طباعة
sada-elarab.com/626020
قضية التقاعد في البحرين أصبحت مثل المسلسلات التركية التي لا يعلم أحد متى تصل للجزء الأخير، ففي كل عام ودورة تشريعية نجد الصندوق وهيئة التأمينات يعودان للحياة بعد أن ماتا في الأجزاء السابقة من المسلسل.
ويبدأ التقاعد يأخذ مساراً جديداً في كل مرحلة وتبدأ أفكار الانتقاص من حقوق المتقاعدين تخرج علينا وكأنها البطل الشرير في المسلسل ولا نعرف متى سيتم الخلاص منه، ومع الأسف فإنه ينتصر في مسلسلنا على غير العادة في المسلسلات العربية.
لاشك أن فكرة التقاعد المبكر التي طرحت منذ سنوات قد أثبتت فشلها وعلم الذين خرجوا متقاعدين مبكراً أنهم خسروا الرهان، وبدأنا نسمع عن وقف الزيادة السنوية 3% التي هي حق مكتسب لأصحاب الأموال لا يمكن لأحد أن ينتقصها منهم، بذريعة البعبع الإكتواري الذي يطل علينا بصورة قبيحة ليرهب ويرعب الناس كبركان يثور ويلقي بحممه على رؤوس الأحياء كلما ضعفت القشرة الأرضية.
ولا يمكن وصف وقف الزيادة السنوية إلا بأنها انتكاسة، لأن التصاعد الخطير في أسعار السلع وتضاعف الكلفة المعيشية لا يقابلها ارتفاع في دخل أدنى وأضعف فئة في المجتمع من الذين استهلكوا صحة شبابهم في خدمة الوطن ثم أتى عليهم الدهر حين فقدوا القدرة على إدارة آخر مراحلهم العمرية وبعدما استنفدوا قواهم وطاقتهم في أوقات الرخاء ولم يجدوا ثمرة جهودهم في وقت الشدة.
ولعل بعض الدول ترى في نظام التقاعد البحريني نموذجاً مثالياً وهذه حقيقة، إلا أن الواقع -غير الثابت- لهذا النظام يجعله موضع شك في قدرته على الصمود لسنوات طويلة، وهذا ما يؤكده البعبع الإكتواري.
لذلك وجب علينا أن نعيد النظر في كيفية إدارة هذا الصندوق وكذلك المسؤولين عن إدارته، خاصة وبعدما تبيّن للجميع حجم الهدر الهائل على مر السنين من أمواله سواء بسبب سوء الإدارة أو بسبب مكافآت المسؤولين عن تلك الإدارة، والعجيب في الأمر أن يكافأ المرء على سوء عمله.
النقاشات التي تدور اليوم بين المجلس التشريعي والمسؤولين في الحكومة على نسبة الزيادة السنوية وتقليص الامتيازات التقاعدية، ومحاولات البعض إيجاد نقطة التقاء بين مطالب الحكومة وتطلعات المواطنين المتقاعدين، ستنتهي بالضربة القاضية على المواطن وهو أمر لاشك فيه لأنه من سيناريوهات الدراما المعيشية، وحتماً لن ينتصر المتقاعد لعدم تكافؤ عناصر المعادلة وبذلك سوف يكون أكبر الخاسرين. وللحديث بقية.
رئيس تحرير «ديلي تربيون» الإنجليزية