طباعة
sada-elarab.com/669552
تبعا لما اعتاده العدو الأزرق من الهجوم بثلاثة تكتيكات لاتجاهات الهجوم وهم الرئيسى والثانوى والخداعى حتى لايُعلم عنه أي منهم ذا التأثير الأقوى أو المقصود, لذا كانت استراتيجيته الجديدة بعد فشل تقويض القوة العسكرية واستنزافها, ومحاولات يائسة فى القضاء على الشرطة, وبعد عدم تمكنه من التركيع الاقتصادى للدولة المصرية, وأيضا بعدما خابت مساعيه فى حللة الدولة المصرية وتحويلها لحالة السيولة أو الرخوة, وذلك بعد أن استعادت مصر تنامى قواتها العسكرية وتنوع تسليحها وتعدد ميادين التدريب المشترك مع قوات دول المدارس العسكرية الغربية المختلفة والعربية الساعية للتطوير, فضلا عن تبنى النهج العلمى الحديث فى إعداد المقاتل ليتوافق مع متطلبات التحديات الراهنة, ونشوء كيانات علمية عسكرية جديدة وبالمثل كان الأمر – بنجاح - فى المجال الشرطى, ومن ناحية انحياز الدولة للأجيال القادمة كانت المشروعات التنموية العملاقة التى بدأت بتوحيد الصف المصرى فى انجاز قناة السويس الجديدة فى خطوة جماعية أزهلت العالم وتلاها حزمة المشروعات الاقتصادية التى غيرت ملامح الداخل المصرى, وعروجا على أعظم مشروع اقتصادى ذا لمحة انسانية وبُعد اجتماعى وهو (حياة كريمة) .
لذا لم يكن أمام الآخر سوى اتباع استراتيجية مختلقة من خفايا معارك الجيلين الرابع والخامس توجه منصات هجومها تجاه الإنسان المصرى, وهو المستهدف فى الأساس فى معارك تحديات الوجود أوالعدم للذات الوطنية التى باتت تتعرض لهجمات غير تقليدية, فكانت قضايا شديدة الخطورة على الشخصية الجمعية مثل (الاغتراب والشذوذ والإلحاد) وهى مسميات جديدة لأسلحة الهجوم على الشخصية المصرية.
ولأنه من المتعارف عليه علميا فيما يخص دراسات علمى النفس والاجتماع أولا, وتاريخيا ومن خلال شهادات كبار المنصفين الغرب من المستشرقين : بأن الشخصية المصرية تتصف بكونها إجتماعية ومتعايشة فى استقرار اجتماعى منذ سبعة آلاف عام من التحضر والمدنية, وأيضا كان انتماء المصريين لأرضهم متأصل فى الوجدان وثابت فى الضمير الجمعى حتى صار ممزوجا بالإرث والنراث فى الحكى الشعبى والغناوى والمووايل والتمثيل والتجسيد والتصوير فى فنون المصريين المتنوعة ومعزوفا ومسموعا ما بين الحناجر والآذان الوطنية , ويكفى ان مصرهى الدولة الوحيدة التى أطلقت على مفردة (الارض)انها (العرض) كما ان المصرية كانت أما أم جدة أو إبنة أو زوجة مازالت تغرس فى إبنها وحفيدها واوالدها وزوجها أن : الحفاظ على الأرض هو بمثابة الذود عن الشرف , وان ما دونه الموت بخلود الهامة المرفوعة, فتلك العلاقة بين الإنسان وأرضه لا توجد سوى فى مصر, ولم تسطرها الادبيات الإنسانية أو الدراسات العلمية لشعوب أو لأرض سوى المصريين ومصر, حتى أصبح الاعتقاد بقداسة الأرض والعرض متضمنا فى عقائد المصريين الدينية,
