طباعة
sada-elarab.com/715571
تشرفت بالمشاركة مؤخرا في ورشة عمل بمدينة الرياض بعنوان ) الذكاء الإصطناعي من اجل الإستدامة
( بدعوة كريمة من جامعة الدول العربية ومنظمة اليونيسكو ، بهدف تأكيد دور اخالقيات الذكاء الإصطناعي
في تحقيق التنمية المستدامة ، ولمنظمة اليونيسكو مكانة الصدارة في الجهود الدولية الرامية إلى ضمان
تطور العلوم والتكنولوجيا خالل العقود القادمة وفقاً لضوابط أخالقية متينة ، حيث سبق ان أعدّت اليونسكو
وثيقة تقنينية عالمية هي الأولى من نوعها ، وهي "التوصية الخاصة بأخالقيات الذكاء الأصطناعي " في
نوفمبر 2021 ،واعتمدتها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة .
ان أدوات الذكاء الإصطناعي تستطيع تطوير نفسها دون تدخل البشر ، وقد تحولنا من مجتمع يعتمد على
اآلالت الى مجتمع يعتمد على المعلومات والنظم الخوارزمية وبياناتها ، ونذكر ما قاله الأمين العام لألمم
المتحدة مؤخرا بأننا بحاجة الى استراتيجية عالمية موحدة ومستدامة تقوم على التعددية ومشاركة جميع
اصحاب المصلحة بهدف التعامل مع المخاطر الناجمة من ظهور تقنيات الذكاء الإصطناعي بما يتوافق مع
ميثاق الأمم المتحدة والإعالن العالمي لحقوق الإنسان ، وذلك بهدف تجنب العواقب السلبية المحتملة على
المدى الطويل ، وتوظيفه ألغراض التنمية المستدامة ومراقبة ازمة المناخ ولتحقيق طفرات في مجال
الأبحاث الطبية والتعليم.
وهنا يمكن تعريف الذكاء الأصطناعي على انه مجموعة من التقنيات التي تمكن آلة أو نظاماً من التعلم،
والفهم، والتصرف والأستشعار ، وهو ببساطة محاكاة عمليات الذكاء البشري من قبل اآلالت، وخاصة
أنظمة الكمبيوتر، وهذا يتراوح بين التعلم والأستدالل والتصحيح الذاتي، فينجم عن ذلك فوائد وأضرار للذكاء
الأصطناعي، ويمكن تقسيم الذكاء الأصطناعي بشكل أساسي إلى ثالث فئات :
- الذكاء الأصطناعي الضيق: تطبيقات محددة يمكنها أداء مهمة محددة، مثل التعرف على الصوت،
وخدمة العمالء اآللية والدردشات اآللية ، وهو الذكاء الذي يتخصص في مجال واحد فمثالً هناك
ْعبَة الشطرنج وهو الشيء الوحيد الذي تفعله.
- الذكاء الأصطناعي العام: أنظمة أو أجهزة يمكنها التعامل مع أي مهمة فكرية يمكن أن يقوم بها
الإنسان، يظل هذا النوع من الذكاء الأصطناعي نظريًا إلى حد كبير في الوقت الحالي ، يشير هذا
النوع إلى حواسيب بمستوى ذكاء الإنسان في جميع المجالأت أي يمكنه تأدية أي مهمة فكرية يمكن
لإلنسان القيام بها، وإلى اليوم لم يصل إلى هذا المستوى بعد.
- الذكاء الأصطناعي الفائق: وهو فكر أذكى بكثير من أفضل العقول البشرية في كل مجال تقريبًا بما
في ذلك الإبداع العلمي والحكمة العامة والمهارات الأجتماعية.
إن أول عمل جوهري في مجال الذكاء الأصطناعي قام به عالم الرياضيات ورائد الحاسوب البريطاني
آالن تورينج، حيث أعلن تورينج في عام 1950 أنه في يوم من الأيام سيكون هناك آلة يمكنها مضاهاة
ونظ ًر الذكاء البشري ، لان الهدف النهائي للذكاء الأصطناعي هو إنشاء أجهزة حاسوب يمكنها التفكير
كما يفعل البشر فقد اقترح بعض مؤيدي الذكاء الأصطناعي أنه يجب تصميم أجهزة الحاسوب على غرار
الدماغ البشري والذي يتكون أسا ًسا من شبكة من الخاليا العصبية، وتم تطوير أول شبكة عصبية
اصطناعية في عام 1954 ، ويؤثر الذكاء الأصطناعي على مستقبل كل قطاع صناعي وعلى كل إنسان
على هذا الكوكب كما ويعد المحرك الأساسي لجميع التقنيات الناشئة مثل جمع البيانات الضخمة
والروبوتات وإنترنت الأشياء، ومن المتوقع أن يلعب الذكاء الأصطناعي دو ًرا أكبر خالل السنوات
القادمة.
