اقتصاد
الطابع المتغير لسوق المركبات التجارية في دولة الإمارات
الخميس 17/نوفمبر/2022 - 11:08 ص
طباعة
sada-elarab.com/664252
دور التكنولوجيا والاستدامة في دعم نمو قطاع المركبات التجارية على مدى الأعوام الخمسة القادمة
تسهم التكنولوجيا الحديثة بإحداث تغييرات متسارعة في سوق المركبات التجارية في دولة الإمارات. وتشير توقعات المحللين في القطاع إلى أن النمو خلال الأعوام الخمسة القادمة سيكون مدفوعاً بالطلب الكبير على الشاحنات عالية الأداء، لدعم قطاعات الخدمات اللوجستية والإنشاءات وإدارة النفايات والنقل لمسافات طويلة.
وأشارت دراسة جديدة أصدرتها شركة غلاسكو للأبحاث والاستشارات لصالح معرض أوتوميكانيكا دبي إلى هذا النمو سيتماشى مع أهداف الدولة المتعلقة بالتسويق التجاري والوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية. كما تشكل المساعي الرامية لتوسيع نطاق الاستدامة، وسلاسل التوريد، والمتطلبات التنظيمية الجديدة بعض العوامل التي تسهم في دعم هذا النمو.
التوجهات المرتبطة بتقنيات الاتصال عن بعد:
برزت شاحنات فولفو كأولى المركبات التجارية المزودة بتقنية الاتصال عن بعد، وأصبحت إحدى محفزات النمو بعد الانكماش الأولي التي شهدته السوق.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال فيشال باندي، الشريك في مكتب شركة غلاسكو للأبحاث والاستشارات في دبي والتي أصدرت الدراسة: "لم تحظَ خدمات الاتصال عن بعد بقبول واسع في البداية، إذ لم يكن معظم المستهلكين على دراية كافية بهذه التقنية، ما شكّل بالإضافة إلى تكاليف تركيب أجهزة الاتصال عن بعد عقبة أساسية أمام اعتمادها".
وأتاحت تقنية الاتصال عن بعد لمالكي أساطيل المركبات التجارية إمكانية الوصول إلى بيانات مهمة مثل مواقع السائقين وأداء المركبات وحالة الأسطول. وبالمقابل، ازدادت تحفظات السائقين تجاه هذه التقنية لأنهم كانوا ينظرون إليها كأداة مثبّتة في مقصورة المركبة للتجسس عليهم، لكن سرعان ما تلاشت هذه المخاوف نهائياً.
وأضاف باندي: "ساهمت جهود التوعية وترشيد تكاليف الاشتراك ونشر الخدمة في تشجيع العملاء على استخدام تقنية الاتصال عن بعد واكتشاف منافعها الكبيرة".
وتتجاوز منافع هذه التقنية بفارق كبير الشكوك المرتبطة بها؛ حيث جاء في الدراسة: "تتيح تقنيات الاتصال عن بعد لمديري الأساطيل إمكانية مراقبة تحركات الشاحنات، إلى جانب مجموعة واسعة من المعلومات الدقيقة مثل السرعة والحمولة وجميع بيانات عدادات المركبات. كما تساعد هذه التقنية على تبسيط عمليات مراقبة استهلاك الوقود؛ فضلاً عن تشغيل المركبات بفعالية أكبر، حيث يمكن لمديري الأساطيل الوصول إلى إحصائيات دقيقة عن مسافة القيادة، وحجم الانبعاثات الكربونية، واستهلاك الوقود، بالإضافة إلى تلقي تحديثات عن حالة المركبات. كما تضم قائمة التنبيهات التي يسهل الوصول إليها التاريخ والتوقيت والموقع ومعلومات العدادات وساعات تشغيل المحرك وغيرها".
وتعد تقنيات الاتصال عن بعد حالياً عنصر تسويق أساسي بالنسبة لمصنّعي المركبات وعملائهم من مشغلي وسائل النقل والذين يقومون بدمج التكنولوجيا لتبسيط عمليات إدارة الأساطيل.
