عربي وعالمي
الرئيس التونسي: العالم العربي يعيش أوضاعا صعبة تفاقمت في السنوات الأخيرة
الثلاثاء 01/نوفمبر/2022 - 09:25 م
طباعة
sada-elarab.com/662078
اكد الرئيس التونسي قيس سعيد رئيس الدورة الثلاثين للقمة العربية، أن العالم العربي يعيش أوضاعا صعبة تفاقمت في السنوات الأخيرة.
وقال الرئيس التونسي، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الحادية والثلاثين للقمة العربية بالجزائر مساء اليوم /الثلاثاء/ ،"إننا نؤسس لمستقبل افضل لمنطقتنا والأمة كلها والإنسانية جمعاء"، مضيفا أن قمة الجزائر تساهم في حل الخلافات بين الدول العربية.
وأكد إصرار القادة العرب خلال القمة على مواجهة كافة التحديات والعقبات واستشراف المستقبل لنتجاوز معا بعزيمة واحدة كل الحواجز وأسباب الخلاف .. مشيرا إلى أن وضع هذه القمة تحت شعار "لم الشمل" يختزل ما نعيشه معا من شعور بالواجب للجامعة العربية وضرورة تجاوز الأسباب التي أدت إلى الأوضاع الراهنة.
وأضاف الرئيس التونسي "إننا نلتقي في الجزائر كأخوة وأشقاء حول جملة من الحلول للاتفاق على الحد الأدنى من المقاربات والوسائل التي تتيح لنا تجاوز ما تراكم في السابق من خلافات وما استجد خلال السنوات الأخيرة من تطورات، ونستحضر بهذه المناسبة تاريخ الأمة العربية وجامعة الدولة العربية بآلامه وأمجاده".
وشدد على أنه يمكننا معالجة أسباب الفرقة معا.. تلك الفرقة التي لم تزيدنا سوى ضعفًا ووهنًا ويمكن معا أيضا أن نؤسس في إطار جامعة الدول العربية لمستقبل أفضل لمنطقتنا وللأمم كلها وللإنسانية جمعاء.
وأضاف أن الوطن العربي يعيش منذ سنوات طويلة أوضاعا صعبة وشديدة التعقيد وازدادت تفاقمًا في الأعوام الماضية.
وقال "إن الشعب الجزائري صمم على التحرر فحقق التحرر الذي أراده بدماء الشهداء الزكية الطاهرة في كل مكان ..وأننا لن ننسى أبدا امتزاج دماء الشهداء الأبرار في تونس مع شهداء أشقائنا في الجزائر ومع عدد من الأشقاء العرب في الدول العربية ومن بينها فلسطين لأننا نتقاسم الروح من أجل الحرية والعزة والكرامة كما نتقاسم مع كل أبناء الأمة العربية نفس هذه القيم التي نتطلع إلى تحقيقها" .
وتابع قيس سعيد "إن العالم العربي واجه خلال السنوات الأخيرة جملة من القضايا والأزمات المتصلة بالمنطقة وأخرى بالعالم كله ، ومن بينها وليس أقلها جائحة "كوفيد 19" التي هزت كل بقاع العالم" ، مشيرا إلى أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تفاقمت في كثير من المناطق في العالم ، فضلا عن الاقتتال الداخلي وعشرات آلاف الضحايا الذين يعيشون البؤس والفقر والحرمان أو يسقطون كل يوم نتيجة المعارك المتواصلة .
وأضاف أن بعض مدننا العربية لم تعد تذكر في نشرات الأخبار إلا مع الأحوال الجوية أو لذكر عدد الضحايا من القتلى والمصابين .
وتابع الرئيس التونسي :"إننا نعيش في عديد من المناطق حربا ضروسا في مواجهة من يريدون إسقاط الدول ولا يمكن أن نخرج منتصرين ظافرين إلا بوحدة الصف ولم الشمل والقضاء على كل أسباب الفرقة والانقسام والاتفاق على التكاتف" .
