اقتصاد
تصاعد معركة ضريبة الأرباح الرأسمالية بين المستثمرين
الثلاثاء 26/أكتوبر/2021 - 07:36 م
طباعة
sada-elarab.com/610380
شهدت السوق المحلية، خلال الآونة الأخيرة، تجدد الجدل بشأن الضريبة على الأرباح الرأسمالية بالبورصة والمقرر البدء فى تطبيقها مطلع العام المقبل 2022 بعد أن تم تجميدها لمدة 3 سنوات وفقا للقانون الحاكم لها.
وبينما قال أحد مديرى محافظ الاستثمار فى البورصة المصرية إن أزمة البورصة ليست فى مسألة سداد الضرائب، ولكن تكمن الأزمة، حسب قوله، فى الأكواد السرية التى يديرها من يتحكمون فى اتجاهات البورصة ويستخدمون الآخرين أدوات. وبالتالى فإن فكرة فتح ملفات ضريبية لهؤلاء ستفضح من يديرون هذه الأكواد.
فى المقابل أوضح إيهاب سعيد، الخبير المالى وعضو مجلس إدارة البورصة السابق، أن مجتمع سوق المال أو شركات الوساطة بشكل خاص يبحثون بالأساس عن المصلحة العامة للدولة وليس كما يشاع أنهم يبحثون عن مصالح شخصية ضيقة.
وقال سعيد، إن موضوع ضريبة الأرباح الرأسمالية، والذى ظهر لأول مرة فى عام 2014 بالقانون 53 لسنة 2014 ولائحته التنفيذية رقم 172 لسنة 2015.
أضاف سعيد: ما هى إلا شهور قليلة من تنفيذ القانون إلا وبدأت المشاكل تظهر بجلاء، لاسيما مع الأجانب الذين تخارجوا من السوق بشكل متسارع بسبب أزمة المالك المسجل والمالك المستفيد واستحالة تطبيق الضريبة الرأسمالية عليهم باعتبارها تحاسبهم ضريبيا فى نهاية العام المالى، وهو ما لا يتماشى مع سياستهم قبل عملائهم.
وخلال تلك الفترة شهدت السوق، وفقا لسعيد، انهيارا حادا، ليقوم الرئيس بإعلان تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة 3 سنوات بداية من مايو 2017 على هامش قرارات المجلس الأعلى للاستثمار مع 16 قرارا آخر تبعها تحرير سعر الصرف وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولى.
ولجأت الحكومة فى تلك الفترة لتطبيق ضريبة دمغة بواقع 1.25 فى الألف على مدار تلك السنوات الثلاث المؤجل فيها القانون، على أن تصل الضريبة فى نهاية العام الثالث إلى 1.75 فى الألف.
تابع عضو مجلس إدارة البورصة السابق: وما إن وصلنا فى عام 2018 إلى 1.5 فى الألف تصل إلى 3 فى الألف بيعا وشراء إلا وانهارت السوق تماما من أعلى مستوى وصلت إليه وفقدت التأثير الإيجابى لتحرير سعر الصرف وتوقيع اتفاقية صندوق النقد، لتصل قيم وأحجام التعاملات إلى قرابة 300 مليون جنيه فقط يوميا .
لاسيما أن الضريبة تطبق بيعا وشراء على كافة العمليات بما فيها العمليات التى تتم فى ذات الجلسة مما رفع تكلفة التداول إلى مستويات قياسية غير موجودة بأى سوق بالعالم. الأمر الذى دفع وزارة المالية وقتها لإيقاف المرحلة الثالثة من الضريبة والتى كان من المفترض أن تصل إلى 1.75 فى الألف، وأرسلت المقترح لمجلس الشعب الذى وافق بدوره عليه.
ومع تصاعد الأزمة طلب أطراف السوق سرعة لقاء رئيس الوزراء لإنقاذ الموقف وإعادة الحياة للسوق التى ماتت إكلينيكيا وقتها، وبالفعل استجاب رئيس الوزراء وتم عقد لقاء موسع وقتها ضم رئيس مجلس إدارة البورصة والجمعية المصرية للأوراق المالية ونائبه ونائب رئيس هيئة الرقابة المالية ووزير قطاع الأعمال ووزير المالية ونائبه.
أضاف إيهاب سعيد: بعد مفاوضات استمرت قرابة الثلاثة أشهر استجابت وزارة المالية لجزء من مطالب السوق التى تقدم بها وقتها وأبرزها التفرقة بين المقيم وغير المقيم فى المعاملة الضريبية وخفض ضريبة الدمغة للمقيم (مصرى أو أجنبى) إلى نصف فى الألف بدلا من 1.5 فى الألف وخفضها كذلك على غير المقيم (مصرى أو أجنبى) إلى 1.25 فى الألف بدلا من 1.5 فى الألف، وذلك لاستحالة تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية عليهم.
وإلغاء ضريبة الدمغة نهائيا على التعاملات التى تتم فى ذات اليوم سواء للمقيم أو غير المقيم وخفض ضريبة التوزيعات النقدية إلى 5% بدلا من 10% كنوع من تحفيز الشركات على القيد بالبورصة. والموافقة على استمرار تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية مع الوضع فى الاعتبار أن مطلب السوق وقتها كان التأجيل لمدة ثلاث سنوات لحين تحسن أوضاع السوق وإتاحة الفرصة للحكومة لطرح شركاتها بالبورصة .
ورفضت الوزارة، وفقا لسعيد، بقية المطالب التى كانت تتعلق بوضع حوافز ضريبية للشركات المقيدة، وغيرها، لتحسين وضع السوق واكتفت فقط بما تم إقراره. وأرسلت المقترح بقانون إلى مجلس الشعب وبالفعل صدر القانون 199 لسنة 2020 فى أغسطس 2020 - أى بعد الاجتماع مع الوزير بسنة وثلاثة أشهر- بما يعنى أن السوق لم تستفد من تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية سوى لمدة عام وثلاثة أشهر فقط وليس ثلاث سنوات، حسب قوله.
تابع: نظرا لأزمة الكورونا التى عصفت بالاقتصادات العالمية عجزت الدولة عن طرح أى من شركاتها خلال تلك الفترة القصيرة ولم تستفد السوق بطبيعة الحال شأنها شأن الاقتصادات العالمية التى عانت جراء أزمة الكورونا.
وطالب سعيد بضرورة عقد اجتماع مع وزارة المالية للنظر فى استمرار تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين على أقل تقدير لحين استقرار وضع السوق وتعافى الاقتصاد من أزمة الكورونا، وتكون الدولة خلال تلك الفترة قد نجحت فى طرح بعض شركاتها المزمع طرحها.
وتفرض ضريبة الأرباح فقط فى حال تحقيق صافى أرباح فى نهاية العام، وهى فى الحقيقة أقل تكلفة على المستثمر، سيما وهو لن يكون مطالبا بأى ضرائب إلا فى حالة تحقيق الربح، وبالتالى سيكون عائدها أقل كحصيلة للوزارة، ولا أدل على هذا من أن مجرد الحديث عنها أفقد السوق كافة مكاسبها منذ بداية العام فى 5 جلسات فقط! على عكس ضريبة الدمغة التى تفرض على عمليات البيع والشراء بعيدا عن المكسب أو الخسارة وهو الأمر الذى يعنى استمراريتها كحصيلة للدولة ولكن بتكلفة أعلى على المستثمر، ومع هذا فالمستثمر قد تعامل مع هذه الضريبة كجزء من تكلفة التداول لاسيما بعد خفض الهيئة والبورصة والمقاصة لمصاريفها مما عوض جزءا من هذه التكلفة.