ومن هذا القبيل استحال فصل المصرى عن أرضه فخابت مساعى الاستعمار المحتل عسكريا واقتصاديا وسياسيا , وكان البحث والتنقيب فى استعمار ثقافى تحدث الجميع عنه منذ نهايات حقبة السبعينيات ظنا ونوهما من الحاقدين ان مصريين السبعينيات هم فقط القادرون على صنع النصر وبناء قلاع المنع! فسعى الاحتلال المستحدث إلى اعتماد نظريا هربرت شيلر عن (الهيمنة الثقافية) و( المتلاعبون بالعقول) و تنظير آنا سيمونز وبول كندى وجوزيف ناى الذين تحدثوا عن استعمار العقول بالغزو الثقافى, فتسربت عبر وسائل الاعلام الرقمية والكلاسيكية وامتزجت الدرامات الإذاعية والتليفزيونية والسينمائية والمسرحية الخاصة(!) التى حلت محل الوطنية , وانتشرت مفردات (هجين) غريبة وعجيبة على ألسنة هؤلاء تروج وتكرر بين فئات المصريين المستهدفة عن جُمل : (وانا مالى) و (هى بلدنا) و (يا عم على اد فلوسهم) و (بلدك فين ياجحا ؟ اللى فيها أكل عيشى) وغيرها من أقاويل تهدم ولا تبنى وتفرق ولا تجمع وتعزل ولا تحتوى وهذا هو المستهدف بإقصاء الشباب من المصريين عن واقعهم وعزلهم عن أهليهم و طمس الحلم الوطنى فى وجدانهم, وبالتالى يسعى الشباب الى الخروج عن عباءة الوطن أرضا وأهلا, وبأشكال عدة تهون الروح أمام الحلم الكاذب بالخروج من الأرض كما اتفق عليه إعلاميا باصطلاح (الهجرة غير الشرعية) التى من الممكن ان يكون لها مبررا – مع التحفظ- لشعوب قهرتها الحروب والصراعات وغابت من مشهدها قواتها المسلحة وانهارت أنظمتها أو كادت , إنما ليس الأمر كذلك فى مصرنا – حفظها الله- فما مبرر حالة (الاغتراب) التى يروج لها الاعلام والدراما – الا من رحم ربى- ولان الدراسات الاجتماعية العلمية الداخلية والخارجية (!) اكدت ان ثروة مصر الحقيقية هى (الشباب) الذين يمثلون طبثا للاحصاء العشرى أكثر من 60% من قوام الشعب المصرى , وايضا مما يبشر (لنا) وينذر (لهم) بأن القادم ملك المصريين دون سواهم الذى أكدت بحثوهم الديموجرافية أنهم شعوب كهلة وعجوز, كما جاء بتوصيات مؤتمرات السكان بدءا من ريو دى جانيرو وحتى الآن.
الأعجب هو ان بعض أو بعض قادة الرأى – غير الوطنيين- بيننا يلعنون الاغتراب علنا ويعبدونه سرا , إذ تجدهم يرسلون أبنائهم للتعليم بالخارج وليس بهدف العودة بنواصى العلم الى الوطن إنما بهدف استبقاء اولادهم هناك, وتجد البعض من القادرين (رجال المال) يرسلون زوجاتهم لتضع مواليدهم هناك خلف المتوسط أو وراء الاطلنطى, وأصبحت تلك إحدى الطقوس الاعتيادية لزواجهم وربما كانت من أولويات شروط الزواج من البداية, لتخرج أجيال (هجين) نصفها مصرى (مهجور) والنصف المعلن المتباهى به (غربى ) أو (امريكى) , والأعجب أن هؤلاء الآباء يتحدثون بصفاتهم المجتمعية إعلامية كانت أو علمية جامعية أو إقتصادية عن الوطن ويتغنون بفضائل الانتماء إليه (أيها الخجل أين حمرتك؟!).
ونستكمل فى القادم ان شاء الله عن معارك (الاغتراب) ونتحدث عن الذات المنتمية للأرض والناس والذات المغتربة عن أصها, ولنبنى أركانا جديدة فى المصرى الجديد بعد اكتشافه لذاته وادراكه لامكاناته فى التغيير, وعلى الانسان ان يعيد تقيم ذاته ليرسم بيده ملامحه ليست الشكلية قط وانما الباطنة أيضا, ويعود كما كان اجداده الأصل واصحاب الفعل وليس الشبه والمفعول به!.