وأوضح أن تونس تسلم اليوم رئاسة القمة العربية إلى الجزائر بعد سنوات ثلاث كانت استثنائية بكل المقاييس في ظل ظرف إقليمي ودولي غير مسبوق من حيث حجم التحديات وتعدد أبعادها وتوالي الأزمات والمتغيرات والمستجدات ومن بينها جائحة"كوفيد 19" التي استنزفت منظومتنا الصحية ، وأثرت في اقتصاديات العالم كله وفي الموازنات المالية والسياسات الاجتماعية ، والحرب الروسية - الأوكرانية التي زادت من تفاقم أزمة الأمن الغذائي بالإضافة إلى جملة من الأسباب الأخرى كالتغيرات المناخية والكوارث البيئية وتنامي الصراعات وما تبعها من تنامي للإرهاب والجريمة المنظمة وشبكات الاتجار بالبشر .
ونبه الرئيس التونسي إلى أن كل هذه الأزمات أربكت العالم كله وانعكست بشكل سلبي كبير على البلاد العربية المثقلة أصلا بكثير من القضايا والمشاكل ، كما أربكت النظام العالمي القائم وأثبتت هشاشته ، ونقائصه واختلال توازناته .
وقال "إننا في حاجة إلى مفاهيم وأفكار وطرق جديدة لمنطقتنا ولدولنا ولأمتنا وللإنسانية جمعاء ، مضيفا " إننا شاهدنا في السنوات الماضية كيف انغلقت دول على ذاتها في إطار سياسات حمائية وكيف أصبحت الدول تبحث عن خلاص فردي وكيف كانت المحاولات الحثيثة لنقل العديد من القضايا الجوهرية للمعالجة في إطار تجمعات إقليمية ضيقة؛ فكأننا عدنا إلى القرن التاسع عشر حينما كانت هناك انقسامات وترتيبات حدثت في تلك الفترة" .
وتابع الرئيس التونسي"إننا في القرن الحادي والعشرين وليس في القرن التاسع عشر ومثل هذه الإجراءات أثبتت أنها غير ناجعة وغير عادلة".
وأكد أن تونس في ظل هذه التحديات لم تدخر أي جهد في أن تظل القضايا العربية في صدارة الاهتمامات وعلى جدول أعمال جميع الاستحقاقات الإقليمية والدولية وحتى الثنائية وحرصت على إعلاء الصوت العربي الموحد وسط التجاذبات وجموع الأصوات الداعية الى الاستقطاب و الانقسامات، كما أنها دعت إلى ضرورة تعزيز العمل متعدد الأطراف لأنه الإطار الأمثل لإيجاد الحلول المشتركة للأزمات الدولية.
ونوه إلى أن تونس سعت إلى أن يكون الموقف العربي حاضرا وفاعلا في بلورة أي تصور أو في تقديم أي حلول قد تطرح على المستوى الإقليمي أو على الصعيد الدولي حتى لا تكون المجموعة العربية على هامش هذه الحلول أو تصاغ على حساب مصلحتنا العربية المشتركة وقضايا أمتنا.
ولفت إلى أن تونس من منطلق ثوابت سياستها الخارجية والتزامها بالدفاع عن قضايا الحق والعدل وإعلاء مبادئ الشرعية الدولية، ستكون أمينة على هذه القضايا لأنه لا حسابات لديها سوى نصرة شعوبنا دوليا وحشد الدعم لها والتضامن معها.
وقال الرئيس التونسي " لقد حرصنا على أن تظل للقضايا العربية الموجودة على جدول أعمال الأجندة الدولية صبغتها العربية، وأن تبحث التسويات وفقا للمصلحة العربية، وذلك من خلال التأسيس لحوار دوري بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي بما يتيح المجال لفهم أعمق لقضايانا ولحشد الدعم لها وهو ما يضفى نجاعة على الدور العربي، في التعامل مع مختلف القضايا الدولية والمسائل الإنسانية وحفظ السلام ومكافحة الإرهاب ".