ويساهم الذكاء الأصطناعي في تطوير مجال الرعاية الصحية بسرعة متزايدة ويرافق ذلك زيادة كبيرة في
َك يخص التكلفة ونتائج المرضى لذلك تم استخدام تطبيقات الذكاء الأصطناعي ّميَّة البيانات والتحديات في ما
للحد من هذه الصعوبات، كما ويتم استخدام الذكاء الصناعي لتفادي إجراء الفحوصات المخبرية الروتينية
غير الضرورية، وتضييق دائرة التحاليل المخبرية التي قد يحتاج إليها المريض، ولتحسين سير العمل
سريري، والتنبؤ بالأمراض ال ُم كما يزيد الذكاء الأصطناعي من كفاءة الأعمال ال كتسبة من المستشفيات.
وسرعة تنفيذها ويزيد من قيمتها ويساهم في تطور الأعمال باستمرار، كما يزيد من عدد المتفاعلين مع
هذه الأعمال بسبب التطور المستمر لألدوات والبرمجيات المتعلقة بها. وللذكاء الأصطناعي أهمية في
حياتنا اليومية فقد أحدث استخدام تطبيقات الذكاء الأصطناعي ثورة كبيرة في مجال صناعة السيارات حيث
يستخدم برنامج القيادة الذاتية من جوجل الذي يستخدم تقنيات الذكاء الأصطناعي لتقليل نسبة الحوادث
وتخفيف الأزدحام المروري، وتستخدم تطبيقات الذكاء الأصطناعي في مواقع التجارة الإلكترونية للحصول
على صورة واضحة لسلوك العمالء في عمليات الشراء عبر الموقع وتقديم التوصيات، وتستخدم أي ًضا
شبكات التواصل الأجتماعي تطبيقات الذكاء الأصطناعي مثل فيسبوك للكشف عن وجود اختراق لصور
المستخدم. إن الغرض الأساسي من الذكاء الأصطناعي هو أن يكون لدى البشر أو الشركات آلة تفكر
بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
وفي يناير 2018 ،ذكر سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة جوجل، أن
الذكاء الأصطناعي سيكون أكثر تأثي ًرا على البشرية من الكهرباء.
لكن السؤال هنا هو هل ستسيطر التطورات التكنولوجية على العالم؟
هل ستساعد البشرية على الوصول إلى أعلى إمكانات أم تدمرها في هذه العملية؟
هناك العديد من فوائد وأضرار الذكاء الأصطناعي كما وضحنا، من الضروري كما تحدثنا عن بعض الفوائد،
أن نذكر الأضرار المحتملة، التي تشمل فقدان الوظائف ) كما في المركبات ذاتية القيادة وميكنة خدمة
العمالء وانظمة الدفع الذاتي وغيرها( والأعتبارات الأخالقية والأمنية، وانتهاك الخصوصية الشخصية ،
وافتقار التعاطف البشري والمساءلة. وإذا كان نظام الذكاء الأصطناعي مصم ًما بخوارزميات غامضة،
ويسمح التعلم اآللي التخاذ القرار بتحسين نفسه، فمن المسؤول قانونيًا عن النتيجة؟ هل هي الشركة أم
المبرمج أم النظام؟ هذا الخطر ليس نظريًا، في عام 2018 ،اصطدمت سيارة ذاتية القيادة بأحد المشاة
وقتلته، في هذه الحالة، لم يكن سائق النسخ الأحتياطي البشري للسيارة منتب ًها ، فأين تقع المسئولية ؟
ال يمكن الأستغناء عن الذكاء الأصطناعي أو منع استخدامه، ألن" الذكاء الأصطناعي جاء لتطوير الشعوب
والبشرية." ولكن وجب التنبيه إلى "أهمية الأستخدام المسؤول "ألدواته لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.
ونقترح وضع ميثاق دولي للتصدي لمخاطره واستخداماته الضارة.
