طباعة
sada-elarab.com/674942
تُستهدف الشخصية المصرية المعهود عنها بمجمل صفاتها القيمية والمستندة على الأخلاق والمبادىء والقيم التى صاغها المصرى الأول لتقدى بها البشرية ولتكون أهم ركائز التحضر والتمدن, وبخلاف الشخصية الناتئة الممتلئة بالعوار والشذوذ والتى تأتينا صفاتها السلبية عن طرق عدة من خلال الغزوات الثقافية المتتالية وبعد الحديث عن موضات الغرب الشاذة والترويج للتأسى بها وتذخير كل سبل ولآليات الدعاية من وصائل التواصل الإجتماعى والإعلام الكلاسيكى والمرقمن, والدراما الأرضية القديمة المعتمدة على موجات ومساحات التردد إلى التالية التى اتخذت من الأطباق (الدش) سبيلا لتخطى حدود الجغرافية من مشرق الأرض لمغربها, وأخيرا تلك الدراما المعتمدة على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) وما احتوته من منصات المشاهدة على المحمول, كل تلك الوسائل كانت تروج بشكل مباشر أو غير مباشر لقيم غربية منها الصالح وكثير منها الطالح وكثرت أحاديث المهتمين بحتمية مواجهة الفزو الثقافى وكانت أولى تلك المواجهات هى صناعة رسائل ومضامين إعلامية ودرامية تصون الهوية الثقافية الوطنية وتدعم القدرة على الانتقاء الواعى للرسائل القادمة من الغرب, وتنادت الأصوات بضرورة مواجهة الوافد المهاجم من الثقافات الغربية حتى بُحت تلك الحناجر وجف مداد أقلامها ونلاشت امام زحف جرار لهجوم الثقافات الغربية وبالتالى تم تحييد حراس الثقافة الوطنية أو حراس البوابة كما أطلق عليهم ريتشارد ماكلوهان (أحد الاوائل المنظرين لعلم الاعلام السياسى) هذا من جانب ومن آخر أمام سلبية الدفاع (إصطلاح تحدث عنه أحد عباقرة الفكر الاستراتيجى صن زو), وبالتالى إن لم نعلم أن الإعلام والدراما قد إكتسبوا أهداف أخرى (خبيثة) غير التى تحدث عنها اصحاب الأدبيات الأشهر فى مكتبة الإعلام والتى كانت للترفيه والتسلية والتعلم وصيانة الهوية الثقافية و..., إلى أن أصبحت الدراما ومن بعدها الاعلام من وسائل الإستعمار الثقافى وآليات أدلجة الشعوب ومحو الثابت الركين من ثقافاتها المتضمنة عادات وتقاليد وموروثات تشكل الأنساق الأخلاقية والمبادىء المجتمعية, وبشكل عام نحول كلاهما إلى أسلحة أقرب لتحقيق النصر للدولالمعادية دون إراقة دماء جنودها وتحدث فى هذا الشأن الكثرين من جيل الاساتذة أمثال هربرت شيلر فى كتابيه (المتلاعبون بالعقول) و( الهيمنة الثقافية) ومن المحدثين مثل بول كيندى فى مؤلفه (انهيار الامبراطوريات العظمى) والذى أفرد فيه بإسهاب لامكانية احتلال وجدان الشعوب وعقولهم دون إراقة نقطة دم من خلال محو ثقافات هذه الشعوب, وكان الأكثر تأثيرا الناقد الفرنسى الأشهر رولان بارث الذى غالى فى تعظيم دور الصورة الدرامية والإعلامية حتى انه أطلق عليها (الصورة هى: الأله الثانى) وهذه الجملة هى الترجمة الحرفية لكتابه الذى تحدث فيه عن سهولة محو ثقافة المتلقى من خلال الصورة المخادعة والكاذبة.
نعلم يقينا أننا شعب مستهدف (دون التأثر بنظرية المؤامرة) وتاريخنا يشهد على ذلك إذ لم توجد أمة فى التاريخ تعرضت لمثل هذا العدد من الحروب والغزوات من أجناس الأرض شرقها وغربها , وربما كان هذا المواطن ابن هذه الأرض بما عرف عنه ببسالة الدفاع عن أرضه التى اسمتها له أمه أنها (العرض) وحتى يسهل هزيمة هذا المواطن كان من المهم نزع ثقافاته التى يعتمد عليها وإبدالها بثقافة هجين غير أصيلة تتحدث عن الشذوذ صراحة وعلانية حتى يكون الحديث الغالب على الأسماع هو الذى كان محظورا لا لكونه معيبا فقط وإتما لأنه كان –أيضا- مسلكا مهجورا من المصريين, ولكن الآن تخرج علينا احدى المخرجات تتحدث علانية عن شذوذ أحد المنتمين للوسط, وآخر يُباهى بحريته فى ممارسة حياته كما يشاء وتتناقل وسائل الاعلام كسرعة النار فى الهشيم مثل تلك الأخبار التى لا تثمن ولا تغنى من جوع اللهم الا اذا اريد منها أمرا ذا ريب.
وباستمرار الحديث عن الشذوذ وانه حرية مطلقة لاصحابها ربما لايعلم المُستخدَمون فى هذا السياق انهم بهذا الترويج الأعمى يساوون بين مجتمعنا العفيف والغرب (...!) وبهذا يكونوا من ضمن ادوات الآخرين فى استهداف ابنائنا بعد نشر أسقام الاغتراب تليها رزيلة الشذوذ تمهيدا للترويج للضلال المبين وهو (الالحاد) وبهذا يكتمل مثلث هزيمة المصريين كما يخططون وهم اللذين يسعون إليه بعد أن انهزموا مرارا فى حروب منظمة (الجيل الثالث) أو عصابات مؤدلجة (الجيلين الرابع والخامس), وبعد أن قشلوا فى محاولاتهم للتركيع الاقتصادى للمصريين, ويسعون الآن لنخر ثوابت الشخصية المصرية.
وما بين الإغتراب ثم الشذوذ إلى الإلحاد نستكمل فى القادم إن شاء الله حديث عن محاولات الهجوم على الشحصية المصرية, لنخوض معارك للوعى مقتضى الحال يحتم الانتصار لا محال فيها, ولنبنى أركانا جديدة فى المصرى الجديد بعد اكتشافه لذاته وادراكه لامكاناته فى التغيير, وعلى الانسان ان يعيد تقيم ذاته ليرسم بيده ملامحه ليست الشكلية قط وانما الباطنة أيضا, ويعود كما كان اجداده الأصل واصحاب الفعل وليس الشبه والمفعول به!.