الشارع السياسي
نص كلمة الرئيس السيسي في احتفالية الداخلية بالعيد الـ71 للشرطة
الإثنين 23/يناير/2023 - 03:56 م
طباعة
sada-elarab.com/672484
شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الإثنين، احتفال وزارة الداخلية، بالعيد 71 للشرطة.
وألقى الرئيس السيسي، كلمة في الاحتفالية جاء نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة أعضاء هيئة الشرطة،
الحضور الكريم،
اسمحوا لى فى البداية، أن أتوجه لكم، بأسمى عبارات التحية والتقدير.. كل عام وأنتم بخير واسمحوا لى كذلك، أن أتقدم بتحية اعتزاز واحترام خاصة، لأسر شهداء الشرطة فلا يوجد ما هو أغلى، من تقديم أرواح الأبناء، فداء للوطن وهو ما فعلته هذه الأسر، عن طيب خاطر لا يبغون جزاء ولا شكورا، إلا أن يكون وطنهم مرفوع الرأس شامخ القامة لا يخضع لمحتل، ولا يقهر أمام تحد مهما بلغت صعوبته.
السيدات والسادة،
إن القدر شاء، أن يكون يوم الخامس والعشرين من يناير رمزا ليس فقط لعيد الشرطة، وتكريما لبطولات رجالها وتضحياتهم وإنما عنوانا، لروح التحدى لدى الشعب المصرى الذى خرج منه أبطال الشرطة، ليقفوا فى وجه المحتل الغاصب، يوم الخامس والعشرين من يناير معلنين – بالأفعال وليس بالأقوال – أن الموت من أجل الوطن، أهون من قبول الهزيمة والاستسلام لها.
شاء القدر، أن يظل هذا اليوم المجيد من تاريخ مصر، عنوانا على قدرة المصرى، على تحدى المستحيل ذاته والوقوف أمام المحن والشدائد، كما الجبال لا تؤثر فيها الرياح واستمرت هذه الروح العظيمة، تسرى فى وجدان شعبنا حتى اليوم تزودنا بمدد لا ينقطع، من القوة والصمود ليعيننا على تحديات الدهر وتقلباته.
فخلال السنوات الأخيرة، كان لروح التحدى تلك حضور لافت، فى الأحداث غير المسبوقة التى شهدتها مصر وإذا نظرنا بموضوعية وإنصاف إلى هذه السنوات، لوجدنا أن قليلا من التقديرات، ذهبت إلى أن مصر ستعبر هذه المرحلة الصعبة، من التقلبات السياسية والأمنية والاقتصـادية والاجتماعية بسلام ولكن وكما هى عادة المصريين، بروح التحدى والصمود الجبارة التى يملكونها، حافظوا على دولتهم، وحموا بصدورهم مكتسباتهم التاريخية، ورفضوا دعاوى الهدم والتدمير والفوضى، ودعموا مؤسساتهم الوطنية وتحملوا بصبر وشموخ، طريق الإصلاح والتطوير من أجل أن تعبر مصر مرحلة الخطر وتثبيت أركان الدولة، إلى مرحلة البناء وتأسيس الجمهورية الجديدة التى نعمل لتكون تجسيدا، لأحلام المصريين وآمالهم.
السيدات والسادة،
إن بناء الدول، لا سبيل له، من دون الحفاظ على الأمن القومى، بجميع عناصره ومكوناته وكما أن الاقتصاد، لا يمكن له أن ينطلق وينمو، بدون بنية أساسية قوية وحديثة ومتكاملة فإن الوطن لا يحيا ولا يبقى، بدون حماية الأمن القومى، وصونه من الأخطار التى لا تخفى عليكم وأنتم الشعب العظيم الواعى المدرك، لتعقيدات المنطقة التى نعيش فيها، وانعكاسات ذلك على الداخل.
وفى هذا الإطار، تقوم هيئة الشرطة المدنية، بجهود يعجز البيان عن حصرها وإيفائها حقها ويقدم أبناؤها تضحيات، يقف أمامها وطننا، ممتنا ومقدرا وشاكرا.. إن هذه الجهود والتضحيات التى تقدمها الشرطة تسهم بأشد ما يكون الإسهام فى بناء وطننا، وحماية أمن كل مواطن مصرى، يحيا على هذه الأرض الطاهرة.
شعب مصر العظيم،
إن تطورات المشهد الدولى خلال الأعوام القليلة الماضية، حملت للعالم بأسره – ونحن جزء منه – أحداثا غاية فى التعقيد بدأت بجائحة "كورونا"، ثم الأزمة "الروسية – الأوكرانية" وهى تطورات لم تحدث منذ عقود وباتت تنذر بتغييرات كبيرة، على المستويين الجيوسياسى والاقتصادى الدوليين.
