طباعة
sada-elarab.com/703947
ينظر البعض أن المقاومة نقيض للسلام، وأن المقاومة ترتبط فقط بالحروب والضحايا التي تخلفها وأن السلام هو انتصارا للحياة والبقاء و اختبارا عميقا للصبر، و المعني الأخير ينحدر بمفهوم السلام إلى مفهوم الاستسلام، وهو خطأ في توصيف السلام الذي لن يكن كذلك إن لم تكن هناك قوة تحميه وتضمن بقائه وترسخ مفهومهوتفرضه.
الحرب المشتعلة في غزة والتي دخلت أسبوعها الثالث توصف بأنها هي الأكثر دموية وضحايا وتخريب على مستوي الحروب الخاطفة التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني، هذا الحرب التي اعتلت أحداثها كافة الأحداث في العالم حتي على أحداث نظيرتها الدائرة بين أوكرانيا وروسيا ، حرب ظالمة عنيفة تدعونا إلىالتأمل في مفهوم المقاومة ومدي أهمية حيازة القوة، التي تكمن أهميتها أغلب الأحيان في حيازتها لا في استخدامها، فإيران وكوريا الشمالية في معزل عن الهجمات الأمريكية فقط لأن لديهما ما تخشاه أمريكا من قوة وتعلم أن أي قرار بالحرب المفتوحة ستكون وبالًا عليها لا تقوي على نتائجها وستحدث انقساما لدي الشعب الامريكي الذي لا يسمح برعونة حكومته في تعريض الشعب والجيش لمخاطر.
القوة مفهوم واسع يطلق عليه القادة والخبراء بأنه كل شيء power is every thing والقوة ركيزتها الأساسية هي القوة العسكرية وقوة التسليح وقوة الردع يضاف إليها ركائز فرعية لا تقل أهمية عن الرئيسية منها، كما أنها لا تصلح بدونها، هذه الركائز هي قوة المعرفة، قوة الإعلام، وقوة التفاوض والتدريب علي استخدام القوة الناعمة.
من خلال المتابعة الدقيقة لأحداث الحرب على غزة، عرفت كيف تنتصر اسرائيل في كل حرب تدخلها، انتصارا عسكريا من ناحية وانتصارا في كسب تعاطف العالم من ناحية ثانية، ثم انتصارا ثالثا في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب ومشاركة أغلب الدول في تسديد فاتورته المادية والنفسية، وسلاحها في ذلك كله استخدام كافة القوة عسكريا ومعرفيا وإعلاميا وعاطفيا، ثم أن قدرتها الشاملة على التسويق عموما جعلها تحقق بكل سلاح تستخدمه أقوي وأفضل النتائج وكما تريد بدقة متناهية.
أما نحن العرب فسبب هزائمنا المتوالية أننا لا نستخدم أسلحتنا رغم امتلاكها، فالعالم العربي يمتلك من الأسلحة الضاغطة ما يمكنه من فرض موقفه على الحرب وإنهائها، إلا أنه لا يجيد استخدام ذلك وأخشي أن يكون لا يريد استخدام ذلك، اتحدث عن أموال العرب وعن ثرواتهم الطبيعية وعن خبراء ومشاهير العرب وعن ثقافة أهل العرب وفنونهم وتراثهم، أليست كل ذلك أسلحة يمكن تطويعها لإنهاء الحرب في غزة كما تطوع إسرائيل كل امكانياتها لإبادة أهل فلسطين وتهجيرهم؟!، ام أن الهوة الكبيرة بين الدول العربية والنزاعات المتوالية بين الأشقاء جعلت كل دولة منهم تغلق بابها على نفسها والمهم هو حماية مصلحتها الداخلية الضيقة بغض النظر عما يحدث حولها وكأنها علي جبل يأويها من الغرق ودون إلتفات مخجل إلى المعاني الكبرى الجامعة التي تشير إلى قضيتنا الفلسطينية وواجب الدفاع عنها.
المقاومة هي سلاح يحمي السلام والمقاومة لا ترتبط بأوقات الحرب إنما تنشط في كافة الأوقات، سيما في السلم منها، في الحرب والسلم وما بينهما، المقاومة تحمي صاحبها من الدهس والانحدار والاستجداء، لهذا تحرص الأمم جميعًا على أن تكون لديها من القوة ما تحمى به هذه مصالحها القومية والإقليمية، حتى لو كانت أممًا مسالمة، لا أطماع لها فى أرض الغير أو ثرواته، إنما تكون جاهزة لأى حرب مفروضة ومرفوضة.
العالم قد يتعاطف مع المضطهد والمظلوم بعض الوقت ، لكنه يجبر على احترام القوي طوال الوقت، حين استعادة مصر جزءا من سيناء بالحرب في اكتوبر 73 تمكنت من استعادة كامل الارض بالمفاوضات والمحاكم الدولية، الردع والمقاومة مطلوبة كخطوة أولي وبعدها نذهب إلى المحاكم والمنصات العالمية ندا لند وساعتها سيتطلب الأمر نوعا فرعيا من المقاومة هو المهارة في الطرح والتفاوض وكشف ألاعيب الخصم وادعائه.