واقترح إيهاب سعيد استمرار تطبيق ضريبة الدمغة بوضعها الحالى دون تغيير أو تعديل، فالسوق لن تتحمل أى تعديل بتلك الضريبة، والتجربة أثبتت ذلك عامى 2017- 2018، مع استمرار تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية لحين استقرار وضع السوق وتجاوز أزمة الكورونا وطرح بعض الشركات الحكومية.
أضاف: الواقع والتجربة أثبتتا أن ضريبة الدمغة كحصيلة أعلى من تلك الأرباح الرأسمالية وفى نفس الوقت أقل ضررا على السوق ولا يرفضها المستثمر رغم عدم عدالتها، إلا أن المستثمر حريص على المشاركة الضريبية ولذا لا يمانع من استمرار تطبيقها.
من جانبه قال أحد مديرى محافظ الاستثمار فى البورصة إن أزمة البورصة المصرية ليست فى مسألة دفع الضرائب، لكنها تكمن، حسب قوله، فى الأكواد السرية التى يديرها من يتحكمون فى اتجاهات البورصة ويستخدمون الآخرين أدوات. معربا عن أعتقاده بأن هناك 100 أو 150 كود. مضيفا أن فكرة عمل ملفات ضريبية لها ستكشف أمر من يديرون هذه الأكواد.
أضاف: من يديرون هذه الأكواد هم من يحركون السوق حاليا للضغط لإلغاء أو تأجيل الضريبة أو حتى تعديل آلية تنفيذها للوصول لطريقة لعدم كشفهم. لاسيما أن ضريبة الأرباح الرأسمالية يتبقى على تطبيقها 4 شهور.
وطالب أيمن صبرى، نائب رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، باستمرار تأجيل أو إلغاء قانون الضريبة على الأرباح الرأسمالية بالبورصة لمدة 7 سنوات مقبلة حتى تتعافى السوق.
وقال هانى أبوالفتوح، الخبير الاقتصادى والمالى المعروف، إن تنمية موارد الدولة من الحصيلة الضريبية هو أمر مقبول بصفة عامة ويطبق فى جميع الدول بعد إجراء دراسات مستفيضة والتحقق من أن الضريبة عادلة ولن تضر بالمستثمرين أو بالنشاط الاقتصادى. ولكن تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة يبدو أن العائد منه لا يوازى الآثار السلبية فى ظل ما تعانيه البورصة المصرية من ضربات قاسمة متتالية، ما أفقدها بريقها وكبد المستثمرين خسائر طائلة لن يتمكنوا من تعويضها.
أضاف أبوالفتوح: بينما تم الإعلان عن مبادرات لتنشيط البورصة منذ اندلاع جائحة كورونا، تحمل هذه الضريبة فى طياتها رسالة عكسية تقوض الجهود لإنعاش البورصة.
وحسب أبوالفتوح يتبادر السؤال فى ذهن المستثمرين فى البورصة والعاملين فى قطاع الأوراق المالية: هل آلية التطبيق محكمة وقابلة للتنفيذ دون مشاكل؟ هل أوضاع البورصة وأحجام التداول وغياب الطروحات الجديدة تسمح بمزيد من الأعباء، ما يجعل الاستثمار فى البورصة خيارا غير مشجع؟ هل تتراجع القيمة السوقية للشركات مع الانخفاضات المتتالية للتداولات بسبب أحجام المستثمرين عن ضخ أموال جديدة أو الخروج من السوق؟. كل هذه التساؤلات وغيرها تحتاج إجابة واضحة. لذا أقترح إعادة النظر فى هذه الضريبة تحت قبة البرلمان والخروج بتعديل يضمن الحفاظ على مصالح المستثمرين فى البورصة وفى ذات الوقت حفظ حق الدولة فى تنمية إيرادها من الضرائب. وفى النهاية اكتفى الدكتور محمد معيط، وزير المالية، فى، بالقول إن قانون الضريبة على الأرباح الرأسمالية فى البورصة سارٍ، وأضاف أن أى تغيير يحتاج إلى قانون جديد.