هذه حقائق انعكست بشكل سلبى، علـى الغالبيـة العظمى من دول العالـم وفى مصر؛ كان شاغلنا الشاغل منذ البداية، هو كيفية تخفيف آثار الأزمات العالمية على الداخل المصرى وكانت توجيهاتى المستمرة للحكومة، هى تحمل الجزء الأكبر من أعباء وتكاليف الأزمة وعدم تحميلها للمواطنين، بأقصى ما تستطيعه قدرتنا.
وعلى الرغم مما سبق، فإنى أعلم أن آثار الأزمة كبيرة، وتسبب آلاما لأبناء الشعب، لاسيما محدودى الدخل والفئات الأكثر احتياجا الذين يخوضون كفاحا يوميا هائلا، نقف أمامه داعمين ومساندين، لتوفير احتياجات أسرهم وأبنائهم، ومواجهة ارتفاع الأسعار وأؤكد أن التزامنا بمساندتهم والوقوف معهم، هو التزام ثابت من الدولة لا ولن يتغير.
ودعونى أتحدث معكم بصراحة ووضوح فى وجه ما يتم ترديده من دعاوى مضللة، تهدف لتصوير الأزمة الاقتصادية، كأنها شأن مصرى خالص ونتيجة للسياسات الاقتصادية للدولة، والمشاريع القومية والتنموية؛ وفى هذا الصدد، توجد أسئلة كاشفة يجب طرحها:
فهل توجد أزمة اقتصادية، عنيفة وغير مسبوقة، فى العالم أم لا؟
وهل تعانى أكبر اقتصادات العالم وأكثرها تقدما، على نحو لم نشهده منذ عقود طويلة، ربما منذ أزمنة "الكساد الكبير" والحربين العالميتين أم لا؟
ألم ينتج عن تلك التداعيات، ما يعرف دوليا الآن "بالأزمة العالمية لغلاء المعيشة"؟
أليس من المنطقى والطبيعى، بل والمحتوم، أن تنعكس هذه الأزمة علينا فى مصر، وتكون لها تداعيات سلبية كبيرة، ونحن جزء من الاقتصاد العالمى، وزاد اندماجنا فيه بقوة خلال العقود الأخيرة؟
ولشعب مصر العظيم أقول بكل الصدق:
أولا: إن واقع مصر وظروفها الاقتصادية والسكانية، يحتمون علينا أن نقفز قفزات تنموية هائلة، فى وقت قصير فنحن فى الحقيقة، فى سباق مع الزمن، لتجاوز مخاطر وتداعيات الانفجار السكانى.
ثانيا: إن المشروعات التنموية الكبرى، التى تنفذها الدولة، لا تهدف للتفاخر أو التباهى وإنما لتأسيس البيئة الاستثمارية والبنية الأساسية اللازمة، لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، التى ترفع مستوى معيشة جميع أفراد الشعب.
إنه من المستحيل - قولا واحدا - أن ننطلق على طريق التصنيع الحديث والتصدير الكثيف، دون وجود العناصر الضرورية لتحقيق ذلك، من مدن وطرق وشبكة نقل ومواصلات، وتكنولوجيا وكهرباء ومياه وصرف صحى وجميع مكونات البنية التحتية، التى افتقدتها مصر على المستوى المطلوب لتحقيق أحلام شعبها فى التقدم والازدهار.
وثالثا: إن أزمة الفجوة الدولارية، ليست وليدة اليوم أو هذه الفترة وإنما لها نمط متكرر، يمكن رصده من جانب المتخصصين وجوهرها، هو ضعف قدراتنا الإنتاجية والتصديرية، وزيادة طلبنا على السلع والخدمات الدولارية؛ ولذلك فإن زيادة الإنتاج والتصدير، هى قضية مفصلية بالنسبة لمصر ونحن نعلم ذلك، ونعمل على تحقيقه بأقصى جهد وطاقة.
شعب مصر العظيم،
إن تحقيق الآمال، يتطلب جهدا وصبرا وقوة تحمل أو بكلمات أخرى، يتطلب روح التحدى المصرية الخالدة التى عبرت عنها، أحداث الخامس والعشرين من يناير عام 1952 وتجلت مرات عديدة فى أحداث تاريخية أخرى فى الماضى البعيد والقريب كان المصريون فيها دائما، على مستوى التحدى، وقادرين على هزيمته بل وقهره.
وثقتى فى الله، وفى شعب مصر مطلقة بأننا سنعبر، ونتجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها علينا، بالعمل المخلص، والجهد الذى لا ينقطع، والإيمان بأن الله "لا يضيع أجر من أحسن عملا"، وأننا قادرون على بناء وطن، يحقق آمالنا فى الحياة الكريمة، والتقدم والازدهار.
أشكركم جزيلا، وكل عام وأنتم بخير وصحة وسلام، وهيئة الشرطة فى تقدم ونجاح، فى خدمة الشعب والوطن.
وبشعبها العظيم: تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته