طباعة
sada-elarab.com/689928
عيد الأضحى المبارك، يوفق اليوم العاشر من شهر ذي من كل عام . ويسمى يوم النحر و يوم الحج الأكبر ، وسُمِّيَ بيوم النَّحر؛ لكثرة الأعمال العظيمة التي تُؤدّى فيه؛ من الوقوف بمُزدلفة، ورَمي جمرة العقبة، وطواف الإفاضة، وصلاة العيد، والحَلْق، وذَبح الهَدْي والأضاحي، والنَّحر من أعظم الأعمال عند الله -سبحانه-، والتي تُؤدّى بعد صلاة العيد؛ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ، فَقالَ: إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به مِن يَومِنَا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقَدْ أصَابَ سُنَّتَنَا)
ويُعَدّ يوم النَّحر من أفضل الايّام، وأعظمها، وأجلّها عند الله -سبحانه وتعالى-؛ لقَوْل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ)،
ويأتي يوم النَّحر بعد يوم عرفة؛ وهو يوم وقوف الحُجّاج ابتهالاً وتضرُّعاً لله -سبحانه-، ويوم العِتْق من النار، كما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ)،
وتأتي أيّام التشريق بعد يوم النَّحر؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ. [وفي رواية : زاد فيه «وذكرٍ لله»
وقد ذكرَ ابن رجب -رحمه الله- أنّ عيد الأضحى أكبر العيدَين؛ إذ يحلّ على المسلمين بعد وقوف حُجّاج بيت الله الحرام بعرفة، ومغفرة ذنوبهم، وعِتقهم من النار، ولا يتحقّق ذلك في غير عرفة من أيّام السنة؛ ولذلك فقد أعقبه الله بعيد الأضحى؛ ليتمّ الحُجّاج مناسكهم، والحقيقة أنّ ذلك لا يُحصَر في الحُجّاج فقط؛ بل يشمل المسلمين جميعاً، كما أنّ يوم النَّحر فيه معظم أعمال الحَجّ؛ من الرَّمْي، والنَّحر، والحَلق، والهَدْي، قال ابن القيّم -رحمه الله- في ذلك: "يوم عرفة مقدِّمةٌ ليوم النحر بين يديه؛ فإنّ فيه يكون الوقوف، والتضرّع، والتوبة، والابتهال، والاستقالة، ثمّ يوم النّحر؛ تكون الوفادة، والزيارة؛ ولهذا سميّ طوافُه طوافَ الزيارة؛ لأنّهم قد طهروا من ذنوبهم يوم عرفة، ثمّ أذن لهم ربُّهم يوم النّحر في زيارته، والدخول عليه إلى بيته؛ ولهذا كان فيه ذبح القرابين، وحلق الرؤوس، ورمي الجمار، ومعظم أفعال الحجّ، وعمل يوم عرفة؛ كالطهور، والاغتسال بين يدي هذا اليوم".
وتُشرَع العديد من الأعمال في عيد الأضحى لغير الحاجّ، منها التكبير مُطلَقاً؛ وهو التكبير الذي يُؤدّى خارج الصلاة، كالتكبير في الطريق إلى صلاة العيد، أو في المسجد قبل البدء بصلاة العيد. صلاة عيد الأضحى، على خِلافٍ بين العلماء في حُكمها؛ فقد قال الشافعيّة، والمالكيّة بأنّها سُنّةٌ مُؤكَّدةٌ، وقال الحنفيّة بأنّها واجبةٌ، وقال الحنابلة بأنّها فرض كفايةٍ. الأُضحية، وهي: ما يتمّ ذَبحه من الأنعام في أيّام النَّحر بشروطٍ مخصوصةٍ، على خلافٍ بين العلماء في حُكمها؛ إذ قال جمهور العلماء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة بأنّ الأُضحية سُنّةٌ مُؤكَّدةٌ، وخالفهم الحنفيّة؛ إذ قالوا بأنّها واجبةٌ.
من سنن الأعياد في الإسلام التزاوُر بين المسلمين، وتقديم التهاني بالعيد. استحباب الغُسل، والتطيُّب، والتزيُّن المُباح يوم العيد. مشروعيّة اللهو واللعب المُباح. استحباب عدم الأكل قبل صلاة عيد الأضحى إلى حين الرجوع من الصلاة؛ للأكل من الأُضحية. استحباب الذهاب إلى مُصلّى العيد من طريقٍ، والعودة من طريقٍ آخر؛ إذ ورد عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ) استحباب حضور واستماع خطبة العيد، بعد أداء الصلاة.
أما الحاج فيؤدي عدّة أعمالٍ في يوم النَّحر؛ وهي: الرَّمي، ثمّ النَّحر، ثمّ الحَلْق، ثمّ الطواف، ومن لم يُؤدِّها على الترتيب، فلا حرج عليه، ولا يترتّب عليه شيءٌ، وفيما يلي تفصيل الأعمال التي يُؤدّيها الحاجّ يوم النَّحر: رَمي جمرة العقبة: يقطع الحاجّ التلبية بمُجرَّد البَدء برَمْي الجمرة، ويُستحَبّ له أن يجعل الكعبة عن يساره، ومِنى عن يمينه، ثمّ يبدأ ويَرمي سبع حصياتٍ بشكلٍ مُتتابعٍ، ويُكبّر عند رَمْي كلّ جمرةٍ، مع التأكُّد من رَمْي الحصاة في الحوض، ويُستحَبّ أن يكون الرَّمْي ضُحى يوم النَّحر. ذَبْح الهَدْي: ينحر الحاجّ هَدْيه بعد رَمْي جمرة العقبة؛ فإمّا أن يذبح شاةً، أو سُبُع بقرةٍ، أو سُبُعُ الإبل، والهَدْي واجبٌ على الحَجّ القارن والمُتمتِّع، ويستمرّ وقت الهَدْي إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من أيّام التشريق. الحَلْق أو التقصير: والحَلْق أفضل من التقصير؛ إذ دعا النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للمُحلِّقين أكثر من مرّة، وللمُقصِّرين مرّةً واحدةً، كما اخرج البخاريّ عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ قالوا: والمُقَصِّرِينَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ قالوا: والمُقَصِّرِينَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: والمُقَصِّرِينَ)،
أمّا المرأة فتُقصّر فقط، وبذلك يتحلّل الحاجّ من إحرامه التحلُّل الأوّل، فيُباح له ما كان مُحرَّماً عليه إلّا النساء. طواف الإفاضة: يتوجّه الحاجّ بعد الأعمال السابقة إلى مكّة؛ فيطوف بالكعبة المُشرَّفة سبعة أشواطٍ؛ وهو المعروف بطواف الإفاضة، أو طواف الزيارة، ويُعَدّ رُكناً من أركان الحَجّ، ثمّ يُصلّي ركعتَين خلف مقام إبراهيم -عليه السلام-، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة إن كان مُتمتِّعاً، أمّا القارن والمفرد فلا سَعي عليهما إلّا سعي واحد، فإن كانا قد سعيا بعد طواف القدوم، فلا يتوجّب عليهما أن يسعيا مرّةً أخرى.