طباعة
sada-elarab.com/621402
عرف توماس هوبز «العقد الاجتماعي» بأن البشر يوافقون فيه على التنازل عن حقوقهم لصالح سلطة الحكومة، وتذكرت هذه النظرية بعدما حدث لي الأسبوع الماضي، عندما عدت إلى البحرين من زيارة عمل قصيرة لدولة شقيقة، وأجريت الفحص الروتيني في تلك البلد وكذلك عند الوصول في مطار البحرين الدولي وكانت النتيجة سالبة في كلتا الحالتين والحمد لله، إلا أن الأمور تغيرت فيما بعد واكتشفت أني أصبت بفيروس كورونا.
وما أن ظهرت النتيجة حتى جاءني اتصال هاتفي من أحد العاملين بـ«مجتمع واعي» يتمنى لي الشفاء العاجل ودوام الصحة والعافية في عبارات أشعرتني بأنني مواطن ذو أهمية لدى الدولة، ثم تواصلت معي بعد ذلك طبيبة من وزارة الصحة تطمئن على صحتي، وتسألني عن الأعراض التي أعاني منها، وقد غلفت أسئلتها بعبارات جميلة ورقيقة زادت من شعوري بأن الرعاية الصحية في بلدي أصبحت «VIP»، ولِمَ لا؟ فموظفو الدولة يطمئنون على صحة الجميع بنفس الأسلوب الراقي.
ودعتني الطبيبة للحضور إلى مستشفى الشامل الميداني بعالي لأخذ جرعة من الأجسام المضادة، وطلبت مني تحديد الموعد المناسب لي.
ذهبت في اليوم التالي إلى المستشفى وهناك وجدت الاستقبال والترحيب والعناية والرعاية الفائقه. والجميل في الأمر وجدت على السرير المجاور شخصاً آسيوياً وفي السرير المقابل الآخر عربياً ومواطنين هنا وهناك، وقد اختلط الجميع تحت مظلة تلقي علاج دون الاعتبار للجنسية. كما علمت أن جرعة الأجسام المضادة مكلفة جداً، تمنح مجاناً لكل إنسان مريض فوق سن الخمسين دون النظر لجنسيته.. إنها البحرين يا قوم.. بلد الأمن والأمان.. بلد الكرام!
وفي اليوم التالي تلقيت اتصالاً من طبيبة تطمئن على صحتي وما إذا كانت هناك أي أعراض، فأبلغتها بأنني بخير والحمد لله، اللهم شعور بوجود احتقان في البلعوم لا يرقى لمرتبة السعال، فطلبت إرسال أحد الأشخاص لأخذ علاج طارد للبلغم، وفعلت.
في الأيام التالية كنت أتلقى اتصالاً يومياً يطمئن على صحتي حتى أنهم تجاوزوا الأصدقاء والأقرباء في تكرار السؤال عني، ومازالوا يطمئنون حتى تعافيت والحمد لله.
لا شك أن التجربة الشخصية لها دور كبير في ترك بصمة في تغيير معتقدات وتكوين شخصية الفرد، ولقد عززت تجربتي مع «كورونا» مفهوم «العقد الاجتماعي» الذي تناوله الكثير من الباحثين السياسيين منذ القرن الخامس عشر، واكتشفت حقيقته في حرص الدولة على صحة كل إنسان يعيش على أرضها.
وحتى لو كانت مصيبتي في صحتي، إلا أنه من الأهمية بمكان تثمين الجهود وتقدير النعم التي أنعمها الله علينا بهذا الوطن الكريم وهذه القيادة الحكيمة الرشيدة وهؤلاء المسؤولين والموظفين الذين يجسدون بأفعالهم معنى كلمة البحرين وطن يستحق منا أن نحافظ عليه ونصونه.
رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية