طباعة
sada-elarab.com/684245
انطلقت فعاليات الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية عام 2022 ليبدأ فعليا بعد عام تقريبا من الاستعدادات والتحضيرات وتوسيع دوائر المشاركة لكل التيارات لتشمل كافة الأطياف والاستماع لوجهات النظر المختلفة فيما يتعلق بطبيعة المرحلة الحالية فى ضوء الأزمة العالمية والتحديات التى خلقتها.
جاء الحوار الوطنى ليمثل تطبيقا عمليا للمبادئ التى أرستها الجمهورية الجديدة ليكون بمثابة حلقة جديدة من حلقات التواصل المجتمعى التى افتقدتها العهود السابقة بعدما اعتمدت على نهج التهميش ما أدى لتقويض أى دور حقيقى سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا.
جاء الحوار الوطنى ليدمج جميع الأطياف سويا على مائدة واحدة دون من تلوثت أيديهم بدماء المصريين أو ساهموا فى التحريض ضد الدولة، لتقديم رؤى حقيقية تجاه التحديات الحالية، ففى الجلسة الافتتاحية، الأسبوع الماضى، أعلن المنسق العام للحوار ضياء رشوان، أن كل القضايا مطروحة للنقاش ما يعنى أنه لا توجد أى حواجز فى الملفات المطروحة وهو ما انعكس على مشهد انطلاق الحوار الذى جاء مثاليا.
ولعل أفضل ما جاء فى الجلسة الافتتاحية التنظيم وهو أمر اعتادت عليه الدولة المصرية فى المناسبات المختلفة التى نظمتها سواء محليا أو دوليا وحظيت باهتمام وإعجاب الجميع كحفل نقل المومياوات الملكية وافتتاح طريق الكباش مرورا بقمة المناخ التى احتضنتها شرم الشيخ. أما الأمر الثانى فارتبط بالخطابات القوية التى ألقاها المشاركون بمختلف انتماءاتهم كونها حملت مصارحة وتناولت قضايا شائكة ما يعكس رغبة صناع القرار فى الاستفادة من الرؤى المختلفة.
وكما هو معروف فإن الحوار الوطنى قائم على 3 محاور "السياسى والاقتصادى والمجتمعي"، لتُستكمل الفعاليات الأسبوع الجارى بمناقشة بعض قضايا المحور السياسى كالنظام الانتخابى لمجلس النواب، والقضاء على كافة أشكال التمييز المدرجة على جدول أعمال حقوق الإنسان، وكذلك مناقشة بعض قضايا المحور الاقتصادى ومنها برامج الحماية الاجتماعية والتطورات الجديدة والمدرجة على جدول أعمال لجنة العدالة الاجتماعية، والخريطة السياحية لمصر وتحفيز الاستثمار السياحى بكل أشكاله، وفى المحور المجتمعى مناقشة قضية الوصاية على المال والهوية الوطنية.
وبالنظر إلى تركيز مطالبات الحوار الوطنى فإن القضايا المجتمعية جاءت فى المرتبة الأولى بنسبة 34%، والاقتصاد ثانيا بنسبة 37% فيما حلت السياسة بالمركز الثالث، ليبدو أن المحور الاقتصادى يشغل اهتماما كبيرا ويحتل مكانة يركز عليها الحوار خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية التى انعكست تداعياتها على جميع دول العالم.
وهناك عدة اعتبارات يجب أن توضع فى الحسبان خلال مناقشة المحور الاقتصادى ومنها تأثر الاقتصادات الكبرى بالأزمة الحالية خاصة أمريكا بعد إعلان 3 بنوك إفلاسها نتيجة السياسات النقدية التشددية التى اتبعها الاحتياطى الفيدرالى فى محاولة السيطرة على التضخم، بالإضافة إلى جدل سقف الديون الأمريكية المقدرة بـ31.4 تريليون دولار وتحذير وزارة الخزانة بأن واشنطن ربما تتخلف عن سداد ديونها فى يونيو، بجانب الاقتصادات الأوروبية التى تأثرت كثيرا بعدما شهدت البلدان ارتفاعا غير مسبوق فى أسعار الطاقة والغذاء.
كل هذه الانعكاسات التى تبدو بلا أفق تحتم عدم إغفالها وتتطلب طرح حلول غير تقليدية وإجراءات سريعة للتعامل معها خاصة على الصعيد المحلى فى ظل مواجهة وضع اقتصادى غير مسبوق.
فى النهاية فإن الحوار الوطنى هو خطوة فارقة فى مسيرة البناء نحو الجمهورية الجديدة وفرصة لمناقشة التحديات واستثمار الرؤى ودمجها فى بوتقة بهدف الوصول للمصلحة العامة والوصول إلى مخرجات تخدم المواطنين.