عربي وعالمي
مُنتدى مستقبل أشباه الموصلات يؤسس منظومة مُتكاملة لتوطين الرقائق الإلكترونية بالسعودية
مهد مُنتدى مستقبل أشباه الموصلات في نسخته الثالثة، الطريق نحو تأسيس منظومة مُتكاملة لتوطين الرقائق الإلكترونية في المملكة، وفتح الباب أمام المُبتكرين والموهوبين السعوديين للتحليق عالمياً في هذا المجال الإستراتيجي.
وعززت هذه النسخة، التي نظمتها مدينة الملك عبدالعزيز
للعلوم والتقنية "كاكست"، بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية
"كاوست"، بحضور معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات رئيس مجلس إدارة
"كاكست" المهندس عبدالله السواحة، ومعالي وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح،
ومعالي رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي الدكتور عبدالله الغامدي،
ومعالي رئيسة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الدكتورة إيناس العيسى، ومشاركة أكثر
من 40 خبيرًا محليًّا وعالميًّا؛ خطوات المملكة تجاه الاقتصاد الرقمي القائم على الابتكار
والفرص الواعدة، وجذب الاستثمارات العالمية.
وانتهى المُنتدى الذي حضره أكثر من 1500 مختص ومهتم، ومتابعة أكثر من 40 ألف مشاهد للبث الحي في أكثر من 50 دولة، إلى مجموعة من المخرجات الطموحة، وعرض أطروحات وأفكار لافتة، تنوي المملكة الاستفادة منها لبناء مُستقبل أشباه الموصلات، واستكشاف مزيد من الفُرص في السنوات المقبلة لدعم الابتكار، هذا ما أكده معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية "كاكست" الدكتور منير بن محمود الدسوقي، خلال كلمته ، حيث قال "استمتعنا خلال المنتدى بمناقشات عميقة وأفكار مُبتكرة، وتعاون قوي يعكس مُستقبل أشباه الموصلات في المملكة، لافتًا النظر إلى أن من أهم مُخرجات المُنتدى الإعلان عن العديد من المُبادرات التي سترسم مُستقبل أشباه الموصلات في المملكة خلال السنوات المقبلة.
ويؤكد الإعلان عن 4 مبادرات وطنية جديدة خلال المُنتدى
رغبة المملكة في المُضي قدمًا لتطوير هذه الصناعة وتوطينها، حيث أعلن رئيس "كاكست"
إطلاق مركز القدرات الوطنية لأشباه الموصلات؛ بهدف تطوير وتوطين صناعة الرقائق الإلكترونية
في المملكة، من خلال استثمار الخبرات والموارد المُشتركة مع جامعة الملك عبدالله للعلوم
والتقنية، وتعزيز ثقافة الابتكار وتبادل المعرفة وتطوير المواهب والشراكات، وهو ما
يُسهم في حل تحدّيات هذه الصناعة الإستراتيجية في المملكة ويدعم خططها في البحث والتطوير
في مجال الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، في إطار سعيها إلى تقليل التكاليف وتحقيق
التميز البحثي تحت مظلة التعاون المُشترك.
وفي إطار تحالف أكاديمي سعودي ـ أمريكي، تم الإعلان عن برنامج الماجستير في أشباه الموصلات بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وجامعة كاليفورنيا - لوس أنجلوس، للإسهام في توطين صناعة أشباه الموصلات، من خلال تأهيل الطلاب والطالبات عبر برنامج تعليمي مدمج، سواءًا داخل الفصول الدراسية بجامعة الأميرة نورة أو عبر الدراسة عن بعد مع أساتذة جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، بينما تستضيف مُختبرات الغرف النقية في "كاكست" 35% من فترة التدريب العملي، وتنتظر المملكة من هذا البرنامج توفير أساس قوي وموارد بشرية مؤهلة تدعم تصنيع أشباه الموصلات وتعبئتها واختيارها وتوصيفها، ويُسهم في تحقيق مُستهدفات برامج رؤية السعودية 2030، في خلق وظائف عالية الجودة وتخصصات مُبتكرة تخدم تنافسية سوق العمل.
