طباعة
sada-elarab.com/644676
لماذا إلى الآن ليس لدينا قناة كارتون للأطفال؟
لدينا إمكانيات تؤهلنا لذلك؛ لدينا مصممين كارتون و جرافيكس مهرة، لدينا قصص رائعة مليئة بالقيم الأخلاقية التي تصلح للطفل، لدينا أصوات رائعة تصلح للأداء الصوتي، لدينا إمكانيات إنتاجية، لدينا كوكبة من المؤلفين و المخرجين،......إلخ.
أذكر أيام الطفولة و حواديت أبلة فضيلة في الراديو و الفرحة العارمة التي كانت تجتاح الجميع بمجرد سماع المقدمة "يا ولاد....يا ولاد....تعالوا...تعالوا....علشان نسمع أبلة فضيلة" و على التلفاز الفنان الذي تربينا على أعماله الجميل عبد المنعم المدبولي؛ جدو عبده و أغاني "كاكي كاكي كاه" و "توت توت" و "أنا أنا أنا...إنا إنا إنا"...إلخ، الفنانة صفاء أبو السعود و أغنية "يا صحابي و صحباتي" التي جعلتنا نحب الصابون و المناشف و مشط الشعر، الجميلة عفاف راضي و أغنية "سوسة كف عروسة"، النجمة و الإعلامية نجوى إبراهيم و برنامج "الزهور" و "بقلظ"، الفنان فؤاد المهندس و فوازير "عمو فؤاد"، مسلسل "بوجي و طمطم"، أوبريت "اللعبة" للفنانة نيللي، برنامج "عروستي" و "عالم الكارتون" و "سينما الأطفال"...إلى أخره من الأعمال و الأغاني الرائعة و الإرث الحقيقي الذي تركه عظماء الفن لجيلنا و الأجيال التي جاءت بعدنا.
العديد من هذه الأعمال يتم عرضها على قناة ماسبيرو زمان و لكني لاحظت أن الذي يبحث عنها و يتابع هي نفسها أجيالنا و ليس جيل الأطفال الحالي، في فترة ما كانت تعرض حلقات "عالم سمسم" و كانت جميلة و لا أعلم لماذا توقفت؟! صحيح أنه لدينا قناة فضائية أيضا تدعى قناة الأسرة و الطفل و لكنها تعيد و تزيد في نفس المسلسلات الكارتونية التي أنتجت في أوائل الألفينات و لا يوجد بها جديد .
في غياب قناة خاصة بنا مخصصة للأطفال اضطررنا لترك الأطفال ليشاهدوا قنوات الدول الأخرى؛ الأجنبية منها و العربية حتى ارتبط الأطفال بها ارتباطا شديدا لدرجة سببت لنا كآباء مشاكل في التربية و التعامل مع الطفل نظرا لانفتاحه في سن صغير على ثقافات الغير و عدم قدرته على الفهم أنها ثقافات و لهجات تختلف عنه، فتجد الطفل أحيانا لا يتحدث باللهجة المصرية و يتحدث أحيانا بلهجة الدبلجة، و أحيانا أخرى تعلق في ذهنه أغنية تتسبب لك في صداع مزمن و كراهية غريبة للأكل، تخيل أنك لساعات تسمع "أنا....أنا الجزرة دوقوني لم تنسوني" أو "أنا البندورة الحمرا" أو "أنا...أنا..أنا الخيارة" و إبقى قابلني لو طقت حد يحط طبق سلطة قدامك.
الأصعب وقعا على الطفل كانت بعض القنوات الأجنبية و خصوصا التي استطاعت ترويج بعض الأفكار و السلوكيات السيئة للأطفال؛ كالعنف مثلا، أو القوى الخارقة لأبطال سيطروا على تفكير بعض الأولاد، فتجد الذي يريد أن يطير و الذي يرغب في إشعال النيران من خلال عينيه، و الأسوأ على الإطلاق هو استغلال دول الغرب لهذه القنوات لفرض الفكر والسلوك المنحرف على الصغار.
تعلم عزيزي القارئ أن أمريكا فترة أواخر السبعينات سمحت لمجموعة من أصحاب الرغبات المنحرفة و اللذين هم قوم يشبهون قوم كانوا موجودين أيام سيدنا لوط (عليه السلام) ليس فقط بالتواجد ضمن المجتمع والاعتراف بهم، لكن أيضا سمحوا لهم بالحصول على كافة الحقوق التي ضمنت لهم العيشة بفخر و اعتزاز، ليس هذا فقط بل أرهبوا الجميع بعدم السماح لأي فرد بالإساءة لمشاعرهم أو المساس بعملهم، و إمعانا في المكافأة تم في 1999م تخصيص شهر يونيو و أطلقوا عليه "شهر الفخر" للإحتفال السنوي بالمنحرفين و إعلان الدعم لهم و لحقوقهم، و إمعانا في المجاملة تم رفع مرض الإيدز من قائمة الأمراض الخطيرة حتى يتناقلوه "براحتهم"، و إمعانا في "المسخرة" سمحوا للمنحرفين بتقلد كافة المناصب التي يرغبون بها....و لشعور أمريكا بال"وكسة" و هي لا ترغب بأن تجلس "موكوسة" وحدها وسط الدول، أصرت على تصدير "الوكسة" للعالم أجمع.....هناك دول استجابت بالفعل مثل إنجلترا و فرنسا و لكن هناك عدد لا بأس به من البلدان رفضت تماما هذه "الوكسة" و سنت قوانين و عقوبات لكل من تسول له نفسه ارتكاب الفاحشة، فوجدت "الموكوسة" طريقة من أخبث الطرق لتصدير إنحرافها؛ ألا و هي الدراما و السينما و أفلام الكارتون و الأنيماشن، فيكون الطفل جالسا في أمان الله يشاهد فيلما للكارتون و فجأة يظهر أمامه علم دعم الإنحراف.
أمام هذه الهجمة الشرسة من "الموكوسة" لفرض سيطرتها و وكستها على الصغار لابد لنا من وقفة حاسمة، أينعم شعرت بالفخر الشديد بقرار مصر و دول أخرى منع عرض آخر إصدارات واحدة من أهم شركات إنتاج الكارتون بسبب التحريض على ارتكاب الفاحشة من خلال مشاهد الفيلمين، لكن لابد أيضا من إيجاد بديل يغني أطفالنا عن هذه الشركات و يلغي ارتباطهم بالغرب و يجعل لهم هوية سوية تكون فخرا للجميع بالمستقبل. لذلك أتمنى أن يكون لمصر قناة للكارتون و للطفل بشكل عام، و أتمنى من كل أب و أم أن يخبروا أبنائهم بأن مقاطعة الأفكار السيئة و رفض الإنحراف و الفواحش واجب، و أن المنع ليس سيئا بكل الأحوال بل قد يكون هذا المنع سببا في الاتجاه لصنع البديل الأحلى و الأجمل.