طباعة
sada-elarab.com/683052
قدم المستشار الدكتور خالد القاضي رئيس محكمة الاستئناف رؤيته المعنونة " الاستراتيجية الوطنية للوعي بالثقافة القانونية في مصر "، إلى المنسق العام للحوار الوطني الكاتب الصحفي ضياء رشوان ، وجاء في خطابه له ؛ أنه قام بإعداد الاستراتيجية وتنقيحها عبر سنين طويلة مضت من خلال عشرات الفعاليات المتنوعة في مصر والدول العربية ، وأن الوقت قد حان لمناقشتها في " المحور المجتمعي " لهذا الحوار الوطني غير المسبوق في تاريخ مصر المعاصر".
وأشاد القاضي في خطابه لرشوان بنجاح الحوار الوطني مؤكدا ذلك بقوله : " سعدتُ كثيرًا وتشرفتُ بتلبية دعوتكم الكريمة لحضور الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني يوم الأربعاء الموافق 3 / 5 / 2023 ، والتي كانت مرآة صادقة لجميع أطياف المجتمع المصري العظيم استجابة لدعوة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي- حفظه الله ، ولا تكفي كل عبارات الشكر والامتنان أن توفيكم حقكم –ومجلس الأمناء الموقر وفريق عملكم المخلص – لجهودكم الدؤوبة تلك ، وأكرر دومًا اعتزازي بكم رمزًا وطنيًا وكافة المخلصين من أبناء مصرنا الغالية كنانة الله في أرضه".
وقد صرح القاضي أن الاستراتيجية الوطنية للوعي بالثقـافــة القـانـونيـة تنطلق من حقيقة أن الوعي بالقانون ، هو صورة متمازجة وشاملة لكل أنواع الوعي ، وفي مقدمتها الوعي المجتمعي ، وهذا يعني استيعاب المواطن لكل ما يدور حوله من علاقات ومفاهيم وأهداف من خلال تصورات قانونية سليمة ؛ بأن يتبنى هو بذاته القانون، وأن يعتبره قيمة من القيم التي يحترمها، وأن يتعامل مع واجباته بوصفها شيئًا وجد لمصلحته، حاضرًا له ،ومستقبلا لأبنائه، وهو أمر لا يتأتى إلا من خلال منطق بناء وعيه بضرورة وجود القانون في حياته، وبفائدته، وبأنه جزء لا يتجزأ من مسؤوليته الشخصية، وهو واجب وطني وأخلاقي لا مراء فيه ، وكذلك تعميق إدراكه بأن هناك ناظمًا موضوعيًا يحكم علاقاته ، وهو القانون.. الذي يستظل الجميع بحمايته إنصافاً للحق، أو يقع تحت طائلته حسابًا وعقابًا !!
وأضاف القاضي أن نشر الثقافة القانونية ( أو الوعي بالقانون ) ليس مجرد معرفة التشريعات والنصوص القانونية ، كما أنها لا يعني تلك المناقشات النظرية والندوات القانونية التي تدور بين أوساط رجال القانون المتخصصين ، من أساتذة وفقهاء، وقضاة ومحامين، وغيرهم من رجال القانون والقضاء، والتي كثيرا ما تبدو خارج الاهتمامات المباشرة للمواطن ، وأنه لا يكفى أن يسير محور التوعية بالقانون إلى حد تبسيط مفاهيمه بنشر الثقافة القانونية بين مختلف فئات المجتمع المختلفة فحسب ، بل يتوازى ذلك الوعي مع محور رفع المستوى الثقافي العام للمواطن، بغية استيعاب القانون، بحيث يتناغم ويتكامل المحورين بما يحقق تبسيط القانون أمامه من ناحية، ورفع المستوى الثقافي العام لديه من ناحية أخرى،وبذلك يصبح قادرًا على تقبل أوامره ونواهيه بشكل سليم، وليس بالتسليم والاستسلام المشوب بالخوف من مجرد ذكره ! بما يسهل للجميع مدارسة الحد الأدنى ( الكافي ) من مفردات اللغة القانونية في سياق ثقافته العامة.
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تنمية الوعي بالثقافة القانونية ، وذلك لجميع فئات وأعمار المواطنين سيما غير المتخصصين في القانون ، وكذلك فإنها تسعى إلى خلق قنوات اتصال دائمة بين تلك الأطراف المعنية بتنمية ثقافة الوعي بالقانون سواء على المستوى المحلي أو المركزي في مصر ، أو كذلك المستوى الإقليمي والدولي ، بما يوجد فعالية وديناميكية حقيقية لهذه الاستراتيجية الوطنية للثقافة القانونية .
كما تدعو الاستراتيجية إلى تنفيذ خطة وطنية تنفيذية واضحة ، تتساند فيها الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات الحكومية جنبًا إلى جنب مع جهود مراكز البحوث والدراسات والإعلام والجهاز التعليمي والتربوي الخاص والمؤسسات والجمعيات الأهلية ، مع التأكيد على الدور المهم للفنون والدراما ، وكذلك للكنائس والمساجد ، والتسليم بأن لها دور حيوي في تشكيل وعي المواطنين، وتهيئتهم النفسية لتقبل الواجبات العامة التي يفرضها القانون على الجميع .
وتحدد الاستراتيجية عددًا من الآليات والوسائل المنوط بها الاضطلاع بهذا الدور المحوري في نشر ثقافة الوعي بالقانون ، لتحقيق تلك الغايات النبيلة المنتظرة من سيادة ثقافة الوعي بالقانون فهمًا ومعرفةً وعلمًا وعملاً وسلوكًا وتطبيقًا وقدوة وتحفيزًا للآخرين، ومن تلك الآليات : مؤسسات التعليم ، والمؤسسات الثقافية ، ووسائل الإعلام ، والمحاكم ، والبرلمان والمجالس المحلية ، والمجالس الرئاسية والأكاديميات العلمية ، ومراكز الشباب ، ودور العبادة ، ومنظمات المجتمع المدني الوطنية ، والمنظمات الدولية المعترف بها عالميا والتي لها مصداقية وثقة.
و تأمل الاستراتيجية أن تتوحد ، و تتكامل ، كل الجهود الوطنية لتفعيل تلك الأطروحات والأفكار والأحلام إلى واقع عملي ، تتواصل به ومعه جميع الأطراف المعنية ..حتى يتحقق للمواطن المصري - الوعي الحقيقي بالقانون ، لننعم جميعاً بالاحترام المتبادل للحقوق والواجبات، ونضع قدماً راسخة في العالم المتحضر، ونقيم صرحاً قانونياً حضارياً للأجيال المقبلة ، ويليق بأبناء مصر – كنانة الله في أرضه ، المحروسة بإذن الله تعالى أمس واليوم وغدا.