وشهد المُنتدى الإعلان أيضًا عن بدء تسجيل الدفعة الأولى من برنامج حاضنة أشباه الموصلات "Ignition"، الذي يُقدم حزمة تدريبية مُكثفة، وإرشادًا من قادة الصناعة والخبراء الأكاديميين، ويزود المشاركين بالمهارات والمعارف اللازمة لتحويل أفكارهم إلى واقع ملموس، وإكساب الدارسين الخبرة لمواجهة تحدّيات صناعة أشباه الموصلات وإمكانية إحداث تحول فيها.
ويهدف التجمع الوطني لأشباه الموصلات، الذي أطلقه
المشرف العام على هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار، الدكتور محمد العتيبي، بالشراكة
مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجامعة
الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وشركة آلات، والبرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات،
والكراج، إلى توطين 50 شركة في التقنيات العالية، وتدريب 5 آلاف مهندس سعودي على تصميم
الدوائر المتكاملة، وتوفير أكثر من 150 مليون ريال سعودي كإجمالي منتجات دعم متنوعة،
وجذب ما يفوق مليار ريال سعودي من الاستثمار في التقنيات العميقة بحلول عام 2030م.
كما استعرض المنتدى قصة الموهوبة فجر الخليفي، إحدى
خريجات برنامج جيل البحث والابتكار الإثرائي، التي مثّلت المملكة في معرض ريجينيرون
الدولي للعلوم والهندسة "آيسف 2023"، وقد حققت المركز الثالث على مستوى العالم
في مجال الطاقة، من خلال مشروعها "إنتاج طاقة نظيفة متجددة باستخدام قطرات المطر"،
الذي تم تصنيعه وتطويره في مختبرات الغرف النقية بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية،
وتسعى من خلاله إلى استثمار الأمطار الغزيرة التي تشهدها المملكة سنويًّا في إنتاج
طاقة نظيفة ومتجددة، وتقديم تجربة مُلهمة مليئة بالفخر والاعتزاز.
وأكد مجموعة واسعة من أبرز المُبتكرين والعلماء من
أنحاء العالم إلى الرياض خلال أعمال المُنتدى؛ الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها المملكة
في هذا المجال، حيث شارك العالم الدكتور شوجي ناكامورا، الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء
عام 2014، ومخترع مصابيح الباعثات الضوئية الزرقاء والخضراء وثنائيات الليزر البنفسجية،
بكلمة مهمة خلال أعمال المنتدى، بيّن فيها استخدامات "تقنية الليزر السطحي VCSEL "، وتحدث عن أحدث ما
توصل إليه العلماء في ابتكارات أشباه الموصلات، ودورها في توفير أداء عالٍ وكفاءة وموثوقية
لمجموعة واسعة من التطبيقات، في إشارة إلى التطلعات الطموحة للمملكة في هذا المجال.
وضمن 40 خبيرًا ومختصًا شاركوا في المُنتدى، ظهر
بشكل لافت اسم البروفيسور كانج وانج أستاذ الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر، المُشارك
في إدارة مركز علوم وهندسة الكم بجامعة كاليفورنيا - لوس أنجلوس، أستاذ الهندسة الكهربائية
في شركة رايثيون، والبروفيسور ستيفن دينبارس أستاذ الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات
بجامعة كاليفورنيا - سانتا باربرا، الحائز على أكثر من 190 براءة اختراع أمريكية، المُشارك
في تأسيس معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات وتأسيس 4 شركات في مجال الضوئيات والإلكترونيات،
إضافة إلى الباحث في وكالة ناسا الفضائية البرفيسور جوتام تشاتوبادياي، والسيد روس
جاتو رئيس قطاع أشباه الموصلات في شركة آلاتوالسيد أنكور جوبتا نائب الرئيس لشركة سيمنس
EDA،
والبروفيسور فيصل العتيبي رئيس قسم علوم الأعصاب في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز
الأبحاث، والبروفيسور أوميش ميشرا عميد كلية الهندسة في جامعة كالفورنيا سانتا باربرا.
