اخبار
العرابي: أقول للأطراف الأجنبية "ارفعوا أيديكم عن السودان"
الخميس 29/فبراير/2024 - 11:13 م
طباعة
sada-elarab.com/716731
أكد السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، ورئيس المجلس المصري للشئون الخارجية منذ بدايتي في وزارة الخارجية، كنا نتعلم كل يوم ونتابع الأوضاع في بقعتين غاليتين على القلوب، وهما: فلسطين والسودان.. وبالفعل، وللأسف، فقد صارت هاتان المنطقتان محل نزاعات وحروب واقتتال. هذا خلال الندوة الحاشدة التي أقيمت بمقر اللجنة المصرية للتضامن، حضورا حاشدا من مختلف الجنسيات العربية والأفريقية، وخاصة مصر والسودان واليمن وإريتريا.
زياراتي إلى السودان
وأنا ذهبت للسودان أكثر من مرة.. أولاها عام 1983، وكنت وقتها سكرتيرا للدكتور بطرس غالي، وزير الدولة للشئون الخارجية آنذاك، والتقيت سفيرنا في الخرطوم المرحوم عزت عبد اللطيف، وهذا الوقت شهد صعود نجم حسن الترابي.
كان د. بطرس يرى أن مصر والسودان يجب أن يجمعهما إطار أوسع، يضم دول حوض النيل، ولكن، للأسف، معظم الأفكار توأد وتنتهي.
كنا في الفندق الكبير، وفوجئنا بأن الإفطار عبارة عن سمك.. وكان مدير مكتب السيد عمرو موسى من المهتمين بالشأن السوداني، وصديقا لـ مصطفى عثمان إسماعيل وزير الاستثمار السوداني السابق.
وفي عام 2015، قررت أن أصطحب وفدا من أعضاء مجلس النواب، ومعنا 4 من طلاب الجامعات، لرغبتي في توعية الشباب بالشأن السوداني، والتقينا باللواء حاتم باشات، القنصل العام وقتها، وله أرضية واسعة ونصيب كبير من الحب والتقدير هناك.. وكانت زيارة ناجحة، وحدث شد وجذب وتراشق إعلامي مع الرئيس السابق عمر البشير.
وفي عام 2017، كنت رئيسا لوفد مصري، ضم بعض الفنانين، والتقيت بالفنان محيي إسماعيل.. وفوجئت بأن المنطقة التي زرناها، وأقمنا فيها، وكأنك في مصر.. لبس فرعوني.. وغيره.. ما دفعني للتساؤل: كيف يكون بيننا فواصل؟!
عدنا مع الفريق بكري حسن صالح، وذهبنا في رحلة إلى الخرطوم.
وفي عام 2022، توجهنا وبصحبتنا مجموعة من الصحفيين، ولكننا للأسف، لا نتابع، ولا نستثمر الجهود.
نجيب والسادات لهما جذور في السودان
هذه حكايتي مع السودان.. لذا أنا أشعر بالسعادة لأنها حكاية حافلة.. ولا ننسى أن اثنين من رؤساء مصر كانت لهما جذور وأقارب في السودان، وهما محمد نجيب، وأنور السادات، رحمهما الله.
إذن فإن روابط الأخوة والمصاهرة موجودة بيننا، والسودانيون شعب مضياف، ولن ننسى كرمهم الزائد معنا.
في عام 2022، كان الخلاف بين المكون المدني والمكون العسكري، ومعهما القوى المدنية.. والأمن المصري لا يكتمل إلا بأمن السودان واستقراره.. والحل يجب أن يكون سودانيًّا.. لكن الأزمة مستمرة، والصراعات تتصاعد، ولن ينتظرك أحد.
وقد كررت هذه العبارة أمام الفريق البرهان قبل الحرب.
والاهتمام المصري أصيل، ومخلص، وقائم على اعتبارات الأمن القومي والأخوة الصادقة، ومصر لم تنظر إلى السودان أبدا نظرة استغلال وتنفيذا لأجندات مثلما تفعل باقي الدول.
والحل يجب أن يكون قائما على محاور، هي: أولا.. وحدة السودان.
صدمة بسبب الفرحة بالتقسيم
ففي 4 يوليو 2011، تم تكليفي بحضور الاحتفال بإعلان دولة الجنوب، وكنت أستغرب الفرحة بالتقسيم.. فخريطة السودان معروفة كأكبر دولة عربية من حيث المساحة.. فالأمر لم يكن مستساغا.. أن أمثل بلدي في لحظة تقسيم دولة شقيقة.
وأبلغني السفير في جنوب السودان بوجود فرع لجامعة الأسكندرية سيتم افتتاحه في جوبا.. وعندما سألت أكثر من واحد من الجنوب: هل هناك أمل في الوحدة مجددا إذا تحسنت الأحوال، وكان الرد صادما: "لن نعود، ولن نتحد ثانية".
كان الحر خانقا، لدرجة أن وزير خارجية البحرين، اتصل بي وقال: "أنا شايفك في الحر.. وشكلك مش مبسوط من الوضع"!!
السودان تمر بأسوأ فترة في تاريخها.. فنحن لم نر مثل هذه الحرب من قبل.
من يسقط في السودان الآن يسقط كضحية.. مأساة إنسانية غير مسبوقة.. والشعب السوداني هو الذي يملك الإجابة عن جميع الأسئلة.. ومصر دائما مع وحدة الأراضي السودانية، وترفض النزعات الانفصالية.. وما قامت به مصر عمل قد يذيب الكثير من الرواسب التي كنت ألاحظها في زياراتي.
الدور المصري سيذكره التاريخ للقيادة السياسية.
القوى المدنية تستجيب للنصح.. وحدث أن دعوناهم للتهدئة، أثناء وجودنا في السودان.. ونفذوا وعدهم.. أيضا قابلنا البرهان، وأنا مقتنع به تماما.
مقترح المجلس المصري للحل
المجلس المصري لشئون الخارجية، يضم مجموعة كبيرة من السفراء والإعلاميين والصحفيين، وأساتذة الجامعات، فكرنا في إعداد مسودة لمقترح للحل، لا تفرض على أحد، وبالفعل لقيت ترحيبا من الجميع.
المسارات كثيرة، لكن في النهاية فإن وحدة الفكر، ووحدة الإرادة، وعدم الإقصاء.. ركائز للحل.
وكل الدعم متاح من مصر.. وأقول مثلما قال الرئيس السادات: "ارفعوا أيديكم عن لبنان"، فأقول للقوى الخارجية التي تنفذ أجندات معينة: "ارفعوا أيديكم عن السودان