وارتفعت معدلات اعتماد هذه التقنية منذ أن أصدرت هيئة الطرق والمواصلات بدبي لائحة تنظيمية تطلب من جميع المركبات الثقيلة تركيب تقنيات الاتصال عن بعد للحد من مخاطر الحوادث المرورية، والتشجيع على عادات القيادة الآمنة، وتعزيز البنية التحتية للدولة، والتخفيف من التأثيرات السلبية المالية والبشرية والبيئية للمركبات الثقيلة.
وبدأت شاحنات إدارة النفايات التابعة لبلدية دبي الاستفادة من هذه التكنولوجيا لتبسيط عمليات جمع النفايات وإدارتها. وقال باندي: "يتم تركيب أجهزة استشعار على حاويات النفايات بمساعدة أجهزة متطورة ترتكز على تقنية إنترنت الأشياء. ويتيح هذا النظام فائق التكامل إمكانية مراقبة السائقين والمركبات، إلى جانب مراقبة حاويات النفايات ونقلها وإداراتها".
ثورة في مجال المركبات الكهربائية:
أشارت الدراسة إلى أن المركبات التجارية تشهد تطوراً مماثلاً لسيارات الركاب من حيث التحول نحو استخدام الطاقة الكهربائية بهدف تخفيض مستويات التلوث والامتثال للمتطلبات الحكومية والمعايير البيئية الصارمة.
وتستفيد سوق المركبات التجارية من الدعم الذي توفره الحكومات والمؤسسات الخاصة، إلى جانب السياسات والحوافز الحكومية الجديدة والرامية لتطوير البنية التحتية لقطاع المركبات الكهربائية في دولة الإمارات.
وقال باندي: "نظراً للمخاوف البيئية المتزايدة، تشهد سوق المركبات التجارية تحولات مماثلة لسوق سيارات الركاب من حيث الانتقال نحو اعتماد الطاقة الكهربائية بهدف الامتثال للمعايير الحكومية والبيئية. وتم بالفعل طرح المركبات الكهربائية التجارية من الفئتين الخفيفة والمتوسطة في السوق". وتشمل الأمثلة على هذا التطور شاحنة إي كانتر الكهربائية بالكامل، والتي كشفت عنها شركة ميتسوبيشي فوسو للشاحنات والحافلات خلال فعاليات إكسبو 2020 دبي؛ بينما تقدمت مجموعة بيئة في الشارقة بواحدة من أكبر الطلبيات لشراء 50 شاحنة تسلا سيمي الكهربائية فور إصدار هذا الطراز.
ويعتقد باندي بأن تحوّل دولة الإمارات للاعتماد بشكل كامل على الشاحنات الكهربائية الثقيلة سيستغرق بعض الوقت، وقال: "تشكل مواكبة الطلب على الطاقة الكهربائية من قبل الشاحنات ذات الحمولة الضخمة التي تسير لمسافات طويلة تحدياً حقيقياً. وأشار إلى أنه تم اختبار تقنيات أخرى لخفض الانبعاثات الكربونية، وأضاف: "قامت بلدية دبي منذ فترة باستبدال وقود الديزل بوقود الديزل الحيوي".
المركبات المستعملة:
وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن الطلب لا يقتصر على الشاحنات المزودة بالتقنيات المتطورة وقدرات الاستدامة العالية، حيث تشهد سوق الشاحنات المستعملة اليوم انتعاشاً كبيراً في دولة الإمارات. وقال باندي: "دفعت أزمة كوفيد-19 الشركات المصنعة ووكالات السيارات للترويج للمركبات المستعملة، إلى جانب خدمات تأجير الشاحنات". وتشكل الشاحنات المستأجرة الخيار المفضل حالياً، حيث يتطلع مشغلو أساطيل المركبات للحد من المخاطر في سوق الشاحنات الخفيفة، بينما تعد شاحنات البناء محدودة في القطاع نظراً لتراجع أدائها بعد خمسة إلى ستة أعوام، بالتالي فإنها تفقد جاذبيتها كمركبات مستعملة.
