اقتصاد
توقعات الدولار الأمريكي حتى نهاية العام الجاري 2021
الإثنين 01/نوفمبر/2021 - 06:15 م
طباعة
sada-elarab.com/611428
حصل الدولار الأمريكي على مكاسب كبيرة أمام اليورو بأكثر من 4% منذ بداية هذا العام حتى الآن، مدعومًا من التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة ومعدلات التضخم المتزايدة، وعلى ما يبدو أن البنك الاحتياطي الفيدرالي يستعد للبدء في تقليص سياسته النقدية التحفيزية قبل البنك المركزي الأوروبي، الأمر الذي من شأنه سيعطي دفعة أخرى للدولار الأمريكي خلال الباقي من هذا العام.
أداء الدولار الأمريكي طوال وباء كوفيد 19
تعززت عمليات شراء الدولار الأمريكي في ظل المخاوف المتصاعدة من وباء فيروس كورونا وزيادة التدفقات على شراء الدولار كأفضل ملاذ آمن، مما دفع معدل زوج اليورو / الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له في عامين عند 1.0657 في شهر مارس 2020.
ومع التحسن التدريجي في التوقعات الاقتصادية العالمية، توجه المستثمرون الى الاستثمار في سوق العملات الأجنبية والاقبال على شراء العملات ذات المخاطر العالية وابتعدوا عن شراء العملة الأمريكية مما أدي إلى تراجع قيمتها بشكل تدريجي، لتبدأ عام 2021 عند أضعف مستوى لها مقابل اليورو منذ أبريل 2018،وتم تداول زوج اليورو / الدولار الأمريكي في نطاق 1.2300 في بداية شهريناير 2021، بعد تعافيهبأكثر من 15 % من أدنى مستوى له في منتصف مارس 2020.
وعلى مدار عام 2021 حتى الآن تعزز الدولار الأمريكي بشكل مطرد، وذلك معتزايد الرهانات على أن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في كبح جماح الدعم النقدي وتشديد سياسته التيسيرية،لينخفض زوج اليورو / الدولار الأمريكي منذ ذلك الحين من أعلى مستوى له في يناير من العام عند 1.2310 دولار حتى بداية شهر أكتوبر الجاري عند 1.1530 دولار وهو أدنى مستوى له في 15 شهر.
لماذا تم تعزيز الدولار الأمريكي؟
كان أداء الدولار الأمريكي قويًا مقابل أغلب العملات الرئيسية منذ بداية العام حتى الآن، بدعم من تعافي الاقتصاد الأمريكي بشكل قوي من جائحة فيروس كورونا.
في 20 يناير 2021 تم تنصيب سيناتور ديلاوير ونائب الرئيس السابق لباراك أوباما "جو بايدن" رئيسًا للولايات المتحدة رقم 46،وقد اتخذت الادارة الجديدة مسارًا مختلفًا من أجل الخروج من أزمة فيروس كورونا، والتي تضمنت برنامج سريع لتطعيم لقاح فيروس كورونا من أجل دعمالاقتصاد، بالإضافة إلى مساعدة الشركات للتعافي واعادة أنشطتها بسرعة نسبيًا مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى.
هذا وقد سجل الاقتصاد الأمريكي انكماشًا في عام 2020 بنحو 3.5% على أساس سنوي بسبب جائحة فيروس كورونا، ومع بداية 2021 حقق الاقتصاد انتعاشًا ملحوظًا، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة خلال الربع الثاني بنحو 6.7% على أساس سنوي بعد تحقيقه ارتفاعًا بنحو 6.3% على أساس سنوي خلال الربع الأول.
في حين أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث لم تصدر بعد، إلا أن أحدث مؤشر لمديري المشتريات في قطاع الخدمات والتصنيع (PMI) لا يزال مشجعًا، الأمر الذي يشير إلى أن الانتعاش الاقتصادي يمضي على نحو جيد وخطي معتدلة في الوقت الحالي.
في الوقت نفسه، تظل بيانات سوق العمل الأمريكية في محط اهتمام البنك الاحتياطي الفيدرالي، هذا وقد أوضح أحدث إصدار من بيانات الوظائف بالقطاع غير الزراعي حدوث تباطؤ حاد في الوظائف المضافة، وعلى الرغم من ذلك، إلا البنك الاحتياطي الفيدرالي متفائل بالتقدم الذي تم احرازه في قطاع العمل.
علاوة على ذلك، وفقًا لاستطلاع فرص العمل في الولايات المتحدة والعمالة (JOLTS)، يوجد حاليًا أكثر من 10 ملايين وظيفة شاغرة يتعين توظيفها،في اشارة إلى أن أي تباطؤ في سوق العمل لا يرتبط بتراجع الطلب.