وقدم المشاركون في المُنتدى ضمن 8 جلسات علمية حلولاً
لمواجهة التحدّيات في مجال صناعة أشباه الموصلات بالمملكة ؛ حيث ركزت الجلسة الأولى
على "مشهد المملكة العام في أشباه الموصلات لاستكشاف الفُرص وتشكيل المستقبل"،
واستعرض المشاركون في الجلسة الأولى سلسلة القيمة والبُنى التحتية اللازمة لصناعة أشباه
الموصلات، وسبل تطوير الكوادر البشرية، والعقبات التقنية المحتملة، والحلول المُمكنة
للتغلب عليها، فيما جاءت الجلسة الثانية تحت عنوان "الريادة في التميز في مجال
أشباه الموصلات في المملكة "، وناقشت الشركات الناشئة في مجال أشباه الموصلات
والفُرص المتاحة لتوطين هذه التقنية.
وتناولت الجلسة الثالثة "دور صناعة أشباه الموصلات
في استكشاف الفضاء"، واستعرض المشاركون الأجهزة الدقيقة التي يُمكنها التقاط الإشارات
الخافتة من المجرات البعيدة بحساسية غير مسبوقة لاستكشاف أسرار الكون، بينما ناقشت
الجلسة الرابعة أبحاث اتصالات الجيل السادس وما بعدها، وتطوير وتصنيع أشباه الموصلات
في المملكة، وتعزيز التعاون بين الأكاديميين والعاملين في الجهات الحكومية ذات العلاقة،
بالإضافة إلى العاملين في مجال الصناعة.
واستعرضت الجلسة الخامسة التي أقيمت تحت عنوان
"الضوئيات من الإضاءة إلى تقنيات الكم" مجموعة من الابتكارات المتلاحقة والتطورات
المذهلة التي يشهدها العالم في مجال الضوئيات، ودور الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات
في تقنيات الإضاءة، فيما تناولت الجلسة السادسة "التقدم التكنولوجي في تغليف أشباه
الموصلات"، وناقش الخبراء المشاركون فيها التطور الكبير في تقنيات تغليف وتعبئة
التطبيقات الناشئة، بالتواكب مع القفزات التي تشهدها صناعة أشباه الموصلات.
وتعمقت الجلسة السابعة تحت عنوان "أجهزة الاستشعار
المتكاملة وتطبيقاتها" في الكشف عن أسرار تقنيات أجهزة الاستشعار المبنية على
أشباه الموصلات ودورها في إنترنت الأشياء، والعلوم العصبية والطبية، وهندسة الحسابات،
بينما أشارت آخر جلسات المُنتدى "الرقائق الإلكترونية في السيارات الكهربائية"،
إلى قدرة المملكة، بما تملك من إمكانات بشرية وعلمية واقتصادية، وموقع جغرافي مميز
بين دول العالم؛ على أن تكون لاعبًا رئيسًا في صناعة الرقائق الإلكترونية للسيارات،
في ظل الجهود التي تبذلها المملكة لتوطين ابتكارات السيليكون.
وواكب الجلسات العلمية معرضٌ مصاحب لأعمال المنتدى،
انضمت إليه 20 شركة محلية وعالمية، وقدمت خلاله أحدث الابتكارات في مجال أشباه الموصلات،
كما شارك في المعرض طلاب وطالبات مُبتكرون من الجامعات السعودية، بتقديم 30 ملصقًا
بحثيًّا في مجال أشباه الموصلات، وجرى تكريمهم على هامش أعمال المنتدى.
وكان مُنتدى مُستقبل أشباه الموصلات قد شهد في نسخته
الأولى إطلاق البرنامج السعودي لأشباه الموصلات (SSP)، الذي يُعد الأول من نوعه
في المنطقة لدعم البحث والتطوير وتأهيل الكوادر البشرية في مجال تصميم الرقائق الإلكترونية
وتوطينها، كما أسهمت النسخة الثانية في تعزيز طموح المملكة في تطوير صناعة أشباه الموصلات
والرقائق الإلكترونية، وبناء سلسلة توريد مُستدامة لأشباه الموصلات لتحقيق الأولويات
والتطلعات الوطنية، مما يؤكد أن المملكة ماضية قدمًا في طريقها لتكون قوة بهذا المجال
الإستراتيجي.