الزراعة وتوفير الغذاء للمجتمع.
واضاف جلال، البحث العلمي يساهم في المجال الزراعي لتحقيق التنمية المستدامة، يواجه العالم تحديات بيئية متزايدة ومضطربة مثل تلوث المياه وتراجع التنوع البيولوجي واستنزاف الموارد الطبيعية، ولذلك يعمل الباحثون على تطوير تقنيات زراعية تعتمد على مبادئ الزراعة المستدامة والحفاظ على التوازن البيئي، يتم تحسين استخدام الموارد المائية والأراضي والطاقة في الزراعة، وتعزيز استدامة النظم الزراعية والحفاظ على التنوع البيولوجي.
علاوة على ذلك، يعزز البحث العلمي على تطوير تكنولوجيا الزراعة الذكية، وتعتمد الزراعة الذكية على استخدام التكنولوجيا والمستشعرات والبيانات الضخمة لتحسين إنتاجية الزراعة وتقليل استخدام الموارد،و يتم استخدام الروبوتات والطائرات بدون طيار والاستشعار عن بُعد ونظم الأتمتة لمراقبة الحقول وتحليل البيانات الزراعية، مما يساعد المزارعين في اتخاذ قرارات أفضل وتحسين إدارة مزارعهم.
وخلاصة القول، توجد تحديات كبيرة تواجه الزراعة، ويتضح جليا أن البحث العلمي في المجال الزراعي أمر حاسم وضروري جدًا، حيث يساهم في تطوير المعرفة والتكنولوجيا اللازمة للتغلب على التحديات وتحقيق التنمية المستدامة في الزراعة.
وأطالب، بزيادة الاستثمار في التمويل والبنية التحتية البحثية، وتعزيز التعاون بين الجامعات والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص،كما يجب أيضًا تشجيع الشباب على اتباع مسارات البحث العلمي في المجال الزراعي وتوفير الدعم والتدريب المناسب لهم،من خلال دعم البحث العلمي في المجال الزراعي، يمكننا مواجهة التحديات الزراعية الحالية وضمان توفير الغذاء الكافي والمستدام للجميع،بإختصار، يمكن القول إن البحث العلمي في المجال الزراعي أمر حاسم ولا غنى عنه لتحقيق أمن الغذاء والتنمية المستدامة، والحفاظ على التوازن البيئي، وتطوير تكنولوجيا الزراعة الذكية.