التضخم وأسعار الفائدة
بمجرد اعادة فتح الاقتصاد وبدء التعافي الاقتصادي بدأ التضخم وفقًا لمؤشر أسعار المستهلك (CPI) في الصعود التدريجي، وظل مرتفعاً منذ ذلك الحين حتى الآن، ففي شهر سبتمبر الماضي حقق مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعًا بنسبة 5.4% متجاوزًا الرقم المستهدف من البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يبلغ 2%.
وفي نفس الوقت، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 4%، تتضافر الآن اضطرابات سلسلة التوريد وأزمة الطاقة العالمية ونقص العمالة، مع تأثير زيادة الضغوط التضخمية.
مع ارتفاع التضخم في بداية العام كانت رسالة البنك الاحتياطي تجاهه ثابتة وهو أن الارتفاع التضخمي الحالي هو أمر مؤقت،ولكنه قال مؤخرًا أن فرض قيود على المعروض سيستغرق وقت أطول لحل هذه الأزمة، في الوقت نفسه، أشار مسؤولي السياسة النقدية أن الاقتصاد الأمريكي في وضع جيد للبدء في سحب البرنامج التحفيزي بشكل تدريجي هذا العام.
مع انخفاض أسعار الفائدة لدى المستثمرين، تحول الاهتمام الآن إلى الوقت الذي يمكن أن يتطلع فيه البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى البدء في رفع أسعار الفائدة، خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) خلال شهر سبتمبر تبنى البنك مخطط النقطة الفيدرالي ( وهو الرسم البياني الذي يستخدمه للإشارة إلى توقعاته لمسار رفع أسعار الفائدة)اتجاهًا أكثر تشددًا.
يُظهر المخطط الآن أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي منقسمون بالتساوي حول ما إذا كانوا سيبدأونفي رفع أسعار الفائدة في أقرب وقت في العام المقبل أم لا.
يقوم السوق بتسعير قيام البنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في شهر سبتمبر من العام المقبل 2022، ولكنفي حال استمرار أزمة الطاقة في التصاعد واضطرابات سلاسل التوريد ونقص العمالة، فقد يُجبر البنك الاحتياطي الفيدرالي على التحرك سريعًا، الأمر الذي قد يساهم في رفع قيمة الدولار الأمريكي.
في الجهة المقابلة، إذا بدأ النمو الاقتصادي في التباطؤ بشكل كبير نتيجةلنفس هذه الرياح المعاكسة، فقد تتراجع التوقعات بتشديد البنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية، مما قد يؤدي إلى انخفاض الدولار.
أين من المحتمل أن يكون التالي بالنسبة للدولار الأمريكي؟
يرى المحللون أن أداء الدولار الأمريكي مدعوم بالسياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي، الذييتجه حاليًا إلى سياسة أكثر تشددًا في الوقت الحالي، ويتوقع البعض أن يقوم البنك برفع أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.
يقول أحد المحللين أنه من المرجح أن تظل معدلات التضخم أكثر ثباتًا، خاصة مع القيود على سلاسل التوريد المستمرة ونقص العمال واختناقات الإنتاج الأخرى التي من غير المرجح أن تخف بشكل ملحوظ قبل نهاية هذا العام، ومع ظهور علامات التراجع في موجة كوفيد 19 الأخيرة، من المرجح أن يحدث نمو اقتصادي سريع خلال الربع الرابع، والذي بدوره سيؤدي إلى دعم المزيد من أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي لرفع سعر الفائدة في 2022 في تحديث توقعات ديسمبر.
ويتوقع المحللون أن يضعف الدولار الأمريكي قليلاً وأن يرتفع زوج اليورو / الدولار الأمريكي خلال الربع الأخير من هذا العام إلى 1.17 دولار، كما أنهم يعتقدون أن يقوى الدولار الأمريكي خلال عام 2022 مع انخفاض اليورو / الدولار الأمريكي إلى 1.10 بحلول نهاية العام المقبل، قبل أن يرتفع في النهاية مرة أخرى بحلول الربع الرابع من عام 2023.
من المقرر أن يكتسب الدولار الأمريكي المزيد من القوة مع نهاية العام خاصة مقابل اليورو، وذلك بسبب الاختلاف في توجهات السياسة النقدية، فالبنك الاحتياطي الفيدرالي في طريقه لتقليص مخطط شراء السندات وهو أكثر قلقًا بشأن التضخم .
بينما يصر البنك المركزي الأوروبي على أن زيادات الأسعار مؤقتة ويخطط لاستبدال برنامج جديد لشراء الديون، يتضاءل تفوق أوروبا على أمريكا عند التعامل مع كوفيد، حيث تنخفض الحالات في الولايات المتحدة وتتزايد اللقاحات، بشكل عام زوج اليورو/ الدولار الأمريكي لديه مجال لتوسيع انخفاضه.