يوما بعد يوم، تثبت الحواسيب أنها قادرة بشكل متزايد على أداء المهام التي تتطلب ذكا ًء بشريًا، بد ًءا من
الترجمة ووصوال إلى تشخيص الأمراض. عالوة على ذلك، فإن الخوارزميات الكامنة وراء الذكاء
الأصطناعي أضحت قادرة على التأثير على قراراتنا بشكل متزايد: من الأخبار التي نقرؤها، مرورا بمقاطع
الفيديو التي نشاهدها، وبلوغا إلى الطريقة التي نتفاعل بها.
فيما يلي روابط فيديوهات للتعريف بالذكاء الإصطناعي وتطبيقاته :
ويمكن تصنيف المخاطر المرتبطة بتطوير و ستخدام تقنيات الذكاء الأصطناعي إلى اآلتي :
- مخاطر بسيطة أو منعدمة :ال يوجد أي قيود على أنظمة الذكاء الأصطناعي التي تشكل مخاطر
بسيطة أو ال تنطوي على أي مخاطر مثل مرشحات البريد العشوائي غير المرغوب فيه، ولكن
يوصى بأن تكون هذه الأنظمة متوافقة مع الأخالقيات.
- مخاطر محدودة : تخضع أنظمة الذكاء الأصطناعي التي تشكل مخاطر محدودة مثل البرامج
التقنية المتعلقة بالوظيفة والتطوير والأداء إلى تطبيق مبادئ الأخالقيات المذكورة في هذه
الوثيقة.
- مخاطر عالية :يتعين على أنظمة الذكاء الأصطناعي التي تشكل" مخاطر عالية "على الحقوق
الأساسية لإلنسان الخضوع إلجراء تقييمات ما قبل المطابقة وبعدها، وإضافة إلى الألتزام
بالأخالقيات يجب مراعاة المتطلبات النظامية ذات العالقة.
- مخاطر غير مقبولة :ال يسمح بأنظمة الذكاء الأصطناعي التي تشكل" خط ًرا غير مقبول "على
سالمة الناس وسبل عيشهم وحقوقهم كتلك المتعلقة بالتصنيف الأجتماعي أو استغالل الأطفال او
انتهاك الخصوصية أو تشويه السلوك الذي يحتمل أن تحدث نتيجة عنه أضرار جسدية أو نفسية
وإضافة إلى الألتزام بالأخالقيات يجب مراعاة المتطلبات النظامية ذات العالقة.
وهناك اخطار وتحديات منها حالأت تسرب البيانات والتضليل والخداع والتزييف العميق )بانشاء
محتوى واقعي للغاية ولكنه مزيف( لإلحتيال ، والتحيز والظلم ضد افراد او مجتمعات ، وهناك مخاوف
تتعلق بالسالمة وخاصة مع عدم صحة المحتوى مما يؤثر على عملية صنع واتخاذ القرار .
هذا وينبغي أن تكون إدارة المخاطر مرتبطة ارتباطاً مباش ًرا بمبادرات الذكاء الأصطناعي، حيث تكون الرقابة
متزامنة مع عمليات التطوير الداخلي لتقنيات الذكاء الأصطناعي، وتؤثر إدارة مخاطر أنظمة الذكاء
الأصطناعي على مجموعة واسعة من أنواع المخاطر بما في ذلك البيانات والخوارزمية والألتزام والمخاطر
التشغيلية والقانونية وتلك المتعلقة بالسمعة والمخاطر التنظيمية، ويتم بناء المكونات الفرعية إلدارة
المخاطر، مثل : قابلية النموذج للتفسير، والكشف عن التحيز، ومراقبة الأداء، حيث تكون المراقبة ثابتة
ومتسقة مع أنشطة تطوير الذكاء الأصطناعي .
في النهاية فإن تأثيرالذكاء الأصطناعي على التكنولوجيا له شقان يتجاوزان حتى فوائد وأضرار الذكاء
الأصطناعي، فهو ليس فقط نتيجة للتقدمات التكنولوجية، بل إنه أي ًضا محرك قوي له، ومع ذلك، فإن قدراته
الأستثنائية تأتي مع تحديات يحتاج المجتمع إلى التصرف بحذر تجاهها، مع استمرارنا في تبني إمكانات
الذكاء الأصطناعي، من المهم تحقيق التوازن بين الأبتكار والأخالق .