طباعة
sada-elarab.com/679274
لا تزال أزمة إفلاس بنك "سيليكون فالي" فى أمريكا تسيطر على الساحة الاقتصادية العالمية وما أحدثته من قلق ومخاوف من أن تتسع تداعياته لتصل إلى بنوك أخرى بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية العالمية وقرب اجتماع الفيدرالى الأمريكى المقرر له 21 و22 مارس لتحديد سعر الفائدة.
لكى نفهم ما حدث سنتحدث فى البداية عن بنك "وادى السليكون" الذى يعرف بـ"SVB"، حيث يقع مقره الرئيسى فى سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، وتأسس عام 1983 وهو بنك موجه للشركات الناشئة واستثماراتها إما بالحصول على تمويل منه أو بالإيداع فيه. وافتتح فروعا له مطلع الألفية فى الهند والصين وأوروبا وبدأ فى تمويل الشركات خارج أمريكا حتى بلغ عدد المؤسسات التى تعاون معها 30 ألف شركة.
وخلال السنوات الأخيرة بات واحدا من أكبر البنوك واحتل المرتبة الـ16 فى قائمة المصارف الأمريكية وأصبح لديه حسابات لأكثر من 50% للشركات الناشئة عالية المخاطرة بأمريكا، وعن طريقة عمل البنك فهى لا تختلف عن الطريقة التقليدية للبنوك حيث يضع العملاء اموالهم مقابل فائدة ويستخدمها البنك ليقدمها فى صورة منح وقروض أو تمويل المشاريع ويجنى أرباحه من فارق نسب القروض والإيداعات.
وخلال عام 2022 ارتفعت قيمة الودائع إلى 189 مليار دولار مقارنة بـ60 مليارا فى 2019 لكن مع انخفاض الفائدة التى تراوحت بين 0.25% إلى 0.50% فى هذا التوقيت، بدأ البنك البحث عن طرق استثمار فى مجالات أخرى لتشغيل السيولة الكبيرة بسعر فائدة أعلى.
وبالفعل اتجه إلى أدوات الدين المدعومة بالرهن العقارى واستثمر 80 مليار دولار بفائدة 1.5% لكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن وبدأ الفيدرالى الأمريكى منذ مارس 2022 فى رفع الفائدة والتى استمرت 7 مرات حتى وصلت مستويات 4.75% ما يعنى التزام البنك بدفع فوائد أكبر للمودعين حتى اتسعت الفجوة مقارنة العائد الذى يحصل عليه من استثماراته بالتزامن مع انخفاض إيداع الشركات لأموالها فى البنك.
وقرر بيع سندات بـ21 مليار دولار لتعويض نقص السيولة وتراجع سهم "SVB" أكثر من 70%، ومع استمرار السقوط، حدثت موجة فزع بين العملاء وتسابقوا نحو عمليات سحب هستيرية بلغت 42 مليار دولار فى يوم واحد "9 مارس" ما يعادل ربع قيمة ودائع البنك كاملة، وفى اليوم التالى قررت مؤسسة التأمينات الفيدرالية إغلاق البنك وبدء إجراءات توفير السيولة للعملاء الذين لا تتجاوز مدخراتهم 250 ألف دولار كحد أقصى.
هذا ما حدث مع بنك "سيليكون فالي" الذى تحول من القمة إلى القاع خلال يومين فى أكبر عملية انهيار لبنك أمريكى منذ الأزمة المالية العالمية فى 2008، وسط ترقب لاجتماع الفيدرالى المقبل لإعلان سعر الفائدة لكن يبدو أن جيروم باول، رئيس الفيدرالى، فى مأزق مهما كان القرار مع وجود 3 سيناريوهات بشأن سعر الفائدة، خاصة بعد إفلاس "SVB" كون ارتفاع الفائدة كان العامل الرئيسى فى انهيار البنك.
السيناريو الأول وهو إمكانية خفض الفائدة 0.25% لكن فى هذه الحالة قد يواجه حرجا أمام الأسواق مع تأكيداته السابقة بالمضى قدما فى رفع الفائدة لمواجهة التضخم وبالتالى قد يفقد مصداقيته، والثانى تثبيت سعر الفائدة وهنا ستخرج تساؤلات ربما تشير إلى تخوفه من أزمة مالية، والثالث رفع الفائدة 0.25% وقد يراها المستثمر أنها ليست كافية للوصول إلى المعدل المستهدف للتضخم عند المستوى المطلوب 2%.