وأردف باندي: "يمكن لمشغلي الأساطيل استئجار الشاحنات لمدة أربعة أو خمسة أعوام بدلاً من شرائها. ويتم عرض هذه الشاحنات بعد هذه الفترة أمام مشتري المركبات المستعملة".
النظرة المستقبلية:
كما تقدم الدراسة نظرة متفائلة تجاه مستقبل سوق المركبات التجارية في الإمارات على المدى القصير، حيث تسعى حكومة الدولة لتنويع اقتصادها وزيادة الاستثمارات في مجالات الإنشاءات، والأغذية والمشروبات، والتصنيع، وتجارة التجزئة، والنقل. وقال باندي: "لا شك أن المركبات عالية الأداء ستثبت إمكانياتها العالية في السوق بفضل قدرتها على نقل الحمولات الضخمة.
كما ستشهد المركبات الكهربائية في سوق الشاحنات عالية الأداء بعض التقدم خلال الأعوام القليلة القادمة. وتشير التوقعات إلى أن ظهور نماذج جديدة من المركبات مع تطوراتها التقنية سيعزز نمو السوق. وستوفر شاحنات سايبر من تسلا ومركبات هامر الكهربائية بالكامل من جنرال موتورز والتطور المستمر في مركبات فولفو الكثير من القدرات خلال الأعوام القادمة. إلا أن التكاليف المرتفعة لتصنيع هذه المركبات الكهربائية على المستوى التجاري قد يشكل عائقاً أمام دخولها سوق المركبات التجارية في الإمارات بالمقارنة مع الشاحنات التقليدية".
وستكون التكنولوجيا المحرك الرئيسي للنمو مع تأثيرات غير مباشرة على قطاع خدمات ما بعد البيع للسيارات. وستشكل هذه التأثيرات إحدى محاور التركيز الأساسية خلال أوتوميكانيكا دبي، أكبر معرض تجاري دولي في الشرق الأوسط وأفريقيا لقطاع خدمات ما بعد البيع للسيارات، والذي تنظمه شركة ميسي فرانكفورت في مركز دبي التجاري العالمي بين 22 و24 نوفمبر.
ومن جهته، قال محمود غازي بيليكوزن، مدير معرض أوتوميكانيكا دبي: "شهد قطاع خدمات ما بعد البيع للسيارات في السابق تباطؤاً في اعتماد التقنيات المتطورة. واليوم، تحرص أكبر الشركات في القطاع على الاستثمار فيها للحصول على البيانات وتحليلها بهدف معرفة مدى كفاءة المركبات، ودراسة سلوكيات المستهلكين لجذب العملاء والحفاظ عليهم".
وأضاف بيليكوزن: "ستشكل الحلول الرقمية محور التركيز الأساسي في منطقة الابتكار وأكاديمية أوتوميكانيكا، والتي تجمع تحت مظلتها نخبة من قادة القطاع والمندوبين لاستكشاف أحدث التوجهات والابتكارات والمتغيرات، وبلورة فهم واضح حول مستقبل القطاع".
وتشمل قائمة الجلسات الأخرى التي تستضيفها أكاديمية أوتوميكانيكا ندوة بعنوان "دور المنتدى العالمي لتنسيق لوائح المركبات الذي تنظمه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا في النشر الآمن للمركبات الكهربائية حول العالم"، والتي يقدمها إدواردو جيانوتي، من إدارة التنقل المستدام التابعة إلى لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا - قسم لوائح المركبات وابتكارات النقل؛ وندوة "دور التقنيات الرقمية في بناء عالم التنقل الجديد"، ويقدمها آصف خان، الاستشاري في المجال الصناعي - القطاعات المستقلة في شركة ساب؛ في حين يستعد سمير باراب، الاستشاري الاستراتيجي في مجالي التنقل والنقل لدى شركة أرانكا، لتسليط الضوء على التوجه المتنامي في قطاع خدمات ما بعد البيع نحو إعادة تصنيع مكونات المركبات.