ولفت إلى أنه تم العمل بالتنسيق الوثيق مع مختلف الأشقاء على أن يكون الحق الفلسطيني حاضرا في جداول أعمال كل المجموعة الدولية في مختلف الاستحقاقات والمؤتمرات حتى لا تغيب فلسطين وحتى لا يغيب هذا الحق عن دائرة اهتمام أي إنسان في العالم يتوق إلى العدل والحرية.
وأكد الرئيس التونسي أنه لا سلام أو وئام إلا باستعادة الحق الفلسطيني الذي لا يمكن أن يسقط بالتقادم أبدا وإقامة دولة فلسطينية حرة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف.
ووجه الرئيس التونسي قيس سعيد ، التحية لنظيره الجزائري عبد المجيد تبون على مساعيه الحميدة لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية ولم الشمل والمساعدة على ترتيب البيت الفلسطيني.
وأضاف "سنمضي قدما نحو الترسيخ الحقيقي للمصالحة باعتبارها شرطا أساسيا لمواجهة السياسات القمعية لقوات الاحتلال وإبلاغ الصوت الفلسطيني الواحد والموحد للمجموعة الدولية والإنسانية كلها .. مشيرا إلى أنه آن الأوان للإنسانية ولكل إنسان حر في العالم أن يعمل على وضع حد لهذه المظلمة التي تستمر لأكثر من قرن من الزمان" .
ودعا الرئيس التونسي الأشقاء في ليبيا للم الشمل وتحقيق المصالحة الشاملة لأن الحل لا يمكن أن يكون ليبيا وهو ما تم التأكيد عليه في الجزائر خلال اجتماع آليات دول الجوار الليبي في شهر أغسطس 2021 وما تبعها من مشاورات دورية في تونس بداية العام الجاري .
وأكد أننا اليوم أمام لحظة فارقة من تاريخ أمتنا فرضته خطورة المستجدات والتحولات الدولية العميقة والمتسارعة التي تنبئ بتشكيل مشهد دولي جديد، لافتا إلى ضرورة تجاوز ذلك المخاض والألم لنساهم في ولادة عالم جديد يعمه الأمن وتسوده العدالة في كل مكان .
وقال "إنه لابد أن نستشرف المستقبل معا لحفظ أمننا القومي وسيادتنا واستقلالنا وتجاوز كل التحديات والاستجابة لمطالب شعوبنا "، لافتا إلى" إننا مدعوون إلى وضع رؤية جديدة تعكس الوعي بضرورة توحيد الصفوف ونبذ الانقسامات وإيجاد الحلول لأي خلاف بروح من المسؤولية العميقة .
وأوضح الرئيس التونسي أن جميع قضايانا الجوهرية ما تزال للأسف معلقة وزادت التحولات الإقليمية والدولية تعقيدا وهو الأمر الذي يجعل عملنا العربي المشترك غير قادر على التأقلم السريع والفعال مع جميع التحولات العالمية الراهنة في الوقت الذي يفترض منا المزيد من التضامن والتآزر والتكامل بناء على المبادئ والقواسم التي تجمعنا ولن تفرقنا .
وتساءل الرئيس التونسي: كيف لنا أن نطلب من الآخرين الدعم والمساندة حول قضايا نختلف نحن فيها ونفتقد فيها للرؤية الواضحة؟.
وأكد أن الوقت قد حان لتوحيد المواقف حتى تستعيد سوريا عافيتها ويستعيد اليمن سعادته وليبيا مكانتها ونستعيد نحن كأمة عربية زمام المبادرة وقيادة قضايانا، مشددا على الحاجة إلى إرادة مشتركة حقيقية لإيجاد حلول مشتركة لتجاوز كل المشكلات التي تواجهنا.