طباعة
sada-elarab.com/668364
فى مطلع الثلاثينيات من القرن الماضى وتقريبًا قبل 90 عامًا شدى موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب، بأغنية حب الوطن فرض على أفديه بروحي وعينيا، ووصف أمير الشعراء أحمد شوقي، شعورنا تجاه أوطاننا بقوله:
وطني لو شغلت بالخلد عنه .. نازعتني إليه في الخلد نفسي.
هذه المقولة تؤكد أنّ ثقافة الملكيّة العامة معدومة لدى العرب، وكأنها حالة انفصام، فالذي يحافظ على نظافة بيته، نفسه من يقوم باتلاف المنشآت العامة، والذى يحافظ على الطاولة فى البيت هو من يحفر اسمه على مقاعد الجامعة، والأب الذي يريد ابنه أن يحافظ على النّظام في البيت، هو نفسه الذي يرفض أن يقف في الطابور بانتظار دوره، والأم التي لا ترضى أن تُفوّت ابنتها محاضرة واحدة، هي نفسها التي تهربُ من ساعات العمل وتتسبب فى تعطيل مصالح الناس، والأخ الذي لا يرضى أن تُحدّث أخته شابًا ولو أحبها وأحبته هو نفسه الذي يُحدّث عشرات الفتيات، فالخلط بين الملكية العامة والملكية الخاصة، والخلط بين مفهوم "الوطن" ومفهوم "الحكومة" مصيبة بحدّ ذاتها..! فالحكومة إدارة سياسية لفترة قصيرة من عمر الوطن، والوطن هو التاريخ، الجغرافيا، التراب، الشجر، الفكر، الكتب، العادات والتقاليد.
ولعل ما يشهدة عالمنا العربي من وجود حدثين في غاية الأهمية عالميا وهما كأس العالم المقامة بقطر ووصول المنتخب المغربي لدور الأربعة غير كثيرا من الأفكار القديمة عن الانتماء بعدما شهدنا التفاف الجميع من المحيط للخليج حول الدولة المنظمة للبطولة قطر والتشجيع الجنونى الأشقاء المغاربة الذين ضربوا أروع الأمثلة في حب الأوطان فرغم ان القوام الأساسي للمنتخب يعيشون في أوربا ويتحدثون اللغة الفرنسية وجدنا مواقف في قمة الانتماء ففي حوار َمع صحيفة ماركا الإسبانية قال اشرف حكيمي لاعب المنتخب المغربي عندما سؤال لماذا لم تلعب للمنتخب الاسباني فقال "كانت لدي فرصة لتمثيل إسبانيا وحدثت اتصالات، وذهبت إلى المنتخب الإسباني أيضا لمحاولة ذلك مع دي لا فوينتي لمدة يومين، لكنني رأيت أنه ليس المكان المناسب لي".وفسر موقفه قائلا "لم أشعر أنني في وطني. لم يكن ذلك بسبب أي شيء على وجه الخصوص، لكن هذا ما شعرت به. لم أجد ما كنت أعيشه في المنزل: إنها الثقافة العربية، فأنا مغربي وأردت أن أكون هنا".وهنا تكمن الروعة والجمال والإنسانية نعم يا سادة إنها الثقافة العربية والأخلاق والتربية العربية التي وصفها أحد المذيعين الألمان عندما رأي اللاعب المغربي يوسف النصيري يعانق والده وبجانبه زميله جواد الياميق في نهاية مقابلة المغرب مع إسبانيا والتي انتهت بتأهل المغرب إلى دور الربع... وكذلك اللقطات الأخرى ل أشرف حكيمي و سفيان بوفال و حكيم زياش... مع أمهاتهم وعائلاتهم... بالقول: هذه المشاهد الحميمية مع العائلة لم نعد نراها في مجتمعاتنا الغربية التي تسودها الأنانية والمثـ.لية الجنـ.سية واندثار مفهوم الأسرة ودفأها وعقوق الوالدين ورميهما في الملاجئ...... العائلة وتحفيزها المعنوي وراء إنتصارات الفريق المغربي. أما نحن فجئنا لنساند المثـ.ليين ونضع أكفنا على أفواهنا بشكل مخجل، فخرجنا خالي الوفاض ومن الباب الضيق...... هم تعلموا الكرة منا وأصبحوا يتقنونها وتجاوزونا، ونحن يجب أن نتعلم الأخلاق منهم عل وعسى أن نرى يوما أمهاتنا تعانقننا يوما ما في المدرجات.
ولعل المثل الأروع ما فعلة للاعب حكيم زياش الذي يتبرع بكل مليم يحصل عليه من منتخب بلادة فكل المكافآت والمرتبات التي يتقاضاها حكيم زياش يتبرع بها للمستشفيات والجمعيات الخيرية والاكاديميات التي ترعي اللاعبين الصغار في بلدة بما في ذلك مكافأة كأس العالم الحالية والذي تصل مبلغ ٦٥٢ الف جنية إسترليني
والحقيقة التي لا شك فيها ان وصول المنتخب المغربي للمربع الذهبي بكأس العالم غير فكرة التمثيل المشرف إلى حقيقة الفوز المستحق لدى الجيل الحالي.
لذا أطالب كل من يعيش على أرض الوطن أن يذوب عشقًا في ترابه وأن يعلو من إقامة الانتماء؛ ليكون هناك انتماء حقيقي بشكل عملي محسوس في الشوارع والمنشآت العامة والبيوت، وليكن شعار هذا الولاء والانتماء "بيت نظيف شارع نظيف مدارس نظيفة منشأت عامة، ملك المواطن نظيفة جميلة" هذا هو دور المواطن أما دور الحكومة فهوحسن معاملة المواطنين وانفاذ القانون على الجميع، حتى يصل إحساس للمواطن أن المسئول دائمًا في خدمته.